اسماء بنت عميس( صاحبة الهجرتين)
اسماء بنت عميس بن معد بن تميم بن الحارث بن كعب بن مالك بن قحافه
وتكني بام عبد الله . احدي الاخوات المؤمنات الاربع اللاتي حصلن على
وسام الايمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال:
( الاخوات الاربع مؤنات : ميمونه وام الفضل وسلمى واسماء).
اسلمت قبل ان يدخل المسلون دار الارقم بن ابي الارقم وهي زوجه الصحابي
البطل جعفر بن ابي طالب رضي الله عنه صاحب الجناحين كما يلقبه رسول
الله فقد كان صلى الله عليه وسلم اذا اراد ان يسلم على عبد الله بن
جعفر قال:
( السلام عليك يا ابن ذي الجناحين).
كانت اسماء من المهاجرات الاول , فهاجرت مع زوجها جعفر الى الحبشه وذاقت
مراره الغربه القاسيه ولوعتها وكان زوجها خطيب المسلمين امام ملك الحبشه
النجاشي انذاك.
وفي ارض الغربه ولدت لزوجها جعفر ابناءه الثلاثه : عبد الله ومحمد وعونا
وكان ولدها عبد الله شبيها بابيه جعفر وابوه شبيها برسول الله فكان ذلك
يسعدها ويحرك مشاعر الشوق عندها لرؤيه النبي فقد كان صلي الله عليه وسلم
يقول لجعفر اشبهت خلقي وخلقي).
ولما امر النبي المهاجرين بالتوجه الى المدينه كادت اسماء تطير من الفرح
فها هو الحلم قد تحقق وصار للمسلمين دولتهم فسيكونوا جنودا في جيش الاسلام
لنشر دعوته واعلاء كلمه الله.
وهكذا خرجت اسماء رضي الله عنها مع الركب في هجرته الثانيه من ارض الحبشه
الى المدينه وما ان وصل الوفد المهاجر الى المدينه حتي سمع المسلمون
بسقوط خيبر وانتصار المسلمين وارتفع التكبير من كل مكان فرحا بانتصار
الجيوش وبعوده المهاجرين من الحبشه.
ويتقدم جعفر من الرسول فيتلقاه بالبشر ويقبل جبهته ثم يقول :
( والله ما ادري بايهما افرح بفتح خيبر ام بقدوم جعفر).
ودخلت اسماء على حفصه بنت عمر تزورها فدخل عمر على حفصه واسماء عندها
فقال عمر حين راي اسماء من هذه؟
قالت: اسماء بنت عميس.
قال عمر: هذه الحبشيه البحريه؟.
قالت اسماء : نعم.
قال عمر: سبقناكم بالهجره فنحن احق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم.
وغضبت اسماء ولم تتمالك نفسها فقالت: كلا والله كنتم مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم وكنا في دار اوفى ارض البعداء
والبغضاء بالحبشه وذلك في الله وفي رسوله صلي الله عليه وسلم.
وسكتت هنيهه ثم تابعت:
وايم الله لا اطعم طعاما ولا اشرب شرابا حتي اذكر ما قلت لرسول الله صلي
الله عليه وسلم ونحن كنا نؤذي ونخاف وساذكر ذلك لنبي صلي الله عليه وسلم
واساله والله لا اكذب ولا ازيغ ولا ازيد عليه.
فلما جاء النبي صلي الله عليه وسلم قالت له اسماء:
يا نبي الله ان عمر قال كذا وكذا.
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فما قلت له؟
قالت: قلت له: كذا وكذا.
فقال عليه افضل الصلاه والسلام ليس باحق بي منكم وله ولاصحابه هجره
واحده ولكم انتم اهل السفينة هجرتان).
وغمرت السعاده قلب اسماء بشهاده النبي وشاع خبر حديث رسول الله بين الناس
وبدأ الناس يفدون على اسماء يستوضحون الخبر فتقول اسماء:
فلقد رأيت ابا موسي واصحاب السفينه يأتوني ارسالا يسألوني عن هذا الحديث
ما من الدنيا شيء هم به افرح ولا اعظم في انفسهم مما قال لهم النبي صلى
الله عليه وسلم.
ولما توجه جيش المسلمين الى الشام كان من بين امرائه الثلاثه زوج اسماء
جعفر وهناك في ارض المعركه اختاره الله من بين العديد من الجيش ليفوز
بالشهاده في سبيل الله.
وياتي رسول الله الى بيت اسماء ويسال عن الصبيان الثلاثه فيضمهم اليه
ويشمهم ويسمح رؤوسهم وتذرف عيناه الشريفتان بالدموع.
فقالت له اسماء والجزع قد ملأ كيانها:
بأبي انت وامي ما يبكيك؟ ابلغك عن جعفر واصحابه شيء؟
قال: نعم اصيبوا هذا اليوم.
ولم تتمالك اسماء نفسها من البكاء فواساها صلي الله عليه وسلم وقال
لها تسلبي ثلاثا ثم اصنعي ما شئت).
ثم قال عليه الصلاه والسلام لاهلهاصنعوا لاهل جعفر طعاما فانه قد جاءهم
ما يشغلهم).
ولم يكن للمراه المؤمنه الا ان تجفف الدموع وتصبر وتحتسب عند الله الاجر
العظيم بل باتت تتمني ان تكون مع زوجها لتفوز بالشهاده مثله وخاصه عندما
سمعت احد رجال بني مره بن عوف يقول وكان في تلك الغزوه والله لكأني انظر
الى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء ثم عقرها ثم قاتل حتي قتل وهو يقول:
ياحبذا الجنه واقترابــها طيبه وباردا شرابها
والروم روم قد دنا عذابها كافره بعيده انابها
ثم اخذ اللواء بيمينه فقطعت فاخذه بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتي
قتل رضي الله عنه.
وتدرك اسماء رضي الله عنها معنى قول الرسول لولدها:
( السلام عليك يا ابن ذي الجناحين).
فقد ابدله الله عن يديه المقطوعتين جناحين يطير بهما حيث شاء.
وتنكب الام الصالحه الصابره على تربيه اطفالها الثلاثه وتنشئهم على
الاقتداء بسيره ابيهم الشهيد الطيار وطبعهم بطابع الايمان .
ولم تمض فتره طويله حتي يتقدم ابو بكر رضي الله عنه خاطبا لاسماء
وذلك بعد وفاه زوجته ام رومان رضي الله عنها.
ولم يكن لاسماء ان ترفض مثل الصديق وهكذا انتقلت الى بيت الصديق لتستلهم
منه المزيد من نور الحلق والايمان ولتضفي على بيته الحب والوفاء.
وبعد فتره الزواج المبارك من الله عليهما فرزقت منه بولد وهي بذي
الخليفه وهم يريدون حجه الوداع فامرها ابو بكر ان تغتسل ثم نهل بالحج
بعد ان سال رسول الله عن ذلك.
ثم شهدت اسماء من الاحداث الجسام الكثير والكثير وكان اشدها وفاه سيد
ولد ادم وانقطاع الوحي من السماء.
ثم شهدت زوجها ابا بكر خليفه المسلمين وهو يواجه اعضل المشكلات يومئذ
كقتال المرتدين وما نعي الزكاه وبعث جيش اسامه وكيف وقف كالطود لا
يتزحزح ولا يتزعزع وكيف نصر الله المسلمين بتلك المواقف الايمانيه الجريئه.
وكانت اسماء تسهر على راحه زوجها وتعيش معه بكل مشاعرها حامله معه عبء
الامه الكبير.
ولكن ذلك لم يدم طويلا فقد مرض الخليفه الصديق واشتد عليه المرض واخذ
العرق يتصبب من وجنتيه فاحس بشعور المؤمن الصادق بدنو اجله فسارع
بوصيته وكان من جمله ما اوصي به: ان تغسله زوجته اسماء بنت عميس رضي
الله عنها وكما عزم عليها ان تفطر قائلا لها: هو اقوى لك.
وشعرت اسماء بقرب الفاجعه فاسترجعت واستغفرت وهي لا تميل بنظرها عن وجه
زوجها الذي علاه الذبول الى ان اسلم الروح الى بارئها فدمعت العين وخشع
القلب ولكنها لم تقل الا ما يرضي الرب تبارك وتعالى فاحتسبت وصبرت.
ومن ثم قامت بالمهم التي طلبها منها زوجها الفقيد حيث كانت محل ثقته
فبدات بتغسيله وقد اضناها الهم والحزن فنسيت وصيته الثانيه فسالت من حضر
من المهاجرين قائله: اني صائمه وهذا يوم شديد البرد فهل على من غسل؟
فقالوا: لا.
وفي اخر النهار وبعد ان وري جثمان الصديق تذكرت اسماء وصيه زوجها الثانيه
فقد عزم عليها ان تفطر فماذا عساها تفعل الان؟ فالوقت اخر النهار وماهي
الا فتره وجيزه وتغيب الشمس ويفطر الصائم.
فهل تستجيب اسماء لعزيمه زوجها ؟ ام تنتظر لحظات؟
ان الوفاء للزوج ابى عليها ان ترد عزيمه زوجها الراحل فدعت بماء وشربت
وقالت: والله لا اتبعه اليوم حنثا.
ولزمت اسماء بيتها ترعي اولادها من جعفر ومن ابي بكر الصديق وتحدب عليهم
سائله الله ان يصلحهم ويصلح بهم ويجعلهم للمتقين امام وهذا غايه ما كانت
ترجوه من دنياها غير عالمه بما يفاجئها من القدر المكنون في علم الله.
فها على بن ابي طالب رضي الله عنه اخو جعفر الطيار ذي الجانحين يتقدم
لاسماء طالبا الزواج منها وفاء لاخيه الحبيب جعفر ولصاحبه الصديق رضي الله
عنهما.
وبعد تردد وتقليب للامور من كل جوانبها قررت الموافقه على الزواج من على
لتتيح له بذلك الفرصه لمساعدتها في رعايه اولاد اخيه جعفر.
وانتقلت معه الى بيته بعد وفاه فاطمه الزهراء رضي الله عنها فكانت له خير
الزوجه الصالحه وكان لها خير الزوج في حسن المعاشره وما زالت اسماء ترتفع
وتسمو في عين على رضي الله عنه حتي اصبح يردد كل مكان:
( كذبتكم من النساء الحارقه فما ثبتت منهن امراه الا اسماء بنت عميس).
ويكرم الله عليا ويرزقه الولد من اسماء فولدت له يحيى وعونا وتمر الايام
ويشاهد على منظر غريبا ولدا لاخيه جعفر يتشاجر مع محمد بن ابي بكر وكل
منهما يتفاخر على الاخر ويقول: انا اكرم منك وابي خير من ابيك.
ولم يدر على ماذا يقول لهما؟ وكيف يصلح بينهما بحيث يرضي عواطفهما معا؟؟
فما كان منه الا ان استدعى امهما اسماء وقال لها: اقضي بينهم.
وبفكر حاضر وحكمة بالغه قالت: ما رايت شابا من العرب خيرا من جعفر
ولا رايت كهلا خيرا من ابي بكر.
وهكذا انتهت الماشاجره وعاد الصغيران الى التعانق واللعب ولكن عليا
المعجب بحسن القضاء بين الاولاد نظر في وجه زوجته العاقله قائلا: ماتركت
لنا شيئا يااسماء!!
وبذكاء حاد وشجاعه نادره وداب جم قالت:
ان ثلاثه انت اخسهم خيار
ولم يستغرب على مقاله زوجته العاقله فقال لها بكل شهامه ومروءه نادره:
لو قلت غير الذي قلت لمقتك.
واختار المسلمون على خليفه بعد عثمان بن عفان رضي الله عنه واصبحت اسماء
للمره الثانيه زوجا لامير المؤمنين رابع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم
اجمعين..
وكانت اسماء على مستوى المسؤوليه كزوجه لخليفه المسلمين اما الاحداث
العظام فدفعت بولديها عبد الله بن جعفر ومحمد بن ابي بكر الى جانب ابيهما
لنصره الحلق.
ثم ما لبثت طويلا حتي فجعت بولدها محمد بن ابي بكر وكان اثر هذا المصاب
عليها عظيما ولكن اسماء المؤمنه لا يمكن لها ان تخالف تعاليم الاسلام
فما كان منها الا ان تجلدت واستعانت بالصبر والصلاه على ما الم بها
وما زالت تكتم غيظها حتي شخت ثدياها دما.
وما كاد العام ينتهي حتي ثقلت واحست بالوهن يسري في جسمها سريعا ثم
فارقت الحياه وبقيت رمزا على مدار التاريخ بعد ان ضربت لنا اعظم
النامذج في الحكمه والصبر على الشدائد..
اسماء بنت عميس بن معد بن تميم بن الحارث بن كعب بن مالك بن قحافه
وتكني بام عبد الله . احدي الاخوات المؤمنات الاربع اللاتي حصلن على
وسام الايمان من رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قال:
( الاخوات الاربع مؤنات : ميمونه وام الفضل وسلمى واسماء).
اسلمت قبل ان يدخل المسلون دار الارقم بن ابي الارقم وهي زوجه الصحابي
البطل جعفر بن ابي طالب رضي الله عنه صاحب الجناحين كما يلقبه رسول
الله فقد كان صلى الله عليه وسلم اذا اراد ان يسلم على عبد الله بن
جعفر قال:
( السلام عليك يا ابن ذي الجناحين).
كانت اسماء من المهاجرات الاول , فهاجرت مع زوجها جعفر الى الحبشه وذاقت
مراره الغربه القاسيه ولوعتها وكان زوجها خطيب المسلمين امام ملك الحبشه
النجاشي انذاك.
وفي ارض الغربه ولدت لزوجها جعفر ابناءه الثلاثه : عبد الله ومحمد وعونا
وكان ولدها عبد الله شبيها بابيه جعفر وابوه شبيها برسول الله فكان ذلك
يسعدها ويحرك مشاعر الشوق عندها لرؤيه النبي فقد كان صلي الله عليه وسلم
يقول لجعفر اشبهت خلقي وخلقي).
ولما امر النبي المهاجرين بالتوجه الى المدينه كادت اسماء تطير من الفرح
فها هو الحلم قد تحقق وصار للمسلمين دولتهم فسيكونوا جنودا في جيش الاسلام
لنشر دعوته واعلاء كلمه الله.
وهكذا خرجت اسماء رضي الله عنها مع الركب في هجرته الثانيه من ارض الحبشه
الى المدينه وما ان وصل الوفد المهاجر الى المدينه حتي سمع المسلمون
بسقوط خيبر وانتصار المسلمين وارتفع التكبير من كل مكان فرحا بانتصار
الجيوش وبعوده المهاجرين من الحبشه.
ويتقدم جعفر من الرسول فيتلقاه بالبشر ويقبل جبهته ثم يقول :
( والله ما ادري بايهما افرح بفتح خيبر ام بقدوم جعفر).
ودخلت اسماء على حفصه بنت عمر تزورها فدخل عمر على حفصه واسماء عندها
فقال عمر حين راي اسماء من هذه؟
قالت: اسماء بنت عميس.
قال عمر: هذه الحبشيه البحريه؟.
قالت اسماء : نعم.
قال عمر: سبقناكم بالهجره فنحن احق برسول الله صلى الله عليه وسلم منكم.
وغضبت اسماء ولم تتمالك نفسها فقالت: كلا والله كنتم مع رسول الله صلى
الله عليه وسلم يطعم جائعكم ويعظ جاهلكم وكنا في دار اوفى ارض البعداء
والبغضاء بالحبشه وذلك في الله وفي رسوله صلي الله عليه وسلم.
وسكتت هنيهه ثم تابعت:
وايم الله لا اطعم طعاما ولا اشرب شرابا حتي اذكر ما قلت لرسول الله صلي
الله عليه وسلم ونحن كنا نؤذي ونخاف وساذكر ذلك لنبي صلي الله عليه وسلم
واساله والله لا اكذب ولا ازيغ ولا ازيد عليه.
فلما جاء النبي صلي الله عليه وسلم قالت له اسماء:
يا نبي الله ان عمر قال كذا وكذا.
قال رسول الله صلي الله عليه وسلم فما قلت له؟
قالت: قلت له: كذا وكذا.
فقال عليه افضل الصلاه والسلام ليس باحق بي منكم وله ولاصحابه هجره
واحده ولكم انتم اهل السفينة هجرتان).
وغمرت السعاده قلب اسماء بشهاده النبي وشاع خبر حديث رسول الله بين الناس
وبدأ الناس يفدون على اسماء يستوضحون الخبر فتقول اسماء:
فلقد رأيت ابا موسي واصحاب السفينه يأتوني ارسالا يسألوني عن هذا الحديث
ما من الدنيا شيء هم به افرح ولا اعظم في انفسهم مما قال لهم النبي صلى
الله عليه وسلم.
ولما توجه جيش المسلمين الى الشام كان من بين امرائه الثلاثه زوج اسماء
جعفر وهناك في ارض المعركه اختاره الله من بين العديد من الجيش ليفوز
بالشهاده في سبيل الله.
وياتي رسول الله الى بيت اسماء ويسال عن الصبيان الثلاثه فيضمهم اليه
ويشمهم ويسمح رؤوسهم وتذرف عيناه الشريفتان بالدموع.
فقالت له اسماء والجزع قد ملأ كيانها:
بأبي انت وامي ما يبكيك؟ ابلغك عن جعفر واصحابه شيء؟
قال: نعم اصيبوا هذا اليوم.
ولم تتمالك اسماء نفسها من البكاء فواساها صلي الله عليه وسلم وقال
لها تسلبي ثلاثا ثم اصنعي ما شئت).
ثم قال عليه الصلاه والسلام لاهلهاصنعوا لاهل جعفر طعاما فانه قد جاءهم
ما يشغلهم).
ولم يكن للمراه المؤمنه الا ان تجفف الدموع وتصبر وتحتسب عند الله الاجر
العظيم بل باتت تتمني ان تكون مع زوجها لتفوز بالشهاده مثله وخاصه عندما
سمعت احد رجال بني مره بن عوف يقول وكان في تلك الغزوه والله لكأني انظر
الى جعفر حين اقتحم عن فرس له شقراء ثم عقرها ثم قاتل حتي قتل وهو يقول:
ياحبذا الجنه واقترابــها طيبه وباردا شرابها
والروم روم قد دنا عذابها كافره بعيده انابها
ثم اخذ اللواء بيمينه فقطعت فاخذه بشماله فقطعت فاحتضنه بعضديه حتي
قتل رضي الله عنه.
وتدرك اسماء رضي الله عنها معنى قول الرسول لولدها:
( السلام عليك يا ابن ذي الجناحين).
فقد ابدله الله عن يديه المقطوعتين جناحين يطير بهما حيث شاء.
وتنكب الام الصالحه الصابره على تربيه اطفالها الثلاثه وتنشئهم على
الاقتداء بسيره ابيهم الشهيد الطيار وطبعهم بطابع الايمان .
ولم تمض فتره طويله حتي يتقدم ابو بكر رضي الله عنه خاطبا لاسماء
وذلك بعد وفاه زوجته ام رومان رضي الله عنها.
ولم يكن لاسماء ان ترفض مثل الصديق وهكذا انتقلت الى بيت الصديق لتستلهم
منه المزيد من نور الحلق والايمان ولتضفي على بيته الحب والوفاء.
وبعد فتره الزواج المبارك من الله عليهما فرزقت منه بولد وهي بذي
الخليفه وهم يريدون حجه الوداع فامرها ابو بكر ان تغتسل ثم نهل بالحج
بعد ان سال رسول الله عن ذلك.
ثم شهدت اسماء من الاحداث الجسام الكثير والكثير وكان اشدها وفاه سيد
ولد ادم وانقطاع الوحي من السماء.
ثم شهدت زوجها ابا بكر خليفه المسلمين وهو يواجه اعضل المشكلات يومئذ
كقتال المرتدين وما نعي الزكاه وبعث جيش اسامه وكيف وقف كالطود لا
يتزحزح ولا يتزعزع وكيف نصر الله المسلمين بتلك المواقف الايمانيه الجريئه.
وكانت اسماء تسهر على راحه زوجها وتعيش معه بكل مشاعرها حامله معه عبء
الامه الكبير.
ولكن ذلك لم يدم طويلا فقد مرض الخليفه الصديق واشتد عليه المرض واخذ
العرق يتصبب من وجنتيه فاحس بشعور المؤمن الصادق بدنو اجله فسارع
بوصيته وكان من جمله ما اوصي به: ان تغسله زوجته اسماء بنت عميس رضي
الله عنها وكما عزم عليها ان تفطر قائلا لها: هو اقوى لك.
وشعرت اسماء بقرب الفاجعه فاسترجعت واستغفرت وهي لا تميل بنظرها عن وجه
زوجها الذي علاه الذبول الى ان اسلم الروح الى بارئها فدمعت العين وخشع
القلب ولكنها لم تقل الا ما يرضي الرب تبارك وتعالى فاحتسبت وصبرت.
ومن ثم قامت بالمهم التي طلبها منها زوجها الفقيد حيث كانت محل ثقته
فبدات بتغسيله وقد اضناها الهم والحزن فنسيت وصيته الثانيه فسالت من حضر
من المهاجرين قائله: اني صائمه وهذا يوم شديد البرد فهل على من غسل؟
فقالوا: لا.
وفي اخر النهار وبعد ان وري جثمان الصديق تذكرت اسماء وصيه زوجها الثانيه
فقد عزم عليها ان تفطر فماذا عساها تفعل الان؟ فالوقت اخر النهار وماهي
الا فتره وجيزه وتغيب الشمس ويفطر الصائم.
فهل تستجيب اسماء لعزيمه زوجها ؟ ام تنتظر لحظات؟
ان الوفاء للزوج ابى عليها ان ترد عزيمه زوجها الراحل فدعت بماء وشربت
وقالت: والله لا اتبعه اليوم حنثا.
ولزمت اسماء بيتها ترعي اولادها من جعفر ومن ابي بكر الصديق وتحدب عليهم
سائله الله ان يصلحهم ويصلح بهم ويجعلهم للمتقين امام وهذا غايه ما كانت
ترجوه من دنياها غير عالمه بما يفاجئها من القدر المكنون في علم الله.
فها على بن ابي طالب رضي الله عنه اخو جعفر الطيار ذي الجانحين يتقدم
لاسماء طالبا الزواج منها وفاء لاخيه الحبيب جعفر ولصاحبه الصديق رضي الله
عنهما.
وبعد تردد وتقليب للامور من كل جوانبها قررت الموافقه على الزواج من على
لتتيح له بذلك الفرصه لمساعدتها في رعايه اولاد اخيه جعفر.
وانتقلت معه الى بيته بعد وفاه فاطمه الزهراء رضي الله عنها فكانت له خير
الزوجه الصالحه وكان لها خير الزوج في حسن المعاشره وما زالت اسماء ترتفع
وتسمو في عين على رضي الله عنه حتي اصبح يردد كل مكان:
( كذبتكم من النساء الحارقه فما ثبتت منهن امراه الا اسماء بنت عميس).
ويكرم الله عليا ويرزقه الولد من اسماء فولدت له يحيى وعونا وتمر الايام
ويشاهد على منظر غريبا ولدا لاخيه جعفر يتشاجر مع محمد بن ابي بكر وكل
منهما يتفاخر على الاخر ويقول: انا اكرم منك وابي خير من ابيك.
ولم يدر على ماذا يقول لهما؟ وكيف يصلح بينهما بحيث يرضي عواطفهما معا؟؟
فما كان منه الا ان استدعى امهما اسماء وقال لها: اقضي بينهم.
وبفكر حاضر وحكمة بالغه قالت: ما رايت شابا من العرب خيرا من جعفر
ولا رايت كهلا خيرا من ابي بكر.
وهكذا انتهت الماشاجره وعاد الصغيران الى التعانق واللعب ولكن عليا
المعجب بحسن القضاء بين الاولاد نظر في وجه زوجته العاقله قائلا: ماتركت
لنا شيئا يااسماء!!
وبذكاء حاد وشجاعه نادره وداب جم قالت:
ان ثلاثه انت اخسهم خيار
ولم يستغرب على مقاله زوجته العاقله فقال لها بكل شهامه ومروءه نادره:
لو قلت غير الذي قلت لمقتك.
واختار المسلمون على خليفه بعد عثمان بن عفان رضي الله عنه واصبحت اسماء
للمره الثانيه زوجا لامير المؤمنين رابع الخلفاء الراشدين رضي الله عنهم
اجمعين..
وكانت اسماء على مستوى المسؤوليه كزوجه لخليفه المسلمين اما الاحداث
العظام فدفعت بولديها عبد الله بن جعفر ومحمد بن ابي بكر الى جانب ابيهما
لنصره الحلق.
ثم ما لبثت طويلا حتي فجعت بولدها محمد بن ابي بكر وكان اثر هذا المصاب
عليها عظيما ولكن اسماء المؤمنه لا يمكن لها ان تخالف تعاليم الاسلام
فما كان منها الا ان تجلدت واستعانت بالصبر والصلاه على ما الم بها
وما زالت تكتم غيظها حتي شخت ثدياها دما.
وما كاد العام ينتهي حتي ثقلت واحست بالوهن يسري في جسمها سريعا ثم
فارقت الحياه وبقيت رمزا على مدار التاريخ بعد ان ضربت لنا اعظم
النامذج في الحكمه والصبر على الشدائد..