منتديات بلدنا

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات بلدنا

منتديات بلدنا لتحميل احدث الافلام الاجنبية والعربية والاغانى والكليبات


2 مشترك

    سلسلة حياة الانبيا

    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الأحد نوفمبر 23, 2008 1:44 pm

    آدم عليه السلام

    نبذة:

    أبو البشر،
    خلقه الله بيده وأسجد له الملائكة وعلمه الأسماء وخلق له زوجته وأسكنهما
    الجنة وأنذرهما أن لا يقربا شجرة معينة ولكن الشيطان وسوس لهما فأكلا منها
    فأنزلهما الله إلى الأرض ومكن لهما سبل العيش بها وطالبهما بعبادة الله
    وحده وحض الناس على ذلك، وجعله خليفته في الأرض، وهو رسول الله إلى أبنائه
    وهو أول الأنبياء.
    سيرته:

    خلق آدم عليه السلام:

    من الصلصال خلق الله تعالى آدم .. سواه بيديه سبحانه ، ونفخ فيه من روحه
    سبحانه .. فتحرك جسد آدم ودبت فيه الحياة.. فتح آدم عينيه فرأى الملائكة
    كلهم ساجدين له .. ما عدا إبليس الذي كان يقف مع الملائكة، ولكنه لم يكن
    منهم، لم يسجد .. فهل كان إبليس من الملائكة ؟ الظاهر أنه لا . لأنه لو
    كان من الملائكة ما عصى . فالملائكة لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما
    يؤمرون . . وسيجيء أنه خلق من نار . والمأثور أن الملائكة خلق من نور . .
    ولكنه كان مع الملائكة وكان مأموراً بالسجود .

    أما كيف كان السجود ؟ وأين ؟ ومتى ؟ كل ذلك في علم الغيب عند الله . ومعرفته لا تزيد في مغزى القصة شيئاً..

    فوبّخ الله سبحانه وتعالى إبليس: (قَالَ يَا إِبْلِيسُ مَا مَنَعَكَ أَن
    تَسْجُدَ لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيَّ أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ
    الْعَالِينَ) . وبدلا من التوبة والأوبة إلى الله تبارك وتعالى، ردّ إبليس
    بمنطق يملأه الكبر والحسد: (قَالَ أَنَا خَيْرٌ مِّنْهُ خَلَقْتَنِي مِن
    نَّارٍ وَخَلَقْتَهُ مِن طِينٍ) . هنا صدر الأمر الإلهي العالي بطرد هذا
    المخلوق المتمرد القبيح: (قَالَ فَاخْرُجْ مِنْهَا فَإِنَّكَ رَجِيمٌ)
    وإنزال اللعنة عليه إلى يوم الدين. ولا نعلم ما المقصود بقوله سبحانه
    (مِنْهَا) فهل هي الجنة ؟ أم هل هي رحمة الله . . هذا وذلك جائز لكن
    الأرجح رحمة الله تعالى، فلم يكن إبليس في الجنة، وحتى آدم عليه السلام لم
    يكن في الجنة على الأرجح . ولا محل للجدل الكثير . فإنما هو الطرد واللعنة
    والغضب جزاء التمرد والتجرؤ على أمر الله الكريم .

    قَالَ فَالْحَقُّ وَالْحَقَّ أَقُولُ (84) لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ (85) (ص)

    هنا تحول الحسد إلى حقد . وإلى تصميم على الانتقام في نفس إبليس: (قَالَ
    رَبِّ فَأَنظِرْنِي إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) . واقتضت مشيئة الله للحكمة
    المقدرة في علمه أن يجيبه إلى ما طلب , وأن يمنحه الفرصة التي أراد. فكشف
    الشيطان عن هدفه الذي ينفق فيه حقده: (قَالَ فَبِعِزَّتِكَ
    لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) ويستدرك فيقول: (إِلَّا عِبَادَكَ
    مِنْهُمُ الْمُخْلَصِينَ) فليس للشيطان أي سلطان على عباد الله المؤمنين .

    وبهذا تحدد منهجه وتحدد طريقه . إنه يقسم بعزة الله ليغوين جميع الآدميين
    . لا يستثني إلا من ليس له عليهم سلطان . لا تطوعاً منه ولكن عجزاً عن
    بلوغ غايته فيهم ! وبهذا يكشف عن الحاجز بينه وبين الناجين من غوايته
    وكيده ; والعاصم الذي يحول بينهم وبينه . إنه عبادة الله التي تخلصهم لله
    . هذا هو طوق النجاة . وحبل الحياة ! . . وكان هذا وفق إرادة الله وتقديره
    في الردى والنجاة . فأعلن - سبحانه - إرادته . وحدد المنهج والطريق:
    (لَأَمْلَأَنَّ جَهَنَّمَ مِنكَ وَمِمَّن تَبِعَكَ مِنْهُمْ أَجْمَعِينَ) .

    فهي المعركة إذن بين الشيطان وأبناء آدم , يخوضونها على علم . والعاقبة
    مكشوفة لهم في وعد الله الصادق الواضح المبين . وعليهم تبعة ما يختارون
    لأنفسهم بعد هذا البيان . وقد شاءت رحمة الله ألا يدعهم جاهلين ولا غافلين
    . فأرسل إليهم المنذرين .

    تعليم آدم الأسماء:

    ثم يروي القرآن الكريم قصة السر الإلهي العظيم الذي أودعه الله هذا الكائن
    البشري , وهو يسلمه مقاليد الخلافة: (وَعَلَّمَ آدَمَ الأَسْمَاء
    كُلَّهَا) . سر القدرة على الرمز بالأسماء للمسميات .

    أما الملائكة فلا حاجة لهم بهذه الخاصية , لأنها لا ضرورة لها في وظيفتهم . ومن ثم لم توهب لهم .

    سكن آدم وحواء في الجنة:
    اختلف المفسرون في كيفية خلق حواء. ولا نعلم إن كان الله قد خلق حواء في
    نفس وقت خلق آدم أم بعده لكننا نعلم أن الله سبحانه وتعالى أسكنهما معا في
    الجنة.
    كان الله قد سمح لآدم وحواء بأن يقتربا من كل شيء وأن يستمتعا بكل شيء، ما
    عدا شجرة واحدة. فأطاع آدم وحواء أمر ربهما بالابتعاد عن الشجرة. غير أن
    آدم إنسان، والإنسان ينسى، وقلبه يتقلب، وعزمه ضعيف. واستغل إبليس إنسانية
    آدم وجمع كل حقده في صدره، واستغل تكوين آدم النفسي.. وراح يثير في نفسه
    ويوسوس إليه: (هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا
    يَبْلَى) . وأقسم إبليس لآدم أنه صادق في نصحه لهم، ولم يكن آدم عليه
    السلام بفطرته السليمة يظن أن هنالك من يقسم بالله كذا، فضعف عزمه ونسي
    وأكل من الشجرة هو وحواء.

    ليس صحيحا ما تذكره صحف اليهود من إغواء حواء لآدم وتحميلها مسئولية الأكل
    من الشجرة. إن نص القرآن لا يذكر حواء. إنما يذكر آدم -كمسئول عما حدث-
    عليه الصلاة والسلام. وهكذا أخطأ الشيطان وأخطأ آدم. أخطأ الشيطان بسبب
    الكبرياء، وأخطأ آدم بسبب الفضول.

    لم يكد آدم ينتهي من الأكل حتى اكتشف أنه أصبح عار، وأن زوجته عارية. وبدأ
    هو وزوجته يقطعان أوراق الشجر لكي يغطي بهما كل واحد منهما جسده العاري.
    ولم تكن لآدم تجارب سابقة في العصيان، فلم يعرف كيف يتوب، فألهمه الله
    سبحانه وتعالى عبارات التوبة (قَالاَ رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنفُسَنَا وَإِن
    لَّمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)
    (23) (الأعرف) وأصدر الله تبارك وتعالى أمره بالهبوط من الجنة.

    هبوط آدم وحواء إلى الأرض:

    وهبط آدم وحواء إلى الأرض. واستغفرا ربهما وتاب إليه. فأدركته رحمة ربه
    التي تدركه دائما عندما يثوب إليها ويلوذ بها ... وأخبرهما الله أن الأرض
    هي مكانهما الأصلي.. يعيشان فيهما، ويموتان عليها، ويخرجان منها يوم البعث.

    يتصور بعض الناس أن خطيئة آدم بعصيانه هي التي أخرجتنا من الجنة. ولولا
    هذه الخطيئة لكنا اليوم هناك. وهذا التصور غير منطقي لأن الله تعالى حين
    شاء أن يخلق آدم قال للملائكة: "إِنِّي جَاعِلٌ فِي الأَرْضِ خَلِيفَةً"
    ولم يقل لهما إني جاعل في الجنة خليفة. لم يكن هبوط آدم إلى الأرض هبوط
    إهانة، وإنما كان هبوط كرامة كما يقول العارفون بالله. كان الله تعالى
    يعلم أن آدم وحواء سيأكلان من الشجرة. ويهبطان إلى الأرض. أما تجربة السكن
    في الجنة فكانت ركنا من أركان الخلافة في الأرض. ليعلم آدم وحواء ويعلم
    جنسهما من بعدهما أن الشيطان طرد الأبوين من الجنة، وأن الطريق إلى الجنة
    يمر بطاعة الله وعداء الشيطان.
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الأحد نوفمبر 23, 2008 1:45 pm


    هابيل وقابيل:

    لا يذكر لنا المولى عزّ وجلّ في كتابه الكريم الكثير عن حياة آدم عليه
    السلام في الأرض. لكن القرآن الكريم يروي قصة ابنين من أبناء آدم هما
    هابيل وقابيل. حين وقعت أول جريمة قتل في الأرض. وكانت قصتهما كالتالي.

    كانت حواء تلد في البطن الواحد ابنا وبنتا. وفي البطن التالي ابنا وبنتا.
    فيحل زواج ابن البطن الأول من البطن الثاني.. ويقال أن قابيل كان يريد
    زوجة هابيل لنفسه.. فأمرهما آدم أن يقدما قربانا، فقدم كل واحد منهما
    قربانا، فتقبل الله من هابيل ولم يتقبل من قابيل. قال تعالى في سورة
    (المائدة):

    وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ إِذْ قَرَّبَا
    قُرْبَانًا فَتُقُبِّلَ مِن أَحَدِهِمَا وَلَمْ يُتَقَبَّلْ مِنَ الآخَرِ
    قَالَ لَأَقْتُلَنَّكَ قَالَ إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللّهُ مِنَ
    الْمُتَّقِينَ (27) لَئِن بَسَطتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي مَا
    أَنَاْ بِبَاسِطٍ يَدِيَإِلَيْكَ لَأَقْتُلَكَ إِنِّي أَخَافُ اللّهَ
    رَبَّ الْعَالَمِينَ (28) (المائدة)

    لاحظ كيف ينقل إلينا الله تعالى كلمات القتيل الشهيد، ويتجاهل تماما كلمات القاتل. عاد القاتل يرفع يده مهددا.. قال القتيل في هدوء:

    إِنِّي أُرِيدُ أَن تَبُوءَ بِإِثْمِي وَإِثْمِكَ فَتَكُونَ مِنْ أَصْحَابِ النَّارِ وَذَلِكَ جَزَاء الظَّالِمِينَ (29) (المائدة)

    انتهى الحوار بينهما وانصرف الشرير وترك الطيب مؤقتا. بعد أيام.. كان الأخ
    الطيب نائما وسط غابة مشجرة.. فقام إليه أخوه قابيل فقتله. قال رسول الله
    صلى الله عليه وسلم: "لا تقتل نفس ظلما إلا كان على ابن آدم الأول كفل من
    دمها لأنه كان أول من سن القتل". جلس القاتل أمام شقيقه الملقى على الأرض.
    كان هذا الأخ القتيل أول إنسان يموت على الأرض.. ولم يكن دفن الموتى شيئا
    قد عرف بعد. وحمل الأخ جثة شقيقه وراح يمشي بها.. ثم رأى القاتل غرابا حيا
    بجانب جثة غراب ميت. وضع الغراب الحي الغراب الميت على الأرض وساوى أجنحته
    إلى جواره وبدأ يحفر الأرض بمنقاره ووضعه برفق في القبر وعاد يهيل عليه
    التراب.. بعدها طار في الجو وهو يصرخ.

    اندلع حزن قابيل على أخيه هابيل كالنار فأحرقه الندم. اكتشف أنه وهو
    الأسوأ والأضعف، قد قتل الأفضل والأقوى. نقص أبناء آدم واحدا. وكسب
    الشيطان واحدا من أبناء آدم. واهتز جسد القاتل ببكاء عنيف ثم أنشب أظافره
    في الأرض وراح يحفر قبر شقيقه.

    قال آدم حين عرف القصة: (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ
    مُّضِلٌّ مُّبِينٌ) وحزن حزنا شديدا على خسارته في ولديه. مات أحدهما،
    وكسب الشيطان الثاني. صلى آدم على ابنه، وعاد إلى حياته على الأرض: إنسانا
    يعمل ويشقى ليصنع خبزه. ونبيا يعظ أبنائه وأحفاده ويحدثهم عن الله ويدعوهم
    إليه، ويحكي لهم عن إبليس ويحذرهم منه. ويروي لهم قصته هو نفسه معه، ويقص
    لهم قصته مع ابنه الذي دفعه لقتل شقيقه.

    موت آدم عليه السلام:

    وكبر آدم. ومرت سنوات وسنوات.. وعن فراش موته، يروي أبي بن كعب، فقال: إن
    آدم لما حضره الموت قال لبنيه: أي بني، إني أشتهي من ثمار الجنة. قال:
    فذهبوا يطلبون له، فاستقبلتهم الملائكة ومعهم أكفانه وحنوطه، ومعهم الفؤوس
    والمساحي والمكاتل، فقالوا لهم: يا بني آدم ما تريدون وما تطلبون؟ أو ما
    تريدون وأين تطلبون؟ قالوا: أبونا مريض واشتهى من ثمار الجنة، فقالوا لهم:
    ارجعوا فقد قضي أبوكم. فجاءوا فلما رأتهم حواء عرفتهم فلاذت بآدم، فقال:
    إليك عني فإني إنما أتيت من قبلك، فخلي بيني وبين ملائكة ربي عز وجل.
    فقبضوه وغسلوه وكفنوه وحنطوه، وحفروا له ولحدوه وصلوا عليه ثم أدخلوه قبره
    فوضعوه في قبره، ثم حثوا عليه، ثم قالوا: يا بني آدم هذه سنتكم.

    وفي موته يروي الترمذي: حدثنا عبد بن حميد، حدثنا أبو نعيم، حدثنا هشام بن
    سعد، عن زيد بن أسلم، عن أبي صالح، عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى
    الله عليه وسلم : "لما خلق الله آدم مسح ظهره، فسقط من ظهره كل نسمة هو
    خالقها من ذريته إلى يوم القيامة، وجعل بين عيني كل إنسان منهم وبيصاً من
    نور، ثم عرضهم على آدم فقال: أي رب من هؤلاء؟ قال: هؤلاء ذريتك، فرأى
    رجلاً فأعجبه وبيص ما بين عينيه، فقال: أي رب من هذا؟ قال هذا رجل من آخر
    الأمم من ذريتك يقال له داود، قال: رب وكم جعلت عمره؟ قال ستين سنة، قال:
    أي رب زده من عمري أربعين سنة. فلما انقضى عمر آدم جاءه ملك الموت، قال:
    أو لم يبق من عمري أربعون سنة؟ قال: أو لم تعطها ابنك داود؟ قال فجحد
    فجحدت ذريته، ونسي آدم فنسيت ذريته، وخطىء آدم فخطئت ذريته".


    يتبع مع سيرة حياة اخرى لاحسن الخلق
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الأحد نوفمبر 23, 2008 1:46 pm

    سيرة حياة الانبياء................ج2
    إدريس عليه السلام

    قال تعالى في سورة (مريم):

    وَاذْكُرْ فِي الْكِتَابِ إِدْرِيسَ إِنَّهُ كَانَ صِدِّيقًا نَّبِيًّا (56) وَرَفَعْنَاهُ مَكَانًا عَلِيًّا



    إدريس عليه السلام هو أحد الرسل الكرام الذين أخبر
    الله تعالي عنهم في كتابة العزيز، وذكره في بضعة مواطن من سور القرآن، وهو
    ممن يجب الإيمان بهم تفصيلاً أي يجب اعتقاد نبوته ورسالته على سبيل القطع
    والجزم لأن القرآن قد ذكره باسمه وحدث عن شخصه فوصفه بالنبوة والصديقية.
    نسبة هو إدريس بن يارد بن مهلائيل وينهي نسبة إلى شيث بن آدم عليه السلام
    واسمه عند العبرانيين (خنوخ) وفي الترجمة العربية (أخنوخ) وهو من أجداد
    نوح عليه السلام.

    إدريس عليه السلام هو أول بني آدم أعطي النبوة بعد (آدم) و(شيث) عليهما
    السلام، وذكر ابن إسحاق أنه أول من خط بالقلم، وقد أدرك من حياة آدم عليه
    السلام 308 سنوات لأن آدم عمر طويلاً زهاء 1000 ألف سنة كما مر في قصته
    عليه السلام.

    وقد أختلف العلماء في مولده ونشأته، فقال بعضهم إن إدريس ولد ببابل، وقال
    آخرون إنه ولد بمصر والصحيح الاول، وقد أخذ في أول عمره بعلم شيث بن آدم،
    ولما كبر آتاه الله النبوة فنهي المفسدين من بني آدم عن مخالفتهم شريعة
    (آدم) وشيث) فأطاعه نفر قليل، وخالفه جمع خفير، فنوى الرحلة عنهم وأمر من
    أطاعه منهم بذلك فثقل عليهم الرحيل عن أوطانهم فقالوا له، وأين نجد إذا
    رحلنا مثل (بابل) فقال إذا هاجرنا الله رزقنا غيره، فخرج وخرجوا حتى وصلوا
    إلى أرض مصر فرأوا النيل فوقف على النيل وسبح الله، وأرقام إدريس ومن معه
    بمصر يدعو الناس إلى الله وإلى مكارم الأخلاق.

    وقد كانت مدة إقامة (إدريس) عليه السلام في الأرض (82) سنة ثم رفعه الله
    إليه كما قال تعالي (ورفعناه مكاناً عليا) وكانت له مواعظ وآداب فقد دعا
    إلى دين الله، وإلى عبادة الخالق جل وعلا، وتخليص النفوس من العذاب في
    الآخرة، بالعمل الصالح في الدنيا وحض على الزهد في هذه الدنيا الفانية
    الزائلة، وأمرهم بالصلاة والصيام والزكاة وغلظ عليهم في الطهارة من
    الجنابة، وحرم المسكر من كل شي من المشروبات وشدد فيه أعظم تشديد وقيل إنه
    كان في زمانه 72 لساناً يتكلم الناس بها وقد علمه الله تعالي منطقهم
    جميعاً ليعلم كل فرقة منهم بلسانهم. وهو أول من علم السياسة المدنية، ورسم
    لقومه قواعد تمدين المدن، فبنت كل فرقة من الأمم مدناً في أرضها وانشئت في
    زمانه 188 مدينة وقد اشتهر بالحكمة فمن حكمة قوله، (خير الدنيا حسرة،
    وشرها ندم ) وقوله (السعيد من نظر إلى نفسه وشفاعته عند ربه أعماله
    الصالحة) وقوله الصبر مع الإيمان يورث الظفر.
    .....................يتبع مع حياة نبي اخر..............................
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الأحد نوفمبر 23, 2008 1:47 pm

    سيرة حياة الانبياء................ج3
    نوح عليه السلام
    نوح شخصية ورد ذكرها في الكتب المقدسة لأتباع الديانات
    اليهودية و المسيحية و الإسلام بالإضافة إلى ورود ذكر شخصية مشابهة لنوح
    في أساطير بلاد الرافدين. الإعتقاد السائد حسب هذه الديانات هو أن نوح كان
    شخصية تاريخية حقيقية وكان الحفيد التاسع أو العاشر لآدم وإنه كان الأب
    الثاني للبشرية بعد نجاته ومن معه من الطوفان العظيم الذي، وحسب المعتقدات
    الدينية و الأساطير السومرية، قد أباد البشرية جميعا بإستثناء الذين نجوا
    من الطوفان لإستعمالهم سفينة عملاقة إشتهرت بأسم سفينة نوح.

    إستنادا على الموسوعة الكاثوليكية فإن والد نوح لاميخ أطلق عليه هذا الإسم
    لقناعته بأن نوح سوف يخلص البشرية من العقوبة التي أنزلها الخالق الأعظم
    على آدم و يوصل الإنسانية إلى حالة من الطمأنينة و الأستراحة [1] .
    وهناك ايضا قصص مشابهة في الأساطير اليونانية القديمة تتحدث عن شخص يدعى
    ديوكاليون قام بإنقاذ ذريته ومجموعة من الحيوانات من الطوفان بواسطة سفينة
    وهناك أساطير من أيرلندا عن ملكة أبحرت في سفينة مع مجموعة لمدة 7 سنوات
    ليتجنبوا الغرق نتيجة الطوفان الذي عم أيرلندا

    نوح في اليهودية
    إستنادا على التوراة وسفر التكوين في العهد القديم من الكتاب المقدس فان
    نوح كان ابن لاميخ وكان يعتبر الجيل العاشر بعد آدم وكان عمره 600 عاما
    عندما اوكل الخالق له مهمة بناء السفينة ومات 350 سنة بعد الطوفان وكان
    عمره عند الوفاة إستنادا على التوراة 950 عاما.


    أبناء نوح
    وإستنادا إلى نفس المصدر فانه من أبناء نوح الثلاث إنبثقت البشرية بعد الطوفان وكان أبناء نوح:

    سام أكبر الأبناء وكان عمره 98 عاما عند حدوث الطوفان وعاش 500 سنة اخرى
    بعد الطوفان وكان له 5 أبناء وهم عيلام و آشور و آرام و أرباجشاد و لود
    ويعتقد إن الفرس و لأشوريين و العبريين و العرب والأتراك و الآراميين قد
    إنبثقوا من سلالة سام [10] [11].
    يافث ويعتقد انه كان أصغر أبناء نوح ويعتقد انه من سلالته إنبثقت شعوب
    اوروبا . كان ليافث حسب التوراة 7 أبناء وهم جومر و ماجوج و تيراس و جافان
    و ميشيخ و توبال و ماداي ويعتقد ان اليونانيين و الميديين و الأيرلنديين و
    الهنغاريين و السلوفاكيين و الأيطاليين والألمان قد إنبثقوا من هذه
    السلالة [12] [13].
    حام ويعتقد إنه والد الشعوب الأفريقية ومنهم المصريون القدماء والكنعانيون
    و الامازيغ وإستنادا على التوراة فإن حام قد شاهد والده عاريا في يوم من
    الأيام عندما كان نوح سكرانا وقام بإخبار أخويه بذلك وعندما علم نوح بهذا
    فانه طلب من الخالق ان لا يبارك سلالة حام ويعتقد بعض المحللين إن هذه قصة
    أختلقت فيما بعد عند اجتياح بني إسرائيل لأراضي الكنعانيين الذين كانوا
    يستوطنون منطقة فلسطين الحالية لكي يبدوا الأمر و كانه تحقيق لنبوءة[14]
    [15].
    وحسب التوراة فإن الخالق قرر ان يمسح بني البشر من الوجود بإستثناء
    الصالحين بسبب كثرة المعاصي والذنوب التي كانت ترتكب فنزلت الأمطار لمدة
    40 يوما و ليلة وغطت المياه الأرض لمدة 150 يوما و إستقرت السفينة على جبل
    آرارات.


    الطوفان بريشة مايكل أنجيلووهناك كتابات يهودية لاتعتبر جزءا من الكتاب
    المقدس وإنما كروايات تم حذفها وفي هذه الكتابات تصوير إلى ان نوح كان
    شديد البياض عند الولادة بحيث امتلئت الغرفة بالضياء عند ولادته وانه بعد
    ولادته بلحظات بدأ بالصلاة و الدعاء للخالق الأعظم وإن بناء السفينة
    استغرق 120 سنة [16] ، وإن نوح كان أول مزارع للعنب واول من صنع النبيذ
    واول من خلق نظام العبودية بإبتكاره لفكرة استخدام العبيد في الزراعة وانه
    كان يشرب الكثير من النبيذ [17].


    نوح في المسيحية

    يصور العهد الجديد من الكتاب المقدس نوح كشخصية قريبة و مطيعة للخالق
    الأعظم ويضعه إنجيل مرقص في نفس منزلة إبراهيم و يعقوب ويتكرر في العهد
    الجديد الفكرة القديمة بأن بناء السفينة استغرق 120 عاما كان نوح أثناءها
    يحاول إقناع الناس باتباع ما أمر به الخالق الأعظم.

    في الكتابات المسيحية التي كتبت في القرن الثالث بعد الميلاد من قبل
    أوريليس أوغسطين (354 - 430) تم إعطاء أهمية دينية كبيرة لسفينة نوح حيث
    تم اعتباره رمزا للخلاص من خلال تشبيه السفينة وفي القرون الوسطى بدأ
    المسيحيون في كتاباتهم بالأقتناع بالتوزيع العرقي للاجناس البشرية الذي
    ورد ذكره في سفر التكوين وأضافوا إليه توزيعا طبقيا جديدا فكان الاعتقاد
    السائد أن رجال الدين والقديسيين ينحدرون من سلالة سام والفرسان ينحدرون
    من سلالة يافث والفقراء ينحدرون من سلالة حام.

    يرى المحللون أن في هذا تكرارا لفكرة لعنة حام والتي يعتبرها البعض أول
    تقسيم عنصري مستند على الدين والتي من المحتمل أنها لعبت دورا في النظرة
    التي نشأت ومازالت قائمة إلى حد ما على الأفريقيين وأصحاب البشرة السوداء
    ووصل الأمر في عام 1964 إلى السيناتور الأمريكي روبرت برد Robert Byrd من
    فرجينيا الغربية أن يستخدم قصة نوح كمبرر لإبقاء سياسة التمييز العنصري في
    الولايات المتحدة . وبيرد هو أكبر المعمرين في مجلس الشيوخ وهو سيناتور
    منذ 1959 ورفض بيرد في عام 1991 ترشيح قاضيتين من أصول أفريقية أمريكية
    للمحكمة العليا في الولايات المتحدة ورفض بيرد في عام 2004 ترشيح
    كوندوليزا رايس لمنصب وزيرة الخارجية


    نوح في الإسلام
    جاء ذكر نوح في العديد من الآيات القرآنية في سورة آل عمران وسورة النساء
    وسورة المائدة و سورة الأنعام وكذلك سورة نوح المسماة على اسمه وغيرها
    وحسب الدين الإسلامي فان الله أرسل نوحا إلى قوم يعبدون الأوثان ليدعوهم
    إلى عبادته وحده وترك عبادة غيره، لكن نوحا لم يلق آذانا صاغية واستمر
    الأكثرية على عبادة الأوثان ونصبوا له العداوة ولمن آمن به وتوعدوهم
    بالرجم.

    استنادا إلى القرآن فإن نوحا لبث في قومه يدعوهم إلى عبادة الله ألف سنة
    إلا خمسين عامًا (سورة العنكبوت) وأن الله أمره ببناء سفينة كان قومه
    يمرون به وهو في عمله فيسخرون منه (سورة هود) وأنه قد نزلت كميات كبيرة من
    الأمطار مع تفجير الله للأرض عيونا مما أدى إلى حدوث الطوفان (سورة
    القمر). وحسب سورة هود فإن أحد أبناء نوح قد كان كافرًا خالف أباه في دينه
    وقال «سآوي إلى جبل يعصمني من الماء» ولكنه غرق وأن السفينة استقرت على
    جبل الجودي وليس آرارات وجبل الجودي يقع في تركيا أيضا ويبعد 200 ميلا عن
    جبل آرارات بالقرب من الحدود التركية مع سوريا و العراق.

    هناك اعتقاد بأن نوح خرج من السفينة في يوم عاشوراء ويستند البعض في هذا
    الاعتقاد على حديث روي عن أبي هريرة يقول نصه «مر النبي بأناس من اليهود
    وقد صاموا يوم عاشوراء فقال: "ما هذا الصوم؟" فقالوا: هذا اليوم الذي نجى
    الله فيه موسى وبني إسرائيل من الغرق، وغرق فيه فرعون، وهذا اليوم الذي
    استقرت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح وموسى شكرًا لله عز وجل، فقال
    النبي: "أنا أحقّ بموسى وأحق بصوم هذا اليوم». ومن ناحية الأنساب وإستنادا
    إلى الترمذي فإنه روى الإمام أحمد عن سمُرة أن النبي قال: "سام أبو العرب،
    وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم".

    روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى
    الله عليه وسلم قال: "إنَّ نبي الله نوحًا لما حضرته الوفاة قال لابنه:
    إني قاصّ عليك الوصية، ءامرك باثنتين وأنهاك عن اثنين، وءامرك بلا إله إلا
    الله، فإن السموات والأرضين السبع لو ووضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله
    في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن
    حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شىء
    وبها يرزق الخلق، وأنهاك عن الشرك والكبر".


    سفينة نوح
    هناك تيار يؤمن بالتفسير الحرفي وليس الرمزي لكل ما ورد في الكتب المقدسة
    وهذا التيار على قناعة إنه بالفعل كانت هناك سفينة ذات صفات مطابقة لما
    ورد في الكتب السماوية .حسب العهد القديم فإن نوح بنى السفينة من شجر
    الجوفر Gopher wood ولايعرف لحد هذا اليوم ماهو بالضبط هذا النوع من
    الأشجار إذ ورد ذكرها فقط في سفر التكوين وهناك الكثير من الفرضيات حول
    ماهية خشب الجوفر . ويرجح البعض انها شجر الأرز وبالنسبة لمقاييس السفينة
    حسب العهد القديم فإنها كانت 300 ذراعا وهذا القياس يجعل السفينة مقاربا
    إلى 450 قدما وهي أكبر من أكبر سفينة موثقة تأريخيا في العصور القديمة
    وكان حجمها 400 قدما و بنيت في الصين في القرن 15 بأمر من القائد العسكري
    Zheng He زنغ هيي . إستنادا إلى نفس التيار المؤمن بالتفسير الحرفي لسفينة
    نوح فإن حجم السفينة كان 40,000 متر مكعب اي مقاربا إلى حجم سفينة تيتانك
    المشهورة ، ويتسائل التيار المقتنع برمزية القصة عما إذا كان بإمكان هذه
    السفينة ان تتسع لجنسين من كل انواع الحيوانات و عما اذا كان بمقدور
    الأشخاص الثمانية على السفينة العناية بهذا العدد الهائل من الحيوانات
    لمدة أكثر من220 يوما . و من ناحية الجغرافيين المسلمين فقد ذكر الرحالة
    والجغرافي العربي ياقوت الحموي في كتابه المعروف (معجم البلدان) بان مسجدا
    قد بني على مكان إستواء السفينة و شاركه في الرأي ابن بطوطة
    يتبع...................... ................
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الأحد نوفمبر 23, 2008 1:48 pm

    سيرة حياة الانبياء................ج3
    نوح عليه السلام
    نوح شخصية ورد ذكرها في الكتب المقدسة لأتباع الديانات
    اليهودية و المسيحية و الإسلام بالإضافة إلى ورود ذكر شخصية مشابهة لنوح
    في أساطير بلاد الرافدين. الإعتقاد السائد حسب هذه الديانات هو أن نوح كان
    شخصية تاريخية حقيقية وكان الحفيد التاسع أو العاشر لآدم وإنه كان الأب
    الثاني للبشرية بعد نجاته ومن معه من الطوفان العظيم الذي، وحسب المعتقدات
    الدينية و الأساطير السومرية، قد أباد البشرية جميعا بإستثناء الذين نجوا
    من الطوفان لإستعمالهم سفينة عملاقة إشتهرت بأسم سفينة نوح.

    إستنادا على الموسوعة الكاثوليكية فإن والد نوح لاميخ أطلق عليه هذا الإسم
    لقناعته بأن نوح سوف يخلص البشرية من العقوبة التي أنزلها الخالق الأعظم
    على آدم و يوصل الإنسانية إلى حالة من الطمأنينة و الأستراحة [1] .
    وهناك ايضا قصص مشابهة في الأساطير اليونانية القديمة تتحدث عن شخص يدعى
    ديوكاليون قام بإنقاذ ذريته ومجموعة من الحيوانات من الطوفان بواسطة سفينة
    وهناك أساطير من أيرلندا عن ملكة أبحرت في سفينة مع مجموعة لمدة 7 سنوات
    ليتجنبوا الغرق نتيجة الطوفان الذي عم أيرلندا

    نوح في اليهودية
    إستنادا على التوراة وسفر التكوين في العهد القديم من الكتاب المقدس فان
    نوح كان ابن لاميخ وكان يعتبر الجيل العاشر بعد آدم وكان عمره 600 عاما
    عندما اوكل الخالق له مهمة بناء السفينة ومات 350 سنة بعد الطوفان وكان
    عمره عند الوفاة إستنادا على التوراة 950 عاما.


    أبناء نوح
    وإستنادا إلى نفس المصدر فانه من أبناء نوح الثلاث إنبثقت البشرية بعد الطوفان وكان أبناء نوح:

    سام أكبر الأبناء وكان عمره 98 عاما عند حدوث الطوفان وعاش 500 سنة اخرى
    بعد الطوفان وكان له 5 أبناء وهم عيلام و آشور و آرام و أرباجشاد و لود
    ويعتقد إن الفرس و لأشوريين و العبريين و العرب والأتراك و الآراميين قد
    إنبثقوا من سلالة سام [10] [11].
    يافث ويعتقد انه كان أصغر أبناء نوح ويعتقد انه من سلالته إنبثقت شعوب
    اوروبا . كان ليافث حسب التوراة 7 أبناء وهم جومر و ماجوج و تيراس و جافان
    و ميشيخ و توبال و ماداي ويعتقد ان اليونانيين و الميديين و الأيرلنديين و
    الهنغاريين و السلوفاكيين و الأيطاليين والألمان قد إنبثقوا من هذه
    السلالة [12] [13].
    حام ويعتقد إنه والد الشعوب الأفريقية ومنهم المصريون القدماء والكنعانيون
    و الامازيغ وإستنادا على التوراة فإن حام قد شاهد والده عاريا في يوم من
    الأيام عندما كان نوح سكرانا وقام بإخبار أخويه بذلك وعندما علم نوح بهذا
    فانه طلب من الخالق ان لا يبارك سلالة حام ويعتقد بعض المحللين إن هذه قصة
    أختلقت فيما بعد عند اجتياح بني إسرائيل لأراضي الكنعانيين الذين كانوا
    يستوطنون منطقة فلسطين الحالية لكي يبدوا الأمر و كانه تحقيق لنبوءة[14]
    [15].
    وحسب التوراة فإن الخالق قرر ان يمسح بني البشر من الوجود بإستثناء
    الصالحين بسبب كثرة المعاصي والذنوب التي كانت ترتكب فنزلت الأمطار لمدة
    40 يوما و ليلة وغطت المياه الأرض لمدة 150 يوما و إستقرت السفينة على جبل
    آرارات.


    الطوفان بريشة مايكل أنجيلووهناك كتابات يهودية لاتعتبر جزءا من الكتاب
    المقدس وإنما كروايات تم حذفها وفي هذه الكتابات تصوير إلى ان نوح كان
    شديد البياض عند الولادة بحيث امتلئت الغرفة بالضياء عند ولادته وانه بعد
    ولادته بلحظات بدأ بالصلاة و الدعاء للخالق الأعظم وإن بناء السفينة
    استغرق 120 سنة [16] ، وإن نوح كان أول مزارع للعنب واول من صنع النبيذ
    واول من خلق نظام العبودية بإبتكاره لفكرة استخدام العبيد في الزراعة وانه
    كان يشرب الكثير من النبيذ [17].


    نوح في المسيحية

    يصور العهد الجديد من الكتاب المقدس نوح كشخصية قريبة و مطيعة للخالق
    الأعظم ويضعه إنجيل مرقص في نفس منزلة إبراهيم و يعقوب ويتكرر في العهد
    الجديد الفكرة القديمة بأن بناء السفينة استغرق 120 عاما كان نوح أثناءها
    يحاول إقناع الناس باتباع ما أمر به الخالق الأعظم.

    في الكتابات المسيحية التي كتبت في القرن الثالث بعد الميلاد من قبل
    أوريليس أوغسطين (354 - 430) تم إعطاء أهمية دينية كبيرة لسفينة نوح حيث
    تم اعتباره رمزا للخلاص من خلال تشبيه السفينة وفي القرون الوسطى بدأ
    المسيحيون في كتاباتهم بالأقتناع بالتوزيع العرقي للاجناس البشرية الذي
    ورد ذكره في سفر التكوين وأضافوا إليه توزيعا طبقيا جديدا فكان الاعتقاد
    السائد أن رجال الدين والقديسيين ينحدرون من سلالة سام والفرسان ينحدرون
    من سلالة يافث والفقراء ينحدرون من سلالة حام.

    يرى المحللون أن في هذا تكرارا لفكرة لعنة حام والتي يعتبرها البعض أول
    تقسيم عنصري مستند على الدين والتي من المحتمل أنها لعبت دورا في النظرة
    التي نشأت ومازالت قائمة إلى حد ما على الأفريقيين وأصحاب البشرة السوداء
    ووصل الأمر في عام 1964 إلى السيناتور الأمريكي روبرت برد Robert Byrd من
    فرجينيا الغربية أن يستخدم قصة نوح كمبرر لإبقاء سياسة التمييز العنصري في
    الولايات المتحدة . وبيرد هو أكبر المعمرين في مجلس الشيوخ وهو سيناتور
    منذ 1959 ورفض بيرد في عام 1991 ترشيح قاضيتين من أصول أفريقية أمريكية
    للمحكمة العليا في الولايات المتحدة ورفض بيرد في عام 2004 ترشيح
    كوندوليزا رايس لمنصب وزيرة الخارجية


    نوح في الإسلام
    جاء ذكر نوح في العديد من الآيات القرآنية في سورة آل عمران وسورة النساء
    وسورة المائدة و سورة الأنعام وكذلك سورة نوح المسماة على اسمه وغيرها
    وحسب الدين الإسلامي فان الله أرسل نوحا إلى قوم يعبدون الأوثان ليدعوهم
    إلى عبادته وحده وترك عبادة غيره، لكن نوحا لم يلق آذانا صاغية واستمر
    الأكثرية على عبادة الأوثان ونصبوا له العداوة ولمن آمن به وتوعدوهم
    بالرجم.

    استنادا إلى القرآن فإن نوحا لبث في قومه يدعوهم إلى عبادة الله ألف سنة
    إلا خمسين عامًا (سورة العنكبوت) وأن الله أمره ببناء سفينة كان قومه
    يمرون به وهو في عمله فيسخرون منه (سورة هود) وأنه قد نزلت كميات كبيرة من
    الأمطار مع تفجير الله للأرض عيونا مما أدى إلى حدوث الطوفان (سورة
    القمر). وحسب سورة هود فإن أحد أبناء نوح قد كان كافرًا خالف أباه في دينه
    وقال «سآوي إلى جبل يعصمني من الماء» ولكنه غرق وأن السفينة استقرت على
    جبل الجودي وليس آرارات وجبل الجودي يقع في تركيا أيضا ويبعد 200 ميلا عن
    جبل آرارات بالقرب من الحدود التركية مع سوريا و العراق.

    هناك اعتقاد بأن نوح خرج من السفينة في يوم عاشوراء ويستند البعض في هذا
    الاعتقاد على حديث روي عن أبي هريرة يقول نصه «مر النبي بأناس من اليهود
    وقد صاموا يوم عاشوراء فقال: "ما هذا الصوم؟" فقالوا: هذا اليوم الذي نجى
    الله فيه موسى وبني إسرائيل من الغرق، وغرق فيه فرعون، وهذا اليوم الذي
    استقرت فيه السفينة على الجودي فصامه نوح وموسى شكرًا لله عز وجل، فقال
    النبي: "أنا أحقّ بموسى وأحق بصوم هذا اليوم». ومن ناحية الأنساب وإستنادا
    إلى الترمذي فإنه روى الإمام أحمد عن سمُرة أن النبي قال: "سام أبو العرب،
    وحام أبو الحبش، ويافث أبو الروم".

    روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد صحيح عن عبد الله بن عمرو أن النبي صلى
    الله عليه وسلم قال: "إنَّ نبي الله نوحًا لما حضرته الوفاة قال لابنه:
    إني قاصّ عليك الوصية، ءامرك باثنتين وأنهاك عن اثنين، وءامرك بلا إله إلا
    الله، فإن السموات والأرضين السبع لو ووضعت في كفة ووضعت لا إله إلا الله
    في كفة رجحت بهن لا إله إلا الله، ولو أن السموات السبع والأرضين السبع كن
    حلقة مبهمة قصمتهن لا إله إلا الله، وسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شىء
    وبها يرزق الخلق، وأنهاك عن الشرك والكبر".


    سفينة نوح
    هناك تيار يؤمن بالتفسير الحرفي وليس الرمزي لكل ما ورد في الكتب المقدسة
    وهذا التيار على قناعة إنه بالفعل كانت هناك سفينة ذات صفات مطابقة لما
    ورد في الكتب السماوية .حسب العهد القديم فإن نوح بنى السفينة من شجر
    الجوفر Gopher wood ولايعرف لحد هذا اليوم ماهو بالضبط هذا النوع من
    الأشجار إذ ورد ذكرها فقط في سفر التكوين وهناك الكثير من الفرضيات حول
    ماهية خشب الجوفر . ويرجح البعض انها شجر الأرز وبالنسبة لمقاييس السفينة
    حسب العهد القديم فإنها كانت 300 ذراعا وهذا القياس يجعل السفينة مقاربا
    إلى 450 قدما وهي أكبر من أكبر سفينة موثقة تأريخيا في العصور القديمة
    وكان حجمها 400 قدما و بنيت في الصين في القرن 15 بأمر من القائد العسكري
    Zheng He زنغ هيي . إستنادا إلى نفس التيار المؤمن بالتفسير الحرفي لسفينة
    نوح فإن حجم السفينة كان 40,000 متر مكعب اي مقاربا إلى حجم سفينة تيتانك
    المشهورة ، ويتسائل التيار المقتنع برمزية القصة عما إذا كان بإمكان هذه
    السفينة ان تتسع لجنسين من كل انواع الحيوانات و عما اذا كان بمقدور
    الأشخاص الثمانية على السفينة العناية بهذا العدد الهائل من الحيوانات
    لمدة أكثر من220 يوما . و من ناحية الجغرافيين المسلمين فقد ذكر الرحالة
    والجغرافي العربي ياقوت الحموي في كتابه المعروف (معجم البلدان) بان مسجدا
    قد بني على مكان إستواء السفينة و شاركه في الرأي ابن بطوطة
    يتبع...................... ................
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الأحد نوفمبر 23, 2008 1:50 pm

    سلسلة حياة الانياء.................ج4
    هود عليه السلام
    كان "هود" من قبيلة اسمها "عاد" وكانت هذه القبيلة
    تسكن مكانا يسمى الأحقاف.. وهو صحراء تمتلئ بالرمال، وتطل على البحر. أما
    مساكنهم فكانت خياما كبيرة لها أعمدة شديدة الضخامة والارتفاع، وكان قوم
    عاد أعظم أهل زمانهم في قوة الأجسام، والطول والشدة.. كانوا عمالقة
    وأقوياء، فكانوا يتفاخرون بقوتهم. فلم يكن في زمانهم أحد في قوتهم. ورغم
    ضخامة أجسامهم، كانت لهم عقول مظلمة. كانوا يعبدون الأصنام، ويدافعون
    عنها، ويحاربون من أجلها، ويتهمون نبيهم ويسخرون منه. وكان المفروض، ما
    داموا قد اعترفوا أنهم أشد الناس قوة، أن يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد
    منهم قوة.

    قال لهم هود نفس الكلمة التي يقولها كل رسول. لا تتغير ولا تنقص ولا تتردد
    ولا تخاف ولا تتراجع. كلمة واحدة هي الشجاعة كلها، وهي الحق وحده (يَا
    قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ
    تَتَّقُونَ).

    وسأله قومه: هل تريد أن تكون سيدا علينا بدعوتك؟ وأي أجر تريده؟

    إن هذه الظنون السئية تتكرر على ألسنة الكافرين عندما يدعوهم نبيهم
    للإيمان بالله وحده. فعقولهم الصغيرة لا تتجاوز الحياة الدنيوية. ولا
    يفكروا إلا بالمجد والسلطة والرياسة.

    أفهمهم هود أن أجره على الله، إنه لا يريد منهم شيئا غير أن يغسلوا عقولهم
    في نور الحقيقة. حدثهم عن نعمة الله عليهم، كيف جعلهم خلفاء لقوم نوح، كيف
    أعطاهم بسطة في الجسم، وشدة في البأس، كيف أسكنهم الأرض التي تمنح الخير
    والزرع. كيف أرسل عليهم المطر الذي يحيى به الأرض. وتلفت قوم هود حولهم
    فوجدوا أنهم أقوى من على الأرض، وأصابتهم الكبرياء وزادوا في العناد.

    قالوا لهود: كيف تتهم آلهتنا التي وجدنا آباءنا يعبدونها؟
    قال هود: كان آباؤكم مخطئين.
    قال قوم هود: هل تقول يا هود إننا بعد أن نموت ونصبح ترابا يتطاير في الهواء، سنعود إلى الحياة؟
    قال هود: ستعودون يوم القيامة، ويسأل الله كل واحد فيكم عما فعل.

    انفجرت الضحكات بعد هذه الجملة الأخيرة. ما أغرب ادعاء هود. هكذا تهامس
    الكافرون من قومه. إن الإنسان يموت، فإذا مات تحلل جسده، فإذا تحلل جسده
    تحول إلى تراب، ثم يهب الهواء ويتطاير التراب. كيف يعود هذا كله إلى
    أصله؟! ثم ما معنى وجود يوم للقيامة؟ لماذا يقوم الأموات من موتهم؟

    استقبل هود كل هذه الأسئلة بصبر كريم.. ثم بدأ يحدث قومه عن يوم القيامة..
    أفهمهم أن إيمان الناس بالآخرة ضرورة تتصل بعدل الله، مثلما هي ضرورة تتصل
    بحياة الناس. قال لهم ما يقوله كل نبي عن يوم القيامة. إن حكمة الخالق
    المدبر لا تكتمل بمجرد بدء الخلق، ثم انتهاء حياة المخلوقين في هذه الأرض.
    إن هذه الحياة اختبار، يتم الحساب بعدها. فليست تصرفات الناس في الدنيا
    واحدة، هناك من يظلم، وهناك من يقتل، وهناك من يعتدي.. وكثيرا ما نرى
    الظالمين يذهبون بغير عقاب، كثيرا ما نرى المعتدين يتمتعون في الحياة
    بالاحترام والسلطة. أين تذهب شكاة المظلومين؟ وأين يذهب ألم المضطهدين؟ هل
    يدفن معهم في التراب بعد الموت؟

    إن العدالة تقتضي وجود يوم للقيامة. إن الخير لا ينتصر دائما في الحياة.
    أحيانا ينظم الشر جيوشه ويقتل حملة الخير. هل تذهب هذه الجريمة بغير عقاب؟

    إن ظلما عظيما يتأكد لو افترضنا أن يوم القيامة لن يجئ. ولقد حرم الله
    تعالى الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده. ومن تمام العدل وجود يوم
    للقيامة والحساب والجزاء. ذلك أن يوم القيامة هو اليوم الذي تعاد فيه جميع
    القضايا مرة أخرى أمام الخالق، ويعاد نظرها مرة أخرى. ويحكم فيها رب
    العالمين سبحانه. هذه هي الضرورة الأولى ليوم القيامة، وهي تتصل بعدالة
    الله ذاته.

    وثمة ضرورة أخرى ليوم القيامة، وهي تتصل بسلوك الإنسان نفسه. إن الاعتقاد
    بيوم الدين، والإيمان ببعث الأجساد، والوقوف للحساب، ثم تلقي الثواب
    والعقاب، ودخول الجنة أو النار، هذا شيء من شأنه أن يعلق أنظار البشر
    وقلوبهم بعالم أخر بعد عالم الأرض، فلا تستبد بهم ضرورات الحياة، ولا
    يستعبدهم الطمع، ولا تتملكهم الأنانية، ولا يقلقهم أنهم لم يحققوا جزاء
    سعيهم في عمرهم القصير المحدود، وبذلك يسمو الإنسان على الطين الذي خلق
    منه إلى الروح الذي نفخه ربه فيه. ولعل مفترق الطريق بين الخضوع لتصورات
    الأرض وقيمها وموازينها، والتعلق بقيم الله العليا، والانطلاق اللائق
    بالإنسان، يكمن في الإيمان بيوم القيامة.

    حدثهم هود بهذا كله فاستمعوا إليه وكذبوه. قالوا له هيهات هيهات..
    واستغربوا أن يبعث الله من في القبور، استغربوا أن يعيد الله خلق الإنسان
    بعد تحوله إلى التراب، رغم أنه خلقه من قبل من التراب. وطبقا للمقاييس
    البشرية، كان ينبغي أن يحس المكذبون للبعث أن إعادة خلق الإنسان من التراب
    والعظام أسهل من خلقه الأول. لقد بدأ الله الخلق فأي صعوبة في إعادته؟! إن
    الصعوبة -طبقا للمقياس البشري- تكمن في الخلق. وليس المقياس البشري غير
    مقياسٍ بشري ينطبق على الناس، أما الله، فليست هناك أمور صعبة أو سهلة
    بالنسبة إليه سبحانه، تجري الأمور بالنسبة إليه سبحانه بمجرد الأمر.
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الأحد نوفمبر 23, 2008 1:52 pm

    موقف الملأ من دعوة هود:

    يروي المولى عزل وجل موقف الملأ (وهم الرؤساء) من دعوة هود عليه السلام.
    سنرى هؤلاء الملأ في كل قصص الأنبياء. سنرى رؤساء القوم وأغنيائهم
    ومترفيهم يقفون ضد الأنبياء. يصفهم الله تعالى بقوله: (وَأَتْرَفْنَاهُمْ
    فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) من مواقع الثراء والغنى والترف، يولد الحرص
    على استمرار المصالح الخاصة. ومن مواقع الثراء والغنى والترف والرياسة،
    يولد الكبرياء. ويلتفت الرؤساء في القوم إلى أنفسهم ويتساءلون: أليس هذا
    النبي بشرا مثلنا، يأكل مما نأكل، ويشرب مما نشرب؟ بل لعله بفقره يأكل أقل
    مما نأكل، ويشرب في أكواب صدئة، ونحن نشرب في أكواب الذهب والفضة.. كيف
    يدعي أنه على الحق ونحن على الباطل؟ هذا بشر .. كيف نطيع بشرا مثلنا؟ ثم..
    لماذا اختار الله بشرا من بيننا ليوحى إليه؟

    قال رؤساء قوم هود: أليس غريبا أن يختار الله من بيننا بشرا ويوحي إليه؟!
    تسائل هو: ما هو الغريب في ذلك؟ إن الله الرحيم بكم قد أرسلني إليكم
    لأحذركم. إن سفينة نوح، وقصة نوح ليست ببعيدة عنكم، لا تنسوا ما حدث، لقد
    هلك الذين كفروا بالله، وسيهلك الذين يكفرون بالله دائما، مهما يكونوا
    أقوياء.
    قال رؤساء قوم هود: من الذي سيهلكنا يا هود؟
    قال هود: الله .
    قال الكافرون من قوم هود: ستنجينا آلهتنا.

    وأفهمهم هود أن هذه الآلهة التي يعبدونها لتقربهم من الله، هي نفسها التي
    تبعدهم عن الله. أفهمهم أن الله هو وحده الذي ينجي الناس، وأن أي قوة أخرى
    في الأرض لا تستطيع أن تضر أو تنفع.

    واستمر الصراع بين هود وقومه. وكلما استمر الصراع ومرت الأيام، زاد قوم
    هود استكبارا وعنادا وطغيانا وتكذيبا لنبيهم. وبدءوا يتهمون "هودا" عليه
    السلام بأنه سفيه مجنون.

    قالوا له يوما: لقد فهمنا الآن سر جنونك. إنك تسب آلهتنا وقد غضبت آلهتنا عليك، وبسبب غضبها صرت مجنونا.

    انظروا للسذاجة التي وصل إليها تفكيرهم. إنهم يظنون أن هذه الحجارة لها
    قوى على من صنعها. لها تأثير على الإنسان مع أنا لا تسمع ولا ترى ولا
    تنطق. لم يتوقف هود عند هذيانهم، ولم يغضبه أن يظنوا به الجنون والهذيان،
    ولكنه توقف عند قولهم: (وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ
    وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ).

    بعد هذا التحدي لم يبق لهود إلا التحدي. لم يبق له إلا التوجه إلى الله
    وحده. لم يبق أمامه إلا إنذار أخير ينطوي على وعيد للمكذبين وتهديدا لهم..
    وتحدث هود:

    إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي
    أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54)
    مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55) إِنِّي
    تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ
    هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56)
    فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ
    وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا
    إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) (هود)

    إن الإنسان ليشعر بالدهشة لهذه الجرأة في الحق. رجل واحد يواجه قوما غلاظا
    شدادا وحمقى. يتصورون أن أصنام الحجارة تستطيع الإيذاء. إنسان بمفرده يقف
    ضد جبارين فيسفه عقيدتهم، ويتبرأ منهم ومن آلهتهم، ويتحداهم أن يكيدوا له
    بغير إبطاء أو إهمال، فهو على استعداد لتلقي كيدهم، وهو على استعداد
    لحربهم فقد توكل على الله. والله هو القوي بحق، وهو الآخذ بناصية كل دابة
    في الأرض. سواء الدواب من الناس أو دواب الوحوش أو الحيوان. لا شيء يعجز
    الله.

    بهذا الإيمان بالله، والثقة بوعده، والاطمئنان إلى نصره.. يخاطب هود الذين
    كفروا من قومه. وهو يفعل ذلك رغم وحدته وضعفه، لأنه يقف مع الأمن الحقيقي
    ويبلغ عن الله. وهو في حديثه يفهم قومه أنه أدى الأمانة، وبلغ الرسالة.
    فإن كفروا فسوف يستخلف الله قوما غيرهم، سوف يستبدل بهم قوما آخرين. وهذا
    معناه أن عليهم أن ينتظروا العذاب.

    هلاك عاد:

    وهكذا أعلن هود لهم براءته منهم ومن آلهتهم. وتوكل على الله الذي خلقه،
    وأدرك أن العذاب واقع بمن كفر من قومه. هذا قانون من قوانين الحياة. يعذب
    الله الذين كفروا، مهما كانوا أقوياء أو أغنياء أو جبابرة أو عمالقة.

    انتظر هود وانتظر قومه وعد الله. وبدأ الجفاف في الأرض. لم تعد السماء
    تمطر. وهرع قوم هود إليه. ما هذا الجفاف يا هود؟ قال هود: إن الله غاضب
    عليكم، ولو آمنتم فسوف يرضى الله عنكم ويرسل المطر فيزيدكم قوة إلى قوتكم.
    وسخر قوم هود منه وزادوا في العناد والسخرية والكفر. وزاد الجفاف، واصفرت
    الأشجار الخضراء ومات الزرع. وجاء يوم فإذا سحاب عظيم يملأ السماء. وفرح
    قوم هود وخرجوا من بيوتهم يقولون: (هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا).

    تغير الجو فجأة. من الجفاف الشديد والحر إلى البرد الشديد القارس. بدأت
    الرياح تهب. ارتعش كل شيء، ارتعشت الأشجار والنباتات والرجال والنساء
    والخيام. واستمرت الريح. ليلة بعد ليلة، ويوما بعد يوم. كل ساعة كانت
    برودتها تزداد. وبدأ قوم هود يفرون، أسرعوا إلى الخيام واختبئوا داخلها،
    اشتد هبوب الرياح واقتلعت الخيام، واختبئوا تحت الأغطية، فاشتد هبوب
    الرياح وتطايرت الأغطية. كانت الرياح تمزق الملابس وتمزق الجلد وتنفذ من
    فتحات الجسم وتدمره. لا تكاد الريح تمس شيئا إلا قتلته ودمرته، وجعلته
    كالرميم.

    استمرت الرياح مسلطة عليهم سبع ليال وثمانية أيام لم تر الدنيا مثلها قط.
    ثم توقفت الريح بإذن ربها. لم يعد باقيا ممن كفر من قوم هود إلا ما يبقى
    من النخل الميت. مجرد غلاف خارجي لا تكاد تضع يدك عليه حتى يتطاير ذرات في
    الهواء.

    نجا هود ومن آمن معه.. وهلك الجبابرة.. وهذه نهاية عادلة لمن يتحدى الله ويستكبر عن عبادته.

    ...................................يتبع........... ...........................
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الأحد نوفمبر 23, 2008 1:53 pm

    سلسلة حياة الانبياء
    صالح عليه السلام

    نبذة:

    أرسله الله إلى قوم ثمود وكانوا قوما جاحدين آتاهم الله رزقا كثيرا ولكنهم
    عصوا ربهم وعبدوا الأصنام وتفاخروا بينهم بقوتهم فبعث الله إليهم صالحا
    مبشرا ومنذرا ولكنهم كذبوه وعصوه وطالبوه بأن يأتي بآية ليصدقوه فأتاهم
    بالناقة وأمرهم أن لا يؤذوها ولكنهم أصروا على كبرهم فعقروا الناقة
    وعاقبهم الله بالصاعقة فصعقوا جزاء لفعلتهم ونجى الله صالحا والمؤمنين.

    سيرته:

    إرسال صالح عليه السلام لثمود:

    جاء قوم ثمود بعد قوم عاد، وتكررت قصة العذاب بشكل مختلف مع ثمود. كانت
    ثمود قبيلة تعبد الأصنام هي الأخرى، فأرسل الله سيدنا "صالحا" إليهم..
    وقال صالح لقومه: (يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ
    غَيْرُهُ) نفس الكلمة التي يقولها كل نبي.. لا تتبدل ولا تتغير، كما أن
    الحق لا يتبدل ولا يتغير.

    فوجئ الكبار من قوم صالح بما يقوله.. إنه يتهم آلهتهم بأنها بلا قيمة، وهو
    ينهاهم عن عبادتها ويأمرهم بعبادة الله وحده. وأحدثت دعوته هزة كبيرة في
    المجتمع.. وكان صالح معروفا بالحكمة والنقاء والخير. كان قومه يحترمونه
    قبل أن يوحي الله إليه ويرسله بالدعوة إليهم.. وقال قوم صالح له:

    (قَالُواْ يَا صَالِحُ قَدْ كُنتَ فِينَا مَرْجُوًّا قَبْلَ هَـذَا
    أَتَنْهَانَا أَن نَّعْبُدَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا وَإِنَّنَا لَفِي
    شَكٍّ مِّمَّا تَدْعُونَا إِلَيْهِ مُرِيبٍ 62) (هود)

    تأمل وجهة نظر الكافرين من قوم صالح. إنهم يدلفون إليه من باب شخصي بحت.
    لقد كان لنا رجاء فيك. كنت مرجوا فينا لعلمك وعقلك وصدقك وحسن تدبيرك، ثم
    خاب رجاؤنا فيك.. أتنهانا أن نعبد ما يعبد آباؤنا؟! يا للكارثة.. كل شيء
    يا صالح إلا هذا. ما كنا نتوقع منك أن تعيب آلهتنا التي وجدنا آبائنا
    عاكفين عليها.. وهكذا يعجب القوم مما يدعوهم إليه. ويستنكرون ما هو واجب
    وحق، ويدهشون أن يدعوهم أخوهم صالح إلى عبادة الله وحده. لماذا؟ ما كان
    ذلك كله إلا لأن آبائهم كانوا يعبدون هذه الآلهة.

    معجزة صالح عليه السلام:

    ورغم نصاعة دعوة صالح عليه الصلاة والسلام، فقد بدا واضحا أن قومه لن
    يصدقونه. كانوا يشكون في دعوته، واعتقدوا أنه مسحور، وطالبوه بمعجزة تثبت
    أنه رسول من الله إليهم. وشاءت إرادة الله أن تستجيب لطلبهم. وكان قوم
    ثمود ينحتون من الجبال بيوتا عظيمة. كانوا يستخدمون الصخر في البناء،
    وكانوا أقوياء قد فتح الله عليهم رزقهم من كل شيء. جاءوا بعد قوم عاد
    فسكنوا الأرض التي استعمروها.

    قال صالح لقومه حين طالبوه بمعجزة ليصدقوه:

    (وَيَا قَوْمِ هَـذِهِ نَاقَةُ اللّهِ لَكُمْ آيَةً فَذَرُوهَا تَأْكُلْ
    فِي أَرْضِ اللّهِ وَلاَ تَمَسُّوهَا بِسُوءٍ فَيَأْخُذَكُمْ عَذَابٌ
    قَرِيبٌ 64) (هود)

    والآية هي المعجزة، ويقال إن الناقة كانت معجزة لأن صخرة بالجبل انشقت
    يوما وخرجت منها الناقة.. ولدت من غير الطريق المعروف للولادة. ويقال إنها
    كانت معجزة لأنها كانت تشرب المياه الموجودة في الآبار في يوم فلا تقترب
    بقية الحيوانات من المياه في هذا اليوم، وقيل إنها كانت معجزة لأنها كانت
    تدر لبنا يكفي لشرب الناس جميعا في هذا اليوم الذي تشرب فيه الماء فلا
    يبقى شيء للناس. كانت هذه الناقة معجزة، وصفها الله سبحانه وتعالى بقوله:
    (نَاقَةُ اللّهِ) أضافها لنفسه سبحانه بمعنى أنها ليست ناقة عادية وإنما
    هي معجزة من الله. وأصدر الله أمره إلى صالح أن يأمر قومه بعدم المساس
    بالناقة أو إيذائها أو قتلها، أمرهم أن يتركوها تأكل في أرض الله، وألا
    يمسوها بسوء، وحذرهم أنهم إذا مدوا أيديهم بالأذى للناقة فسوف يأخذهم عذاب
    قريب.

    في البداية تعاظمت دهشة ثمود حين ولدت الناقة من صخور الجبل.. كانت ناقة
    مباركة. كان لبنها يكفي آلاف الرجال والنساء والأطفال. كان واضحا إنها
    ليست مجرد ناقة عادية، وإنما هي آية من الله. وعاشت الناقة بين قوم صالح،
    آمن منهم من آمن وبقي أغلبهم على العناد والكفر. وذلك لأن الكفار عندما
    يطلبون من نبيهم آية، ليس لأنهم يريدون التأكد من صدقه والإيمان به، وإنما
    لتحديه وإظهار عجزه أمام البشر. لكن الله كان يخذلهم بتأييد أنبياءه
    بمعجزات من عنده.

    كان صالح عليه الصلاة والسلام يحدث قومه برفق وحب، وهو يدعوهم إلى عبادة
    الله وحده، وينبههم إلى أن الله قد أخرج لهم معجزة هي الناقة، دليلا على
    صدقه وبينة على دعوته. وهو يرجو منهم أن يتركوا الناقة تأكل في أرض الله،
    وكل الأرض أرض الله. وهو يحذرهم أن يمسوها بسوء خشية وقوع عذاب الله
    عليهم. كما ذكرهم بإنعام الله عليهم: بأنه جعلهم خلفاء من بعد قوم عاد..
    وأنعم عليهم بالقصور والجبال المنحوتة والنعيم والرزق والقوة. لكن قومه
    تجاوزوا كلماته وتركوه، واتجهوا إلى الذين آمنوا بصالح.

    يسألونهم سؤال استخفاف وزراية: أَتَعْلَمُونَ أَنَّ صَالِحًا مُّرْسَلٌ مِّن رَّبِّهِ ؟!
    قالت الفئة الضعيفة التي آمنت بصالح: إِنَّا بِمَا أُرْسِلَ بِهِ مُؤْمِنُونَ
    فأخذت الذين كفروا العزة بالإثم.. قَالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُواْ إِنَّا
    بِالَّذِيَ آمَنتُمْ بِهِ كَافِرُونَ هكذا باحتقار واستعلاء وغضب.

    تآمر الملأ على الناقة:

    وتحولت الكراهية عن سيدنا صالح إلى الناقة المباركة. تركزت عليها
    الكراهية، وبدأت المؤامرة تنسج خيوطها ضد الناقة. كره الكافرون هذه الآية
    العظيمة، ودبروا في أنفسهم أمرا.

    وفي إحدى الليالي، انعقدت جلسة لكبار القوم، وقد أصبح من المألوف أن نرى
    أن في قصص الأنبياء هذه التدابير للقضاء على النبي أو معجزاته أو دعوته
    تأتي من رؤساء القوم، فهم من يخافون على مصالحهم إن تحول الناس للتوحيد،
    ومن خشيتهم إلى خشية الله وحده. أخذ رؤساء القوم يتشاورون فيما يجب القيام
    به لإنهاء دعوة صالح. فأشار عليهم واحد منهم بقتل الناقة ومن ثم قتل صالح
    نفسه.

    وهذا هو سلاح الظلمة والكفرة في كل زمان ومكان، يعمدون إلى القوة والسلاح
    بدل الحوار والنقاش بالحجج والبراهين. لأنهم يعلمون أن الحق يعلوا ولا
    يعلى عليه، ومهما امتد بهم الزمان سيظهر الحق ويبطل كل حججهم. وهم لا
    يريدون أن يصلوا لهذه المرحلة، وقرروا القضاء على الحق قبل أن تقوى شوكته.

    لكن أحدهم قال: حذرنا صالح من المساس بالناقة، وهددنا بالعذاب القريب.
    فقال أحدهم سريعا قبل أن يؤثر كلام من سبقه على عقول القوم: أعرف من يجرأ
    على قتل الناقة. ووقع الاختيار على تسعة من جبابرة القوم. وكانوا رجالا
    يعيثون الفساد في الأرض، الويل لمن يعترضهم.

    هؤلاء هم أداة الجريمة. اتفق على موعد الجريمة ومكان التنفيذ. وفي الليلة
    المحددة. وبينما كانت الناقة المباركة تنام في سلام. انتهى المجرمون
    التسعة من إعداد أسلحتهم وسيوفهم وسهامهم، لارتكاب الجريمة. هجم الرجال
    على الناقة فنهضت الناقة مفزوعة. امتدت الأيدي الآثمة القاتلة إليها.
    وسالت دمائها.

    هلاك ثمود:


    علم النبي صالح بما حدث فخرج غاضبا على قومه. قال لهم: ألم أحذركم من أن تمسوا الناقة؟

    قالوا: قتلناها فأتنا بالعذاب واستعجله.. ألم تقل أنك من المرسلين؟

    قال صالح لقومه: تَمَتَّعُواْ فِي دَارِكُمْ ثَلاَثَةَ أَيَّامٍ ذَلِكَ وَعْدٌ غَيْرُ مَكْذُوبٍ

    بعدها غادر صالح قومه. تركهم ومضى. انتهى الأمر ووعده الله بهلاكهم بعد ثلاثة أيام.

    ومرت ثلاثة أيام على الكافرين من قوم صالح وهم يهزءون من العذاب وينتظرون،
    وفي فجر اليوم الرابع: انشقت السماء عن صيحة جبارة واحدة. انقضت الصيحة
    على الجبال فهلك فيها كل شيء حي. هي صرخة واحدة.. لم يكد أولها يبدأ
    وآخرها يجيء حتى كان كفار قوم صالح قد صعقوا جميعا صعقة واحدة.

    هلكوا جميعا قبل أن يدركوا ما حدث. أما الذين آمنوا بسيدنا صالح، فكانوا قد غادروا المكان مع نبيهم ونجوا.


    .................................يتبع............. ....................................
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الأحد نوفمبر 23, 2008 2:13 pm

    ابراهيم عليه السلام



    هو خليل الله، اصطفاه
    الله برسالته وفضله على كثير من خلقه، كان إبراهيم يعيش في قوم يعبدون
    الكواكب، فلم يكن يرضيه ذلك، وأحس بفطرته أن هناك إلها أعظم حتى هداه الله
    واصطفاه برسالته، وأخذ إبراهيم يدعو قومه لوحدانية الله وعبادته ولكنهم
    كذبوه وحاولوا إحراقه فأنجاه الله من بين أيديهم، جعل الله الأنبياء من
    نسل إبراهيم فولد له إسماعيل وإسحاق، قام إبراهيم ببناء الكعبة مع إسماعيل.




    سيرته:

    منزلة إبراهيم عليه السلام:

    هو أحد أولي العزم الخمسة الكبار الذين اخذ الله منهم ميثاقا غليظا، وهم:
    نوح وإبراهيم وموسى وعيسى ومحمد.. بترتيب بعثهم. وهو النبي الذي ابتلاه
    الله ببلاء مبين. بلاء فوق قدرة البشر وطاقة الأعصاب. ورغم حدة الشدة،
    وعنت البلاء.. كان إبراهيم هو العبد الذي وفى. وزاد على الوفاء بالإحسان.

    وقد كرم الله تبارك وتعالى إبراهيم تكريما خاصا، فجعل ملته هي التوحيد
    الخالص النقي من الشوائب. وجعل العقل في جانب الذين يتبعون دينه.

    وكان من فضل الله على إبراهيم أن جعله الله إماما للناس. وجعل في ذريته
    النبوة والكتاب. فكل الأنبياء من بعد إبراهيم هم من نسله فهم أولاده
    وأحفاده. حتى إذا جاء آخر الأنبياء محمد صلى الله عليه وسلم، جاء تحقيقا
    واستجابة لدعوة إبراهيم التي دعا الله فيها أن يبعث في الأميين رسولا منهم.

    ولو مضينا نبحث في فضل إبراهيم وتكريم الله له فسوف نمتلئ بالدهشة. نحن
    أمام بشر جاء ربه بقلب سليم. إنسان لم يكد الله يقول له أسلم حتى قال
    أسلمت لرب العالمين. نبي هو أول من سمانا المسلمين. نبي كان جدا وأبا لكل
    أنبياء الله الذين جاءوا بعده. نبي هادئ متسامح حليم أواه منيب.

    يذكر لنا ربنا ذو الجلال والإكرام أمرا آخر أفضل من كل ما سبق. فيقول الله
    عز وجل في محكم آياته: (وَاتَّخَذَ اللّهُ إِبْرَاهِيمَ خَلِيلاً) لم يرد
    في كتاب الله ذكر لنبي، اتخذه الله خليلا غير إبراهيم. قال العلماء:
    الخُلَّة هي شدة المحبة. وبذلك تعني الآية: واتخذ الله إبراهيم حبيبا. فوق
    هذه القمة الشامخة يجلس إبراهيم عليه الصلاة والسلام. إن منتهى أمل
    السالكين، وغاية هدف المحققين والعارفين بالله.. أن يحبوا الله عز وجل.
    أما أن يحلم أحدهم أن يحبه الله، أن يفرده بالحب، أن يختصه بالخُلَّة وهي
    شدة المحبة.. فذلك شيء وراء آفاق التصور. كان إبراهيم هو هذا العبد
    الرباني الذي استحق أن يتخذه الله خليلا.

    حال المشركين قبل بعثة إبراهيم:

    لا يتحدث القرآن عن ميلاده أو طفولته، ولا يتوقف عند عصره صراحة، ولكنه
    يرسم صورة لجو الحياة في أيامه، فتدب الحياة في عصره، وترى الناس قد
    انقسموا ثلاث فئات:

    فئة تعبد الأصنام والتماثيل الخشبية والحجرية.

    وفئة تعبد الكواكب والنجوم والشمس والقمر.

    وفئة تعبد الملوك والحكام.

    نشأة إبراهيم عليه السلام:

    وفي هذا الجو ولد إبراهيم. ولد في أسرة من أسر ذلك الزمان البعيد. لم يكن
    رب الأسرة كافرا عاديا من عبدة الأصنام، كان كافرا متميزا يصنع بيديه
    تماثيل الآلهة. وقيل أن أباه مات قبل ولادته فرباه عمه، وكان له بمثابة
    الأب، وكان إبراهيم يدعوه بلفظ الأبوة، وقيل أن أباه لم يمت وكان آزر هو
    والده حقا، وقيل أن آزر اسم صنم اشتهر أبوه بصناعته.. ومهما يكن من أمر
    فقد ولد إبراهيم في هذه الأسرة.

    رب الأسرة أعظم نحات يصنع تماثيل الآلهة. ومهنة الأب تضفي عليه قداسة خاصة
    في قومه، وتجعل لأسرته كلها مكانا ممتازا في المجتمع. هي أسرة مرموقة،
    أسرة من الصفوة الحاكمة.

    من هذه الأسرة المقدسة، ولد طفل قدر له أن يقف ضد أسرته وضد نظام مجتمعه
    وضد أوهام قومه وضد ظنون الكهنة وضد العروش القائمة وضد عبدة النجوم
    والكواكب وضد كل أنواع الشرك باختصار.

    مرت الأيام.. وكبر إبراهيم.. كان قلبه يمتلأ من طفولته بكراهية صادقة لهذه
    التماثيل التي يصنعها والده. لم يكن يفهم كيف يمكن لإنسان عاقل أن يصنع
    بيديه تمثالا، ثم يسجد بعد ذلك لما صنع بيديه. لاحظ إبراهيم إن هذه
    التماثيل لا تشرب ولا تأكل ولا تتكلم ولا تستطيع أن تعتدل لو قلبها أحد
    على جنبها. كيف يتصور الناس أن هذه التماثيل تضر وتنفع؟!

    مواجهة عبدة الكواكب والنجوم:

    قرر إبراهيم عليه السلام مواجهة عبدة النجوم من قومه، فأعلن عندما رأى أحد
    الكواكب في الليل، أن هذا الكوكب ربه. ويبدو أن قومه اطمأنوا له، وحسبوا
    أنه يرفض عبادة التماثيل ويهوى عبادة الكواكب. وكانت الملاحة حرة بين
    الوثنيات الثلاث: عبادة التماثيل والنجوم والملوك. غير أن إبراهيم كان
    يدخر لقومه مفاجأة مذهلة في الصباح. لقد أفل الكوكب الذي التحق بديانته
    بالأمس. وإبراهيم لا يحب الآفلين. فعاد إبراهيم في الليلة الثانية يعلن
    لقومه أن القمر ربه. لم يكن قومه على درجة كافية من الذكاء ليدركوا أنه
    يسخر منهم برفق ولطف وحب. كيف يعبدون ربا يختفي ثم يظهر. يأفل ثم يشرق. لم
    يفهم قومه هذا في المرة الأولى فكرره مع القمر. لكن القمر كالزهرة كأي
    كوكب آخر.. يظهر ويختفي. فقال إبراهيم عدما أفل القمر (لَئِن لَّمْ
    يَهْدِنِي رَبِّي لأكُونَنَّ مِنَ الْقَوْمِ الضَّالِّينَ) نلاحظ هنا أنه
    عندما يحدث قومه عن رفضه لألوهية القمر.. فإنه يمزق العقيدة القمرية بهدوء
    ولطف. كيف يعبد الناس ربا يختفي ويأفل. (لَئِن لَّمْ يَهْدِنِي رَبِّي)
    يفهمهم أن له ربا غير كل ما يعبدون. غير أن اللفتة لا تصل إليهم. ويعاود
    إبراهيم محاولته في إقامة الحجة على الفئة الأولى من قومه.. عبدة الكواكب
    والنجوم. فيعلن أن الشمس ربه، لأنها أكبر من القمر. وما أن غابت الشمس،
    حتى أعلن براءته من عبادة النجوم والكواكب. فكلها مغلوقات تأفل. وأنهى
    جولته الأولى بتوجيهه وجهه للذي فطر السماوات والأرض حنيفا.. ليس مشركا
    مثلهم.

    استطاعت حجة إبراهيم أن تظهر الحق. وبدأ صراع قومه معه. لم يسكت عنه عبدة
    النجوم والكواكب. بدءوا جدالهم وتخويفهم له وتهديده. ورد إبراهيم عليهم
    قال:

    أَتُحَاجُّونِّي فِي اللّهِ وَقَدْ هَدَانِ وَلاَ أَخَافُ مَا تُشْرِكُونَ
    بِهِ إِلاَّ أَن يَشَاء رَبِّي شَيْئًا وَسِعَ رَبِّي كُلَّ شَيْءٍ
    عِلْمًا أَفَلاَ تَتَذَكَّرُونَ (80) وَكَيْفَ أَخَافُ مَا أَشْرَكْتُمْ
    وَلاَ تَخَافُونَ أَنَّكُمْ أَشْرَكْتُم بِاللّهِ مَا لَمْ يُنَزِّلْ بِهِ
    عَلَيْكُمْ سُلْطَانًا فَأَيُّ الْفَرِيقَيْنِ أَحَقُّ بِالأَمْنِ إِن
    كُنتُمْ تَعْلَمُونَ (81) (الأنعام)

    لا نعرف رهبة الهجوم عليه. ولا حدة الصراع ضده، ولا أسلوب قومه الذي اتبعه
    معه لتخويفه. تجاوز القرآن هذا كله إلى رده هو. كان جدالهم باطلا فأسقطه
    القرآن من القصة، وذكر رد إبراهيم المنطقي العاقل. كيف يخوفونه ولا يخافون
    هم؟ أي الفريقين أحق بالأمن؟

    بعد أن بين إبراهيم عليه السلام حجته لفئة عبدة النجوم والكواكب، استعد
    لتبيين حجته لعبدة الأصنام. آتاه الله الحجة في المرة الأولى كما سيؤتيه
    الحجة في كل مرة.

    سبحانه.. كان يؤيد إبراهيم ويريه ملكوت السماوات والأرض. لم يكن معه غير
    إسلامه حين بدأ صراعه مع عبدة الأصنام. هذه المرة يأخذ الصراع شكلا أعظم
    حدة. أبوه في الموضوع.. هذه مهنة الأب وسر مكانته وموضع تصديق القوم.. وهي
    العبادة التي تتبعها الأغلبية.
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:25 pm

    يعقوب عليه السلام

    يقول المفسرون والمؤرخون: لم يفصل القرآن الكريم من قصة يعقوب سوى حزنه
    على فراق يوسف، لذلك فإن ما يذكر في الكتب عن يعقوب منقول من التوراة
    والاصحاحات.

    فيعقوب ورد اسمه في القرآن الكريم في عشر سور: البقرة وآل عمران والنساء والانعام وهود ويوسف ومريم والانبياء والعنكبوب وص.

    أما نسبه فهو يعقوب بن اسحاق بن ابراهيم
    عليهم السلام، وأمه رفقة بنت بتوئيل ويقال بأن يعقوب هو أحد توأمي نبي
    الله اسحاق وهما عيسى ويعقوب الذي يسمى اسرائيل ايضا.


    عاش يعقوب عند خاله لابان في العراق، فزوجه بنتيه لئيل وراحيل، ولابان
    عندما زوجهما من يعقوب اهدى كلا منهما جارية. وهما بدورهما أهدتا
    الجاريتين الى يعقوب الزوج، وبذلك صار يعقوب لأربع زوجات هن: ليئة وراحيل وزلفا وبلهة. اما ليئة فقد أنجبت له روبين وشمعون ولاوي ويهوذا ويساكر وزبولون.

    وأما راحيل فأنجبت له يوسف وبنيامين، كما أنجبت
    له بلهة دان ونفتالين، وأنجبت زلفا جاد وأشير، وبذلك صار يعقوب في غمضة
    عين زوجا لأربع زوجات وأبا لاثني عشر ولدا عرفوا بالاسباط فيما بعد، وتوفي
    عنهم بعد ان بلغ 180 سنة ودفن في الخليل بفلسطين.


    - ولنقف مع يعقوب عدة وقفات أيضا:

    1- لم يخرج يعقوب الى خاله بعيدا عن أبويه لولا جفوة عيسى توأمه له، فهو
    كان يرى ان يعقوب أحب الى قلب أمه فكان يكرهه، لذلك فإن أباه اقترح عليه
    ان يبتعد فأخذ باقتراحه ولم يعد الى مسقط رأسه الا بعد ان تزوج وعرف ان
    عيسي لان قلبه قليلا.

    2- لم يكن تعدد الزوجات يمنا على يعقوب، بل كان سببا في كل محنته التي لاقاها فيما بعد بسبب كيد إخوة كانوا من أربع زوجات.

    3- كانت راحيل والدة يوسف وبنيامين أحب
    الى قلب يعقوب، لأنه أرادها زوجة له من البداية، لولا ان خاله قال: لا
    أزوجك الصغرى قبل الكبرى، فطلب منه يعقوب ان يزوجه إياها فقال اخدمني عشر
    سنوات اخرى حتى أزوجك إياها والآن تزوج لية فتزوجها، ثم تزوج راحيل بعد
    عشر سنوات عن عشق.


    4- كان يوسف ايضا احب الى قلب يعقوب، وقد كان يرى فيه النجابة وأثر
    النبوة، لكن هذا لم يرض إخوته فكادوا له فافتعلوا قصة الذئب الذي كان
    بريئا من دم يوسف.

    5- قاسى يعقوب من فقد يوسف كثيرا، ولكن ربما كان هو السبب لأنه قرب يوسف
    وأخاه بنيامين اكثر، مما جعل إخوته يفكرون في التخلص منه، وقبل ان يقدموا
    على فعلتهم رأى يوسف رؤيا فقال لأبيه: “يا أبت اني رأيت احد عشر كوكبا
    والشمس والقمر رأيتهم لي ساجدين”، عندئذ أحس يعقوب بخطورة الموقف فقال
    ليوسف: “يا بني لا تقصص رؤياك على إخوتك فيكيدوا لك كيدا ان الشيطان
    للانسان عدو مبين”.

    - ذهب الاخوة ونفذوا مؤامرتهم واتفقوا على ان
    الاسلوب الأمثل ان يوضع يوسف في الجب فلعل قافلة تلتقطه وتأخذه بعيدا عن
    عيونهم وعين أبيه، فاحتالوا على الأب المسكين وأخذوا يوسف بحجة انه سوف
    يخرج معهم للتنزه، فقال الأب: “اني ليحزنني أن تذهبوا به وأخاف ان يأكله
    الذئب وأنتم عنه غافلون، قالوا لئن أكله الذئب ونحن عصبة انا اذا لخاسرون”.


    - نعم ذهبوا به ووقع ما توقعه يعقوب فألقوه في الجب وجاؤوا يبكون ويتصنعون بالدم الكذب وقالوا الذئب أكله.

    - لم يصدقهم يعقوب وقال: “بل سولت لكم أنفسكم أمرا فصبر جميل والله المستعان على ما تصفون”.

    - هذه الحادثة لم تمر على يعقوب بسلام، فحزن حزنا شديدا، وبكى حتى عميت عيناه واستسلم لقضاء الله.


    د.عارف الشيخ
    منقول من جريدة الخليج
    الإمارات
    19-10-2004
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:27 pm

    يونس عليه السلام

    سيرته:

    كان يونس بن متى نبيا كريما أرسله الله
    إلى قومه فراح يعظهم، وينصحهم، ويرشدهم إلى الخير، ويذكرهم بيوم القيامة،
    ويخوفهم من النار، ويحببهم إلى الجنة، ويأمرهم بالمعروف، ويدعوهم إلى
    عبادة الله وحده. وظل ذو النون -يونس عليه السلام- ينصح قومه فلم يؤمن منهم أحد.

    وجاء يوم عليه فأحس باليأس من قومه.. وامتلأ قلبه بالغضب عليهم لأنهم لا
    يؤمنون، وخرج غاضبا وقرر هجرهم ووعدهم بحلول العذاب بهم بعد ثلاثة أيام.
    ولا يذكر القرآن أين كان قوم يونس. ولكن المفهوم أنهم كانوا في بقعة قريبة من البحر. وقال أهل التفسير: بعث الله يونس عليه السلام إلى أهل (نينوى) من أرض الموصل. فقاده الغضب إلى شاطىء البحر حيث ركب سفينة مشحونة. ولم يكن الأمر الإلهي قد صدر له بأن يترك قومه أو ييأس منهم. فلما خرج من قريته، وتأكد أهل القرية من نزول العذاب بهم قذف الله في قلوبهم التوبة والإنابة وندموا على ما كان منهم إلى نبيهم وصرخوا وتضرعوا إلى الله عز وجل، وبكى الرجال والنساء والبنون والبنات والأمهات. وكانوا مائة ألف يزيدون ولا ينقصون. وقد آمنوا أجمعين. فكشف الله العظيم بحوله وقوته ورأفته ورحمته عنهم العذاب الذي استحقوه بتكذيبهم.

    أمر السفينة:

    أما السفينة التي ركبها يونس، فقد
    هاج بها البحر، وارتفع من حولها الموج. وكان هذا علامة عند القوم بأن من
    بين الركاب راكباً مغضوباً عليه لأنه ارتكب خطيئة. وأنه لا بد أن يلقى في
    الماء لتنجو السفينة من الغرق. فاقترعوا على من يلقونه من السفينة . فخرج
    سهم يونس -وكان معروفاً عندهم بالصلاح-
    فأعادوا القرعة، فخرج سهمه ثانية، فأعادواها ثالثة، ولكن سهمه خرج بشكل
    أكيد فألقوه في البحر -أو ألقى هو نفسه. فالتقمه الحوت لأنه تخلى عن
    المهمة التي أرسله الله بها, وترك قومه مغاضباً قبل أن يأذن الله له. وأحى الله للحوت أن لا يخدش ليونس لحما ولا يكسر له عظما. واختلف المفسرون في مدة بقاء يونس
    في بطن الحوت، فمنهم من قال أن الحوت التقمه عند الضحى، وأخرجه عند
    العشاء. ومنهم من قال انه لبث في بطنه ثلاثة أيام، ومنهم من قال سبعة.

    يونس في بطن الحوت:

    عندما أحس بالضيق في بطن الحوت، في الظلمات -ظلمة الحوت، وظلمة البحر، وظلمة الليل- سبح الله واستغفره وذكر أنه كان من الظالمين. وقال: (لَّا إِلَهَ إِلَّا أَنتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنتُ مِنَ الظَّالِمِينَ). فسمع الله دعاءه واستجاب له. فلفظه الحوت. (فلولا أنه كان من المسبحين للبث في بطنه إلى يوم يبعثون). وقد خرج من بطن الحوت سقيماً عارياً على الشاطىء. وأنبت الله
    عليه شجرة القرع. قال بعض العلماء في إنبات القرع عليه حِكَم جمة. منها أن
    ورقه في غاية النعومة وكثير وظليل ولا يقربه ذباب، ويؤكل ثمره من أول
    طلوعه إلى آخره نياً ومطبوخاً، وبقشره وببزره أيضاً. وكان هذا من تدبير الله ولطفه. وفيه نفع كثير وتقوية للدماغ وغير ذلك. فلما استكمل عافيته رده الله إلى قومه الذين تركهم مغاضباً.

    ‏فضل يونس عليه السلام
    :

    لقد وردت أحاديث كثيرة عن فضل يونس عليه السلام، منها قول النبي‏ ‏صلى الله
    عليه وسلم: "‏لا ينبغي لعبد أن يقول أنا خير من ‏‏ يونس بن متى" وقوله
    عليه الصلاة والسلام: "من قال أنا خير من ‏‏ يونس بن متى ‏ ‏فقد كذب".


    ذنب يونس عليه السلام:

    نريد الآن أن ننظر فيما يسميه العلماء ذنب يونس. هل ارتكب يونس
    ذنبا بالمعنى الحقيقي للذنب؟ وهل يذنب الأنبياء. الجواب أن الأنبياء
    معصومون.. غير أن هذه العصمة لا تعني أنهم لا يرتكبون أشياء هي عند الله
    أمور تستوجب العتاب. المسألة نسبية إذن.

    يقول العارفون بالله: إن حسنات الأبرار سيئات المقربين.. وهذا صحيح. فلننظر إلى فرار يونس من قريته الجاحدة المعاندة. لو صدر هذا التصرف من أي إنسان صالح غير يونس.. لكان ذلك منه حسنة يثاب عليها. فهو قد فر بدينه من قوم مجرمين.

    ولكن يونس نبي أرسله الله إليهم.. والمفروض أن يبلغ عن الله ولا يعبأ بنهاية التبليغ أو ينتظر نتائج الدعوة.. ليس عليه إلا البلاغ.

    خروجه من القرية إذن.. في ميزان الأنبياء.. أمر يستوجب تعليم الله تعالى له وعقابه.

    إن الله يلقن يونس درسا في الدعوة إليه، ليدعو النبي إلى الله فقط. هذه حدود مهمته وليس عليه أن يتجاوزها ببصره أو قلبه ثم يحزن لأن قومه لا يؤمنون.

    ولقد خرج يونس بغير إذن فانظر
    ماذا وقع لقومه. لقد آمنوا به بعد خروجه.. ولو أنه مكث فيهم لأدرك ذلك
    وعرفه واطمأن قلبه وذهب غضبه.. غير أنه كان متسرعا.. وليس تسرعه هذا سوى
    فيض في رغبته أن يؤمن الناس، وإنما اندفع إلى الخروج كراهية لهم لعدم
    إيمانهم.. فعاقبه الله وعلمه أن على النبي أن يدعو لله فحسب. والله يهدي من يشاء.
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:28 pm

    هارون عليه السلام

    نبذة:

    أخو موسى ورفيقه في دعوة فرعون إلى الإيمان بالله لأنه كان فصيحا ومتحدثا،
    استخلفه موسى على قومه عندما ذهب للقاء الله فوق جبل الطور، ولكن حدثت
    فتنة السامري الذي حول بني إسرائيل إلى عبادة عجل من الذهب له خوار ،
    فدعاهم هارون إلى الرجوع لعبادة الله بدلا من العجل ولكنهم استكبروا فلما
    رجع موسى ووجد ما آل إليه قومه عاتب هارون عتابا شديدا.



    سيرته:


    لا يذكر الكثير عن سيرة هارون عليه السلام. إلا أن المعلوم هو أن الله أيد
    موسى بأخيه هارون في دعوته فلقد كان هارون عليه السلام أفصح لسانا. وورد
    موقف موسى عليه السلام من أخيه حين استخلفه على بني إسرائيل وذهب للقاء
    ربه، فعبدت بنو إسرائيل العجل الذي صنعه السامري. القصة مذكورة بتفاصيلها
    في قصة موسى عليه السلام.
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:29 pm

    الياس عليه السلام

    نبذة:


    أرسل إلى أهل بعلبك غربي دمشق فدعاهم إلى عبادة الله وأن يتركوا عبادة صنم كانوا يسمونه بعلا فآذوه، وقال ابن عباس هو عم اليسع.


    سيرته:

    قال تعالى:

    وَإِنَّ إِلْيَاسَ لَمِنْ الْمُرْسَلِينَ (123)
    إِذْ قَالَ لِقَوْمِهِ أَلَا تَتَّقُونَ (124) أَتَدْعُونَ بَعْلًا
    وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ
    آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ
    (127) إِلَّا عِبَادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128) وَتَرَكْنَا عَلَيْهِ
    فِي الْآخِرِينَ (129) سَلَامٌ عَلَى إِلْ يَاسِينَ (130) إِنَّا كَذَلِكَ
    نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبَادِنَا الْمُؤْمِنِينَ
    (131)
    (الصافات)

    هذه الآيات القصار هي كل ما يذكره الله تعالى من قصة إلياس.. لذلك اختلف
    المؤرخون في نسبه وفي القوم الذين أرسل إليهم.. فقال الطبري أنه إلياس بن
    ياسين بن فنحاص بن العيزار بن هارون.. أما ابن كثير فيقول أن إلياس
    والياسين اسمين لرجل واحد فالعرب تلحق النون في أسماء كثيرة وتبدلها من
    غيرها.

    الروايات المختلفة حول دعوته:

    جاء في تاريخ الطبري عن ابن اسحق ما ملخصه:

    إن الياس عليه السلام لما دعا بني إسرائيل الى نبذ عبادة الأصنام،
    والاستمساك بعبادة الله وحده رفضوه ولم يستجيبوا له، فدعا ربه فقال: اللهم
    إن بني إسرائيل قد أبو إلا الكفر بك والعبادة لغيرك، فغير ما بهم من نعمتك
    فأوحي الله إليه إنا جعلنا أمر أرزاقهم بيدك فأنت الذي تأمر في ذلك، فقال
    إلياس: اللهم فأمسك عليهم المطر فحبس عنهم ثلاث سنين، حتى هلكت الماشية
    والشجر، وجهد الناس جهداً شديداً، وما دعا عليهم استخفي عن أعينهم وكان
    يأتيه رزقه حيث كان فكان بنو إسرائيل كلما وجدوا ربح الخبز في دار قالوا
    هنا إلياس فيطلبونه، وينال أهل المنزل منهم شر وقد أوي ذات مرة إلى بيت
    امرأة من بنى إسرائيل لها ابن يقال له اليسع بن خطوب به ضر فآوته واخفت
    أمره. فدعا ربه لابنها فعافاه من الضر الذي كان به واتبع إلياس وآمن به
    وصدقه ولزمة فكان يذهب معه حيثما ذهب وكان إلياس قد أسن وكبر، وكان اليسع
    غلاماً شاباً ثم إن إلياس قال لبني إسرائيل إذا تركتم عبادة الأصنام دعوات
    الله أن يفرج عنكم فأخرجوا أصنامهم ومحدثاتهم فدعا الله لهم ففرج عنهم
    وأغاثهم، فحييت بلادهم ولكنهم لم يرجعوا عما كانوا عليه ولم يستقيموا فلما
    رأي إلياس منهم دعا ربه أن يقبضه إليه فقبضة ورفعه.

    ويذكر ابن كثير أن رسالته كانت لأهل بعلبك غربي دمشق وأنه كان لهم صنم
    يعبدونه يسمي (بعلا) وقد ذكره القرآن الكريم على لسان إلياس حين قال لقومه
    ( أَتَدْعُونَ بَعْلًا وَتَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخَالِقِينَ (125) وَاللَّهَ رَبَّكُمْ وَرَبَّ آبَائِكُمُ الْأَوَّلِينَ).

    ويذكر بعض المؤرخين أنه عقب انتهاء ملك سليمان بن داود عليه السلام وذلك
    في سنة 933 قبل الميلاد انقسمت مملكة بن إسرائيل إلى قسمين، الأول ، يخضع
    لملك سلالة سليمان وأول ملوكهم رحبعام بن سليمان والثاني يخضع لاحد أسباط
    افرايم بن يوسف الصديق واسم ملكهم جر بعام. وقد تشتت دولة بنى إسرائيل بعد
    سليمان عليه السلام بسبب اختلاف ملوكهم وعظمائهم على السلطة، وبسبب الكفر
    والضلال الذي انتشر بين صفوفهم وقد سمح أحد ملوكهم وهو أخاب لزوجته بنشر
    عبادة قومها في بني إسرائيل، وكان قومها عباداً للأوثان فشاعت العبادة
    الوثنية، وعبدوا الصنم الذي ذكره القرآن الكريم واسمه (بعل) فأرسل إليهم
    إلياس عليه السلام الذي تحدثنا عن دعوته فما توفي إلياس عليه السلام أوحي
    الله تعالى إلى أحد الأنبياء واسمه اليسع عليه السلام ليقوم في نبي
    إسرائيل، فيدعوهم إلى عبادة الله الواحد القهار.

    وأرجح الآراء إن إلياس هو النبي المسمى إيليا في التوراة.
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:30 pm

    يحيى عليه السلام


    نبذة:


    ابن نبي الله زكريا، ولد استجابة لدعاء زكريا لله أن يرزقه الذرية الصالحة
    فجعل آية مولده أن لا يكلم الناس ثلاث ليال سويا، وقد كان يحيى نبيا
    وحصورا ومن الصالحين ، كما كان بارا تقيا ورعا منذ صباه.



    سيرته:

    ذكر خبر ولادة يحيى عليه السلام في قصة نبي الله زكريا. وقد شهد الحق عز
    وجل له أنه لم يجعل له من قبل شبيها ولا مثيلا، وهو النبي الذي قال الحق
    عنه: (وَحَنَانًا مِّن لَّدُنَّا)..

    ومثلما أوتي الخضر علما من لدن الله، أوتي يحيي حنانا من لدن الله، والعلم
    مفهوم، والحنان هو العلم الشمولي الذي يشيع في نسيجه حب عميق للكائنات
    ورحمة بها، كأن الحنان درجة من درجات الحب الذي ينبع من العلم.

    ولقد كان يحيي في الأنبياء نموذجا لا مثيل له في النسك والزهد والحب
    الإلهي.. هو النبي الناسك. كان يضيء حبا لكل الكائنات، وأحبه الناس وأحبته
    الطيور والوحوش والصحاري والجبال، ثم أهدرت دمه كلمة حق قالها في بلاط ملك
    ظالم، بشأن أمر يتصل براقصة بغي.

    فضل يحيى عليه السلام:

    يذكر العلماء فضل يحيي ويوردون لذلك أمثلة كثيرة. كان يحيي معاصرا لعيسى وقريبه من جهة الأم (ابن خالة أمه)..

    وتروي السنة أن يحيي وعيسى التقيا يوما.

    فقال عيسى ليحيي: استغفر لي يا يحيي.. أنت خير مني.

    قال يحيي: استغفر لي يا عيسى. أنت خير مني.

    قال عيسى: بل أنت خير مني.. سلمت على نفسي وسلم الله عليك.

    تشير القصة إلى فضل يحيي حين سلم الله عليه يوم ولد ويوم يموت ويوم يبعث حيا.

    ويقال إن رسول الله صلى الله عليه وسلم خرج على أصحابه يوما فوجدهم يتذاكرون فضل الأنبياء.

    قال قائل: موسى كليم الله.

    وقال قائل: عيسى روح الله وكلمته.

    وقال قائل: إبراهيم خليل الله.

    ومضى الصحابة يتحدثون عن الأنبياء، فتدخل الرسول عليه الصلاة والسلام حين
    رآهم لا يذكرون يحيي. أين الشهيد ابن الشهيد؟ يلبس الوبر ويأكل الشجر
    مخافة الذنب. أين يحيي بن زكريا؟

    نشأته:

    ولد يحيي عليه السلام.. كان ميلاده معجزة.. فقد جاء لأبيه زكريا بعد عمر
    طال حتى يئس الشيخ من الذرية.. وجاء بعد دعوة نقية تحرك بها قلب النبي
    زكريا.

    ولد يحيي عليه السلام فجاءت طفولته غريبة عن دنيا الأطفال.. كان معظم
    الأطفال يمارسون اللهو، أما هو فكان جادا طوال الوقت.. كان بعض الأطفال
    يتسلى بتعذيب الحيوانات، وكان يحيي يطعم الحيوانات والطيور من طعامه رحمة
    بها، وحنانا عليها، ويبقى هو بغير طعام.. أو يأكل من أوراق الشجر أو
    ثمارها.

    وكلما كبر يحيي في السن زاد النور في وجهه وامتلأ قلبه بالحكمة وحب الله
    والمعرفة والسلام. وكان يحيي يحب القراءة، وكان يقرأ في العلم من طفولته..
    فلما صار صبيا نادته رحمة ربه: (يَا يَحْيَى خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ وَآتَيْنَاهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا).

    صدر الأمر ليحيي وهو صبي أن يأخذ الكتاب بقوة، بمعنى أن يدرس الكتاب
    بإحكام، كتاب الشريعة.. رزقه الله الإقبال على معرفة الشريعة والقضاء بين
    الناس وهو صبي.. كان أعلم الناس وأشدهم حكمة في زمانه درس الشريعة دراسة
    كاملة، ولهذا السبب آتاه الله الحكم وهو صبي.. كان يحكم بين الناس، ويبين
    لهم أسرار الدين، ويعرفهم طريق الصواب ويحذرهم من طريق الخطأ.

    وكبر يحيي فزاد علمه، وزادت رحمته، وزاد حنانه بوالديه، والناس،
    والمخلوقات، والطيور، والأشجار.. حتى عم حنانه الدنيا وملأها بالرحمة..
    كان يدعو الناس إلى التوبة من الذنوب، وكان يدعو الله لهم.. ولم يكن هناك
    إنسان يكره يحيي أو يتمنى له الضرر. كان محبوبا لحنانه وزكاته وتقواه
    وعلمه وفضله.. ثم زاد يحيي على ذلك بالتنسك.

    وكان يحيي إذا وقف بين الناس ليدعوهم إلى الله أبكاهم من الحب والخشوع..
    وأثر في قلوبهم بصدق الكلمات وكونها قريبة العهد من الله وعلى عهد الله..

    وجاء صباح خرج فيه يحيي على الناس.. امتلأ المسجد بالناس، ووقف يحيي بن
    زكريا وبدأ يتحدث.. قال: إن الله عز وجل أمرني بكلمات أعمل بها، وآمركم أن
    تعملوا بها.. أن تعبدوا الله وحده بلا شريك.. فمن أشرك بالله وعبد غيره
    فهو مثل عبد اشتراه سيده فراح يعمل ويؤدي ثمن عمله لسيد غير سيده.. أيكم
    يحب أن يكون عبده كذلك..؟ وآمركم بالصلاة لأن الله ينظر إلى عبده وهو
    يصلي، ما لم يلتفت عن صلاته.. فإذا صليتم فاخشعوا.. وآمركم بالصيام.. فان
    مثل ذلك كمثل رجل معه صرة من مسك جميل الرائحة، كلما سار هذا الرجل فاحت
    منه رائحة المسك المعطر. وآمركم بذكر الله عز وجل كثيرا، فان مثل ذلك كمثل
    رجل طلبه أعداؤه فأسرع لحصن حصين فأغلقه عليه.. وأعظم الحصون ذكر الله..
    ولا نجاة بغير هذا الحصن.

    مواجهة الملك:


    كان أحد ملوك ذلك الزمان طاغية ضيق العقل غبي القلب يستبد برأيه، وكان
    الفساد منتشرا في بلاطه.. وكان يسمع أنباء متفرقة عن يحيي فيدهش لأن الناس
    يحبون أحدا بهذا القدر، وهو ملك ورغم ذلك لا يحبه أحد.

    وكان الملك يريد الزواج من ابنة أخيه، حيث أعجبه جمالها، وهي أيضا طمعت
    بالملك، وشجعتها أمها على ذلك. وكانوا يعلمون أن هذا حرام في دينهم. فأرد
    الملك أن يأخذ الإذن من يحيى عليه السلام. فذهبوا يستفتون يحيى ويغرونه
    بالأموال ليستثني الملك.

    لم يكن لدى الفتاة أي حرج من الزواج بالحرام، فلقد كانت بغيّ فاجرة. لكن
    يحيى عليه السلام أعلن أمام الناس تحريم زواج البنت من عمّها. حتى يعلم
    الناس –إن فعلها الملك- أن هذا انحراف. فغضب الملك وأسقط في يده، فامتنع
    عن الزواج.

    لكن الفتاة كانت لا تزال طامعة في الملك. وفي إحدى الليالي الفاجرة أخذت
    البنت تغني وترقص فأرادها الملك لنفسهن فأبت وقالت: إلا أن تتزوجني. قال:
    كيف أتزوجك وقد نهانا يحيى. قالت: ائتني برأس يحيى مهرا لي. وأغرته إغراء
    شديدا فأمر في حينه بإحضار رأس يحيى له.

    فذهب الجنود ودخلوا على يحيى وهو يصلي في المحراب. وقتلوه، وقدموا رأسه على صحن للملك، فقدّم الصحن إلى هذه البغيّ وتزوجها بالحرام.
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:31 pm

    نوح عليه السلام

    نبذة:


    كان نوح تقيا صادقا أرسله الله ليهدي قومه وينذرهم عذاب الآخرة ولكنهم
    عصوه وكذبوه، ومع ذلك استمر يدعوهم إلى الدين الحنيف فاتبعه قليل من
    الناس، واستمر الكفرة في طغيانهم فمنع الله عنهم المطر ودعاهم نوح أن
    يؤمنوا حتى يرفع الله عنهم العذاب فآمنوا فرفع الله عنهم العذاب ولكنهم
    رجعوا إلى كفرهم، وأخذ يدعوهم 950 سنة ثم أمره الله ببناء السفينة وأن
    يأخذ معه زوجا من كل نوع ثم جاء الطوفان فأغرقهم أجمعين.


    سيرته:

    حال الناس قبل بعثة نوح:

    قبل أن يولد قوم نوح عاش خمسة رجال صالحين من أجداد قوم نوح، عاشوا زمنا
    ثم ماتوا، كانت أسماء الرجال الخمسة هي: (ودَّ، سُواع، يغوث، يعوق، نسرا).
    بعد موتهم صنع الناس لهم تماثيل في مجال الذكرى والتكريم، ومضى الوقت..
    ومات الذين نحتوا التماثيل.. وجاء أبنائهم.. ومات الأبناء وجاء أبناء
    الأبناء.. ثم نسجت قصصا وحكايات حول التماثيل تعزو لها قوة خاصة.. واستغل
    إبليس الفرصة، وأوهم الناس أن هذه تماثيل آلهة تملك النفع وتقدر على
    الضرر.. وبدأ الناس يعبدون هذه التماثيل.

    إرسال نوح عليه السلام:

    كان نوح كان على الفطرة مؤمنا بالله تعالى قبل بعثته إلى الناس. وكل
    الأنبياء مؤمنون بالله تعالى قبل بعثتهم. وكان كثير الشكر لله عزّ وجلّ.
    فاختاره الله لحمل الرسالة. فخرج نوح على قومه وبدأ دعوته:

    يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ إِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ عَظِيمٍ


    بهذه الجملة الموجزة وضع نوح قومه أمام حقيقة الألوهية.. وحقيقة البعث.
    هناك إله خالق وهو وحده الذي يستحق العبادة.. وهناك موت ثم بعث ثم يوم
    للقيامة. يوم عظيم، فيه عذاب يوم عظيم.شرح "نوح" لقومه أنه يستحيل أن يكون
    هناك غير إله واحد هو الخالق. أفهمهم أن الشيطان قد خدعهم زمنا طويلا، وأن
    الوقت قد جاء ليتوقف هذا الخداع، حدثهم نوح عن تكريم الله للإنسان. كيف
    خلقه، ومنحه الرزق وأعطاه نعمة العقل، وليست عبادة الأصنام غير ظلم خانق
    للعقل.

    تحرك قوم نوح في اتجاهين بعد دعوته. لمست الدعوة قلوب الضعفاء والفقراء
    والبؤساء، وانحنت على جراحهم وآلامهم بالرحمة.. أما الأغنياء والأقوياء
    والكبراء، تأملوا الدعوة بعين الشك… ولما كانوا يستفيدون من بقاء الأوضاع
    على ما هي عليه.. فقد بدءوا حربهم ضد نوح.

    في البداية اتهموا نوحا بأنه بشر مثلهم:

    فَقَالَ الْمَلأُ الَّذِينَ كَفَرُواْ مِن قِوْمِهِ مَا نَرَاكَ إِلاَّ بَشَرًا مِّثْلَنَا

    قال تفسير القرطبي: الملأ الذين كفروا من قومه هم الرؤساء الذين كانوا في قومه. يسمون الملأ لأنهم مليئون بما يقولون.

    قال هؤلاء الملأ لنوح: أنت بشر يا نوح.

    رغم أن نوحا لم يقل غير ذلك، وأكد أنه مجرد بشر.. والله يرسل إلى الأرض
    رسولا من البشر، لأن الأرض يسكنها البشر، ولو كانت الأرض تسكنها الملائكة
    لأرسل الله رسولا من الملائكة.. استمرت الحرب بين الكافرين ونوح.

    في البداية، تصور الكفرة يومها أن دعوة نوح لا تلبث أن تنطفئ وحدها، فلما
    وجدوا الدعوة تجتذب الفقراء والضعفاء وأهل الصناعات البسيطة بدءوا الهجوم
    على نوح من هذه الناحية. هاجموه في أتباعه، وقالوا له: لم يتبعك غير
    الفقراء والضعفاء والأراذل.

    هكذا اندلع الصراع بين نوح ورؤساء قومه. ولجأ الذين كفروا إلى المساومة.
    قالوا لنوح: اسمع يا نوح. إذا أردت أن نؤمن لك فاطرد الذين آمنوا بك. إنهم
    ضعفاء وفقراء، ونحن سادة القوم وأغنياؤهم.. ويستحيل أن تضمنا دعوة واحدة
    مع هؤلاء.

    واستمع نوح إلى كفار قومه وأدرك أنهم يعاندون، ورغم ذلك كان طيبا في رده.
    أفهم قومه أنه لا يستطيع أن يطرد المؤمنين، لأنهم أولا ليسوا ضيوفه، إنما
    هم ضيوف الله.. وليست الرحمة بيته الذي يدخل فيه من يشاء أو يطرد منه من
    يشاء، إنما الرحمة بيت الله الذي يستقبل فيه من يشاء.

    كان نوح يناقش كل حجج الكافرين بمنطق الأنبياء الكريم الوجيه. وهو منطق
    الفكر الذي يجرد نفسه من الكبرياء الشخصي وهوى المصالح الخاصة.

    قال لهم إن الله قد آتاه الرسالة والنبوة والرحمة. ولم يروا هم ما آتاه
    الله، وهو بالتالي لا يجبرهم على الإيمان برسالته وهم كارهون. إن كلمة لا
    إله إلا الله لا تفرض على أحد من البشر. أفهمهم أنه لا يطلب منهم مقابلا
    لدعوته، لا يطلب منهم مالا فيثقل عليهم، إن أجره على الله، هو الذي يعطيه
    ثوابه. أفهمهم أنه لا يستطيع أن يطرد الذين آمنوا بالله، وأن له حدوده
    كنبي. وحدوده لا تعطيه حق طرد المؤمنين لسببين: أنهم سيلقون الله مؤمنين
    به فكيف يطرد مؤمنا بالله؟ ثم أنه لو طردهم لخاصموه عند الله، ويجازي من
    طردهم، فمن الذي ينصر نوحا من الله لو طردهم؟ وهكذا انتهى نوح إلى أن
    مطالبة قومه له بطرد المؤمنين جهل منهم.

    وعاد نوح يقول لهم أنه لا يدعى لنفسه أكثر مما له من حق، وأخبرهم بتذللـه
    وتواضعه لله عز وجل، فهو لا يدعي لنفسه ما ليس له من خزائن الله، وهي
    إنعامه على من يشاء من عباده، وهو لا يعلم الغيب، لأن الغيب علم اختص الله
    تعالى وحده به. أخبرهم أيضا أنه ليس ملكا. بمعنى أن منزلته ليست كمنزلة
    الملائكة.. قال لهم نوح: إن الذين تزدري أعينكم وتحتقر وتستثقل.. إن هؤلاء
    المؤمنين الذي تحتقرونهم لن تبطل أجورهم وتضيع لاحتقاركم لهم، الله أعلم
    بما في أنفسهم. هو الذي يجازيهم عليه ويؤاخذهم به.. أظلم نفسي لو قلت إن
    الله لن يؤتيهم خيرا.

    وسئم الملأ يومها من هذا الجدل الذي يجادله نوح.. حكى الله موقفهم منه في سورة (هود):

    قَالُواْ يَا نُوحُ قَدْ جَادَلْتَنَا
    فَأَكْثَرْتَ جِدَالَنَا فَأْتَنِا بِمَا تَعِدُنَا إِن كُنتَ مِنَ
    الصَّادِقِينَ (32) قَالَ إِنَّمَا يَأْتِيكُم بِهِ اللّهُ إِن شَاء وَمَا
    أَنتُم بِمُعْجِزِينَ (33) وَلاَ يَنفَعُكُمْ نُصْحِي إِنْ أَرَدتُّ أَنْ
    أَنصَحَ لَكُمْ إِن كَانَ اللّهُ يُرِيدُ أَن يُغْوِيَكُمْ هُوَ رَبُّكُمْ
    وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (34
    ) (هود)

    أضاف نوح إغواءهم إلى الله تعالى. تسليما بأن الله هو الفاعل في كل حال.
    غير أنهم استحقوا الضلال بموقفهم الاختياري وملئ حريتهم وكامل إرادتهم..
    فالإنسان صانع لأفعاله ولكنه محتاج في صدورها عنه إلى ربه. بهذه النظرة
    يستقيم معنى مساءلة الإنسان عن أفعاله. كل ما في الأمر أن الله ييسر كل
    مخلوق لما خلق له، سواء أكان التيسير إلى الخير أم إلى الشر.. وهذا من
    تمام الحرية وكمالها. يختار الإنسان بحريته فييسر له الله تعالى طريق ما
    اختاره. اختار كفار قوم نوح طريق الغواية فيسره الله لهم.

    وتستمر المعركة، وتطول المناقشة بين الكافرين من قوم نوح وبينه إذا انهارت
    كل حجج الكافرين ولم يعد لديهم ما يقال، بدءوا يخرجون عن حدود الأدب
    ويشتمون نبي الله:

    قَالَ الْمَلأُ مِن قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي ضَلاَلٍ مُّبِينٍ (60) (الأعراف)

    ورد عليهم نوح بأدب الأنبياء العظيم:

    قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي ضَلاَلَةٌ
    وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِّن رَّبِّ الْعَالَمِينَ (61) أُبَلِّغُكُمْ
    رِسَالاَتِ رَبِّي وَأَنصَحُ لَكُمْ وَأَعْلَمُ مِنَ اللّهِ مَا لاَ
    تَعْلَمُونَ (62)
    (الأعراف)

    ويستمر نوح في دعوة قومه إلى الله. ساعة بعد ساعة. ويوما بعد يوم. وعاما
    بعد عام. ومرت الأعوام ونوح يدعو قومه. كان يدعوهم ليلا ونهارا، وسرا
    وجهرا، يضرب لهم الأمثال. ويشرح لهم الآيات ويبين لهم قدرة الله في
    الكائنات، وكلما دعاهم إلى الله فروا منه، وكلما دعاهم ليغفر الله لهم
    جعلوا أصابعهم في آذانهم واستكبروا عن سماع الحق. واستمر نوح يدعو قومه
    إلى الله ألف سنة إلا خمسين عاما.

    وكان يلاحظ أن عدد المؤمنين لا يزيد، بينما يزيد عدد الكافرين. وحزن نوح
    غير أنه لم يفقد الأمل، وظل يدعو قومه ويجادلهم، وظل قومه على الكبرياء
    والكفر والتبجح. وحزن نوح على قومه. لكنه لم يبلغ درجة اليأس. ظل محتفظا
    بالأمل طوال 950 سنة. ويبدو أن أعمار الناس قبل الطوفان كانت طويلة، وربما
    يكون هذا العمر الطويل لنوح معجزة خاصة له.

    وجاء يوم أوحى الله إليه، أنه لن يؤمن من قومك إلا من قد آمن. أوحى الله إليه ألا يحزن عليهم. ساعتها دعا نوح على الكافرين بالهلاك:

    وَقَالَ نُوحٌ رَّبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا (26)
    (نوح)

    برر نوح دعوته بقوله:

    إِنَّكَ إِن تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا (26)
    (نوح)
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:32 pm

    الطوفان:

    ثم أصدر الله تعالى حكمه على الكافرين بالطوفان. أخبر الله تعالى عبده نوحا أنه سيصنع سفينة (بِأَعْيُنِنَا وَوَحْيِنَا) أي بعلم الله وتعليمه، وعلى مرأى منه وطبقا لتوجيهاته ومساعدة الملائكة. أصدر الله تعالى أمره إلى نوح: (وَلاَ تُخَاطِبْنِي فِي الَّذِينَ ظَلَمُواْ إِنَّهُم مُّغْرَقُونَ) يغرق الله الذين ظلموا مهما كانت أهميتهم أو قرابتهم للنبي، وينهى الله نبيه أن يخاطبه أو يتوسط لهم.

    وبدأ نوح يغرس الشجر ويزرعه ليصنع منه السفينة. انتظر سنوات، ثم قطع ما
    زرعه، وبدأ نجارته. كانت سفينة عظيمة الطول والارتفاع والمتانة، وقد اختلف
    المفسرون في حجمها، وهيئتها، وعدد طبقاتها، ومدة عملها، والمكان الذي عملت
    فيه، ومقدار طولها، وعرضها، على أقوال متعارضة لم يصح منها شيء. وقال
    الفخر الرازي في هذا كله: أعلم أن هذه المباحث لا تعجبني، لأنها أمور لا
    حاجة إلى معرفتها البتة، ولا يتعلق بمعرفتها فائدة أصلا. نحن نتفق مع
    الرازي في مقولته هذه. فنحن لا نعرف عن حقيقة هذه السفينة إلا ما حدثنا
    الله به. تجاوز الله تعالى هذه التفصيلات التي لا أهمية لها، إلى مضمون
    القصة ومغزاها المهم.

    بدأ نوح يبني السفينة، ويمر عليه الكفار فيرونه منهمكا في صنع السفينة،
    والجفاف سائد، وليست هناك أنهار قريبة أو بحار. كيف ستجري هذه السفينة إذن
    يا نوح؟ هل ستجري على الأرض؟ أين الماء الذي يمكن أن تسبح فيه سفينتك؟ لقد
    جن نوح، وترتفع ضحكات الكافرين وتزداد سخريتهم من نوح. وكانوا يسخرون منه
    قائلين: صرت نجارا بعد أن كنت نبيا!

    إن قمة الصراع في قصة نوح تتجلى في هذه المساحة الزمنية، إن الباطل يسخر
    من الحق. يضحك عليه طويلا، متصورا أن الدنيا ملكه، وأن الأمن نصيبه، وأن
    العذاب غير واقع.. غير أن هذا كله مؤقت بموعد حلول الطوفان. عندئذ يسخر
    المؤمنون من الكافرين، وتكون سخريتهم هي الحق.

    انتهى صنع السفينة، وجلس نوح ينتظر أمر الله. أوحى الله إلى نوح أنه إذا
    فار التنور هذا علامة على بدء الطوفان. قيل في تفسير التنور أنه بركان في
    المنطقة، وقيل أن الفرن الكائن في بيت نوح، إذا خرج منه الماء وفار كان
    هذا أمرا لنوح بالحركة.

    وجاء اليوم الرهيب، فار التنور. وأسرع نوح يفتح سفينته ويدعو المؤمنين به،
    وهبط جبريل عليه السلام إلى الأرض. حمل نوح إلى السفينة من كل حيوان وطير
    ووحش زوجين اثنين، بقرا وثورا، فيلا وفيلة، عصفورا وعصفور، نمرا ونمرة،
    إلى آخر المخلوقات. كان نوح قد صنع أقفاصا للوحوش وهو يصنع السفينة. وساق
    جبريل عليه السلام أمامه من كل زوجين اثنين، لضمان بقاء نوع الحيوان
    والطير على الأرض، وهذا معناه أن الطوفان أغرق الأرض كلها، فلولا ذلك ما
    كان هناك معنى لحمل هذه الأنواع من الحيوان والطير. وبدأ صعود السفينة.
    صعدت الحيوانات والوحوش والطيور، وصعد من آمن بنوح، وكان عدد المؤمنين
    قليلا.

    لم تكن زوجة نوح مؤمنة به فلم تصعد، وكان أحد أبنائه يخفي كفره ويبدي
    الإيمان أمام نوح، فلم يصعد هو الآخر. وكانت أغلبية الناس غير مؤمنة هي
    الأخرى، فلم تصعد. وصعد المؤمنون. قال ابن عباس، رضي الله عنهما: آمن من
    قوم نوح ثمانون إنسانا.

    ارتفعت المياه من فتحات الأرض. انهمرت من السماء أمطارا غزيرة بكميات لم
    تر مثلها الأرض. فالتقت أمطار السماء بمياه الأرض، وصارت ترتفع ساعة بعد
    ساعة. فقدت البحار هدوئها، وانفجرت أمواجها تجور على اليابسة، وتكتسح
    الأرض. وغرقت الكرة الأرضية للمرة الأولى في المياه.

    ارتفعت المياه أعلى من الناس. تجاوزت قمم الأشجار، وقمم الجبال، وغطت سطح
    الأرض كله. وفي بداية الطوفان نادى نوح ابنه. كان ابنه يقف بمعزل منه.
    ويحكي لنا المولى عز وجل الحوار القصير الذي دار بين نوح عليه السلام
    وابنه قبل أن يحول بينهما الموج فجأة.

    نادى نوح ابنه قائلا: يَا بُنَيَّ ارْكَب مَّعَنَا وَلاَ تَكُن مَّعَ الْكَافِرِينَ
    ورد الابن عليه: قَالَ سَآوِي إِلَى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْمَاء
    عاد نوح يخاطبه: قَالَ لاَ عَاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللّهِ إِلاَّ مَن رَّحِمَ


    وانتهى الحوار بين نوح وابنه:

    وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكَانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ


    انظر إلى تعبير القرآن الكريم (وَحَالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ) أنهى الموج
    حوارهما فجأة. نظر نوح فلم يجد ابنه. لم يجد غير جبال الموج التي ترتفع
    وترفع معها السفينة، وتفقدها رؤية كل شيء غير المياه. وشاءت رحمة الله أن
    يغرق الابن بعيدا عن عين الأب، رحمة منه بالأب، واعتقد نوح أن ابنه المؤمن
    تصور أن الجبل سيعصمه من الماء، فغرق.

    واستمر الطوفان. استمر يحمل سفينة نوح. بعد ساعات من بدايته، كانت كل عين
    تطرف على الأرض قد هلكت غرقا. لم يعد باقيا من الحياة والأحياء غير هذا
    الجزء الخشبي من سفينة نوح، وهو ينطوي على الخلاصة المؤمنة من أهل الأرض.
    وأنواع الحيوانات والطيور التي اختيرت بعناية. ومن الصعب اليوم تصور هول
    الطوفان أو عظمته. كان شيئا مروعا يدل على قدرة الخالق. كانت السفينة تجري
    بهم في موج كالجبال. ويعتقد بعض العلماء الجيولوجيا اليوم إن انفصال
    القارات وتشكل الأرض في صورتها الحالية، قد وقعا نتيجة طوفان قديم جبار،
    ثارت فيه المياه ثورة غير مفهومة. حتى غطت سطح الجزء اليابس من الأرض،
    وارتفعت فيه قيعان المحيطات ووقع فيه ما نستطيع تسميته بالثورة الجغرافية.


    استمر طوفان نوح زمنا لا نعرف مقداره. ثم صدر الأمر الإلهي إلى السماء أن
    تكف عن الإمطار، وإلى الأرض أن تستقر وتبتلع الماء، وإلى أخشاب السفينة أن
    ترسو على الجودي، وهو اسم مكان قديم يقال أنه جبل في العراق. طهر الطوفان
    الأرض وغسلها. قال تعالى في سورة (هود):

    وَقِيلَ يَا أَرْضُ ابْلَعِي مَاءكِ وَيَا
    سَمَاء أَقْلِعِي وَغِيضَ الْمَاء وَقُضِيَ الأَمْرُ وَاسْتَوَتْ عَلَى
    الْجُودِيِّ وَقِيلَ بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (44)
    (هود)

    (وَغِيضَ الْمَاء) بمعنى نقص الماء وانصرف عائدا إلى فتحات الأرض.
    (وَقُضِيَ الأَمْرُ) بمعنى أنه أحكم وفرغ منه، يعني هلك الكافرون من قوم
    نوح تماما. ويقال أن الله أعقم أرحامهم أربعين سنة قبل الطوفان، فلم يكن
    فيمن هلك طفل أو صغير. (وَاسْتَوَتْ عَلَى الْجُودِيِّ) بمعنى رست عليه،
    وقيل كان ذلك يوم عاشوراء. فصامه نوح، وأمر من معه بصيامه. (وَقِيلَ
    بُعْداً لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) أي هلاكا لهم. طهر الطوفان الأرض منهم
    وغسلها. ذهب الهول بذهاب الطوفان. وانتقل الصراع من الموج إلى نفس نوح..
    تذكر ابنه الذي غرق.

    لم يكن نوح يعرف حتى هذه اللحظة أن ابنه كافر. كان يتصور أنه مؤمن عنيد،
    آثر النجاة باللجوء إلى جبل. وكان الموج قد أنهى حوارهما قبل أن يتم.. فلم
    يعرف نوح حظ ابنه من الإيمان. تحركت في قلب الأب عواطف الأبوة. قال تعالى
    في سورة (هود):

    وَنَادَى نُوحٌ رَّبَّهُ فَقَالَ رَبِّ إِنَّ ابُنِي مِنْ أَهْلِي وَإِنَّ وَعْدَكَ الْحَقُّ وَأَنتَ أَحْكَمُ الْحَاكِمِينَ (45) (هود)

    أراد نوح أن يقول لله أن ابنه من أهله المؤمنين. وقد وعده الله بنجاة أهله
    المؤمنين. قال الله سبحانه وتعالى، مطلعا نوحا على حقيقة ابنه للمرة
    الأولى:

    يَا نُوحُ إِنَّهُ لَيْسَ مِنْ أَهْلِكَ إِنَّهُ عَمَلٌ غَيْرُ صَالِحٍ
    فَلاَ تَسْأَلْنِ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنِّي أَعِظُكَ أَن
    تَكُونَ مِنَ الْجَاهِلِينَ
    (46) (هود)

    قال القرطبي -نقلا عن شيوخه من العلماء- وهو الرأي الذي نؤثره: كان ابنه
    عنده -أي نوح- مؤمنا في ظنه، ولم يك نوح يقول لربه: (إِنَّ ابُنِي مِنْ
    أَهْلِي) إلا وذلك عنده كذلك، إذ محال أن يسأل هلاك الكفار، ثم يسأل في
    إنجاء بعضهم. وكان ابنه يسرّ الكفر ويظهر الإيمان. فأخبر الله تعالى نوحا
    بما هو منفرد به من علم الغيوب. أي علمت من حال ابنك ما لم تعلمه أنت.
    وكان الله حين يعظه أن يكون من الجاهلين، يريد أن يبرئه من تصور أن يكون
    ابنه مؤمنا، ثم يهلك مع الكافرين.

    وثمة درس مهم تنطوي عليه الآيات الكريمة التي تحكي قصة نوح وابنه. أراد
    الله سبحانه وتعالى أن يقول لنبيه الكريم أن ابنه ليس من أهله، لأنه لم
    يؤمن بالله، وليس الدم هو الصلة الحقيقية بين الناس. ابن النبي هو ابنه في
    العقيدة. هو من يتبع الله والنبي، وليس ابنه من يكفر به ولو كان من صلبه.
    هنا ينبغي أن يتبرأ المؤمن من غير المؤمن. وهنا أيضا ينبغي أن تتصل بين
    المؤمنين صلات العقيدة فحسب. لا اعتبارات الدم أو الجنس أو اللون أو
    الأرض.

    واستغفر نوح ربه وتاب إليه ورحمه الله وأمره أن
    يهبط من السفينة محاطا ببركة الله ورعايته. وهبط نوح من سفينته. أطلق سراح
    الطيور والوحش فتفرقت في الأرض، نزل المؤمنون بعد ذلك. ولا يحكي لنا
    القرآن الكريم قصة من آمن مع نوح بعد نجاتهم من الطوفان
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:33 pm

    لوط عليه السلام

    أرسله الله ليهدي قومه ويدعوهم إلى عبادة الله، وكانوا قوما ظالمين يأتون
    الفواحش ويعتدون على الغرباء وكانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء فلما
    دعاهم لوط لترك المنكرات أرادوا أن يخرجوه هو وقومه فلم يؤمن به غير بعض
    من آل بيته، أما امرأته فلم تؤمن ولما يئس لوط دعا الله أن ينجيهم ويهلك
    المفسدين فجاءت له الملائكة وأخرجوا لوط ومن آمن به وأهلكوا الآخرين
    بحجارة مسومة.


    سيرته:

    حال قوم لوط:

    دعى لوط قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونهاهم عن كسب السيئات
    والفواحش. واصطدمت دعوته بقلوب قاسية وأهواء مريضة ورفض متكبر. وحكموا على
    لوط وأهله بالطرد من القرية. فقد كان القوم الذين بعث إليهم لوط يرتكبون
    عددا كبيرا من الجرائم البشعة. كانوا يقطعون الطريق، ويخونون الرفيق،
    ويتواصون بالإثم، ولا يتناهون عن منكر، وقد زادوا في سجل جرائمهم جريمة لم
    يسبقهم بها أحد من العالمين. كانوا يأتون الرجال شهوة من دون النساء.

    لقد اختلت المقاييس عند قوم لوط.. فصار الرجال أهدافا مرغوبة بدلا من
    النساء، وصار النقاء والطهر جريمة تستوجب الطرد.. كانوا مرضى يرفضون
    الشفاء ويقاومونه.. ولقد كانت تصرفات قوم لوط تحزن قلب لوط.. كانوا
    يرتكبون جريمتهم علانية في ناديهم.. وكانوا إذا دخل المدينة غريب أو مسافر
    أو ضيف لم ينقذه من أيديهم أحد.. وكانوا يقولون للوط: استضف أنت النساء
    ودع لنا الرجال.. واستطارت شهرتهم الوبيلة، وجاهدهم لوط جهادا عظيما،
    وأقام عليهم حجته، ومرت الأيام والشهور والسنوات، وهو ماض في دعوته بغير
    أن يؤمن له أحد.. لم يؤمن به غير أهل بيته.. حتى أهل بيته لم يؤمنوا به
    جميعا. كانت زوجته كافرة.

    وزاد الأمر بأن قام الكفرة بالاستهزاء برسالة لوط عليه السلام، فكانوا
    يقولون: (ائْتِنَا بِعَذَابِ اللَّهِ إِن كُنتَ مِنَ الصَّادِقِينَ). فيئس
    لوط منهم، ودعا الله أن ينصره ويهلك المفسدين.

    ذهاب الملائكة لقوم لوط:

    خرج الملائكة من عند إبراهيم قاصدين قرية لوط.. بلغوا أسوار سدوم.. وابنة
    لوط واقفة تملأ وعاءها من مياه النهر.. رفعت وجهها فشاهدتهم.. فسألها أحد
    الملائكة: يا جارية.. هل من منزل؟

    قالت [وهي تذكر قومها]: مكانكم لا تدخلوا حتى أخبر أبي وآتيكم.. أسرعت نحو
    أبيها فأخبرته. فهرع لوط يجري نحو الغرباء. فلم يكد يراهم حتى (سِيءَ
    بِهِمْ وَضَاقَ بِهِمْ ذَرْعًا وَقَالَ هَـذَا يَوْمٌ عَصِيبٌ) سألهم: من
    أين جاءوا؟ .. وما هي وجهتهم؟.. فصمتوا عن إجابته. وسألوه أن يضيفهم..
    استحى منهم وسار أمامهم قليلا ثم توقف والتفت إليهم يقول: لا أعلم على وجه
    الأرض أخبث من أهل هذا البلد.

    قال كلمته ليصرفهم عن المبيت في القرية، غير أنهم غضوا النظر عن قوله ولم
    يعلقوا عليه، وعاد يسير معهم ويلوي عنق الحديث ويقسره قسرا ويمضي به إلى
    أهل القرية - حدثهم أنهم خبثاء.. أنهم يخزون ضيوفهم.. حدثهم أنهم يفسدون
    في الأرض. وكان الصراع يجري داخله محاولا التوفيق بين أمرين.. صرف ضيوفه
    عن المبيت في القرية دون إحراجهم، وبغير إخلال بكرم الضيافة.. عبثا حاول
    إفهامهم والتلميح لهم أن يستمروا في رحلتهم، دون نزول بهذه القرية.

    سقط الليل على المدينة.. صحب لوط ضيوفه إلى بيته.. لم يرهم من أهل المدينة
    أحد.. لم تكد زوجته تشهد الضيوف حتى تسللت خارجة بغير أن تشعره. أسرعت إلى
    قومها وأخبرتهم الخبر.. وانتشر الخبر مثل النار في الهشيم. وجاء قوم لوط
    له مسرعين.. تساءل لوط بينه وبين نفسه: من الذي أخبرهم؟.. وقف القوم على
    باب البيت.. خرج إليهم لوط متعلقا بأمل أخير، وبدأ بوعظهم:

    (هَـؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ).. قال لهم: أمامكم النساء
    -زوجاتكم- هن أطهر.. فهن يلبين الفطرة السوية.. كما أن الخالق -جلّ في
    علاه- قد هيّئهن لهذا الأمر.

    (فَاتَّقُواْ اللّهَ).. يلمس نفوسهم من جانب التقوى بعد أن لمسها من جانب
    الفطرة.. اتقوا الله وتذكروا أن الله يسمع ويرى.. ويغضب ويعاقب وأجدر
    بالعقلاء اتقاء غضبه.

    (وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي).. هي محاولة يائسة لِلَمْس نخوتهم وتقاليدهم. و ينبغي عليهم إكرام الضيف لا فضحه.

    (أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ).. أليس فيكم رجل عاقل؟.. إن ما تريدونه -لو تحقق- هو عين الجنون.

    إلا أن كلمات لوط عليه السلام لم تلمس الفطرة المنحرفة المريضة، ولا القلب
    الجامد الميت، ولا العقل المريض الأحمق.. ظلت الفورة الشاذة على اندفاعها.

    أحس لوط بضعفه وهو غريب بين القوم.. نازح إليهم من بعيد بغير عشيرة تحميه،
    ولا أولاد ذكور يدافعون عنه.. دخل لوط غاضبا وأغلق باب بيته.. كان الغرباء
    الذين استضافهم يجلسون هادئين صامتين.. فدهش لوط من هدوئهم.. وازدادت
    ضربات القوم على الباب.. وصرخ لوط في لحظة يأس خانق: (قَالَ لَوْ أَنَّ
    لِي بِكُمْ قُوَّةً أَوْ آوِي إِلَى رُكْنٍ شَدِيدٍ) تمنى أن تكون له قوة
    تصدهم عن ضيفه.. وتمنى لو كان له ركن شديد يحتمي فيه ويأوي إليه.. غاب عن
    لوط في شدته وكربته أنه يأوي إلى ركن شديد.. ركن الله الذي لا يتخلى عن
    أنبيائه وأوليائه.. قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو يقرأ هذه
    الآية: "رحمة الله على لوط.. كان يأوي إلى ركن شديد".

    هلاك قوم لوط:

    عندما بلغ الضيق ذروته.. وقال النبي كلمته.. تحرك ضيوفه ونهضوا فجأة..
    أفهموه أنه يأوي إلى ركن شديد.. فقالوا له لا تجزع يا لوط ولا تخف.. نحن
    ملائكة.. ولن يصل إليك هؤلاء القوم.. ثم نهض جبريل، عليه السلام، وأشار
    بيده إشارة سريعة، ففقد القوم أبصارهم.

    التفتت الملائكة إلى لوط وأصدروا إليه أمرهم أن يصحب أهله أثناء الليل
    ويخرج.. سيسمعون أصواتا مروعة تزلزل الجبال.. لا يلتفت منهم أحد.. كي لا
    يصيبه ما يصيب القوم.. أي عذاب هذا؟.. هو عذاب من نوع غريب، يكفي لوقوعه
    بالمرء مجرد النظر إليه.. أفهموه أن امرأته كانت من الغابرين.. امرأته
    كافرة مثلهم وستلتفت خلفها فيصيبها ما أصابهم.

    سأل لوط الملائكة: أينزل الله العذاب بهم الآن.. أنبئوه أن موعدهم مع العذاب هو الصبح.. (أَلَيْسَ الصُّبْحُ بِقَرِيبٍ)؟

    خرج لوط مع بناته وزوجته.. ساروا في الليل وغذوا السير.. واقترب الصبح..
    كان لوط قد ابتعد مع أهله.. ثم جاء أمر الله تعالى.. قال العلماء: اقتلع
    جبريل، عليه السلام، بطرف جناحه مدنهم السبع من قرارها البعيد.. رفعها
    جميعا إلى عنان السماء حتى سمعت الملائكة أصوات ديكتهم ونباح كلابهم، قلب
    المدن السبع وهوى بها في الأرض.. أثناء السقوط كانت السماء تمطرهم بحجارة
    من الجحيم.. حجارة صلبة قوية يتبع بعضها بعضا، ومعلمة بأسمائهم، ومقدرة
    عليهم.. استمر الجحيم يمطرهم.. وانتهى قوم لوط تماما.. لم يعد هناك أحد..
    نكست المدن على رؤوسها، وغارت في الأرض، حتى انفجر الماء من الأرض.. هلك
    قوم لوط ومحيت مدنهم.

    كان لوط يسمع أصوات مروعة.. وكان يحاذر أن يلتفت خلفه.. نظرت زوجته نحو
    مصدر الصوت فانتهت.. تهرأ جسدها وتفتت مثل عمود ساقط من الملح.

    قال العلماء: إن مكان المدن السبع.. بحيرة غريبة.. ماؤها أجاج.. وكثافة
    الماء أعظم من كثافة مياه البحر الملحة.. وفي هذه البحيرة صخور معدنية
    ذائبة.. توحي بأن هذه الحجارة التي ضرب بها قوم لوط كانت شهبا مشعلة. يقال
    إن البحيرة الحالية التي نعرفها باسم "البحر الميت" في فلسطين.. هي مدن
    قوم لوط السابقة.

    انطوت صفحة قوم لوط.. انمحت مدنهم وأسمائهم من الأرض.. سقطوا من ذاكرة
    الحياة والأحياء.. وطويت صفحة من صفحات الفساد.. وتوجه لوط إلى إبراهيم..
    زار إبراهيم وقص عليه نبأ قومه.. وأدهشه أن إبراهيم كان يعلم.. ومضى لوط
    في دعوته إلى الله.. مثلما مضى الحليم الأواه المنيب إبراهيم في دعوته إلى
    الله.. مضى الاثنان ينشران الإسلام في الأرض
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:34 pm

    يوسف عليه السلام

    ولد سيدنا يوسف وكان له 11 أخا وكان أبوه يحبه كثيرا وفي ذات ليلة رأى أحد
    عشر كوكبا والشمس والقمر له ساجدين، فقص على والده ما رأى فقال له ألا
    يقصها على إخوته، ولكن الشيطان وسوس لإخوته فاتفقوا على أن يلقوه في
    غيابات الجب وادعوا أن الذئب أكله، ثم مر به ناس من البدو فأخذوه وباعوه
    بثمن بخس واشتراه عزيز مصر وطلب من زوجته أن ترعاه، ولكنها أخذت تراوده عن
    نفسه فأبى فكادت له ودخل السجن، ثم أظهر الله براءته وخرج من السجن ،
    واستعمله الملك على شئون الغذاء التي أحسن إدارتها في سنوات القحط، ثم
    اجتمع شمله مع إخوته ووالديه وخروا له سجدا وتحققت رؤياه.
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:35 pm

    شعيب عليه السلام
    نبذة:

    أرسل شعيب إلى قوم مدين وكانوا يعبدون الأيكة وكانوا ينقصون المكيال
    والميزان ولا يعطون الناس حقهم فدعاهم إلى عبادة الله وأن يتعاملوا بالعدل
    ولكنهم أبوا واستكبروا واستمروا في عنادهم وتوعدوه بالرجم والطرد وطالبوه
    بأن ينزل عليهم كسفا من السماء فجاءت الصيحة وقضت عليهم جميعا.

    سيرته:

    دعوة شعيب عليه السلام:

    لقد برز في قصة شعيب أن الدين ليس قضية توحيد وألوهية فقط، بل إنه كذلك
    أسلوب لحياة الناس.. أرسل الله تعالى شعيبا إلى أهل مدين. فقال شعيب (يَا
    قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُه) نفس الدعوة
    التي يدعوها كل نبي.. لا تختلف من نبي إلى آخر.. لا تتبدل ولا تتردد. هي
    أساس العقيدة.. وبغير هذه الأساس يستحيل أن ينهض بناء.

    بعد تبيين هذا الأساس.. بدأ شعيب في توضيح الأمور الاخرى التي جاءت بها
    دعوته (وَلاَ تَنقُصُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ إِنِّيَ أَرَاكُم
    بِخَيْرٍ وَإِنِّيَ أَخَافُ عَلَيْكُمْ عَذَابَ يَوْمٍ مُّحِيطٍ) بعد قضية
    التوحيد مباشرة.. ينتقل النبي إلى قضية المعاملات اليومية.. قضية الأمانة
    والعدالة.. كان أهل مدين ينقصون المكيال والميزان، ولا يعطون الناس حقهم..
    وهي رذيلة تمس نظافة القلب واليد.. كما تمس كمال المروءة والشرف، وكان أهل
    مدين يعتبرون بخس الناس أشياءهم.. نوعا من أنواع المهارة في البيع
    والشراء.. ودهاء في الأخذ والعطاء.. ثم جاء نبيهم وأفهمهم أن هذه دناءة
    وسرقة.. أفهمهم أنه يخاف عليهم بسببها من عذاب يوم محيط.. انظر إلى تدخل
    الإسلام الذي بعث به شعيب في حياة الناس، إلى الحد الذي يرقب فيه عملية
    البيع والشراء. قال: (وَيَا قَوْمِ أَوْفُواْ الْمِكْيَالَ وَالْمِيزَانَ
    بِالْقِسْطِ وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ أَشْيَاءهُمْ وَلاَ تَعْثَوْاْ
    فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) لم يزل شعيب ماضيا في دعوته.. ها هو ذا يكرر
    نصحه لهم بصورة إيجابية بعد صورة النهي السلبية..إنه يوصيهم أن يوفوا
    المكيال والميزان بالقسط.. بالعدل والحق.. وهو يحذرهم أن يبخسوا الناس
    أشيائهم.

    لنتدبر معا في التعبير القرآني القائل: (وَلاَ تَبْخَسُواْ النَّاسَ
    أَشْيَاءهُمْ) كلمة الشيء تطلق على الأشياء المادية والمعنوية.. أي أنها
    ليست مقصورة على البيع والشراء فقط، بل تدخل فيها الأعمال، أو التصرفات
    الشخصية. ويعني النص تحريم الظلم، سواء كان ظلما في وزن الفاكهة أو
    الخضراوات، أو ظلما في تقييم مجهود الناس وأعمالهم.. ذلك أن ظلم الناس
    يشيع في جو الحياة مشاعر من الألم واليأس واللامبالاة، وتكون النتيجة أن
    ينهزم الناس من الداخل، وتنهار علاقات العمل، وتلحقها القيم.. ويشيع
    الاضطراب في الحياة.. ولذلك يستكمل النص تحذيره من الإفساد في الأرض:
    (وَلاَ تَعْثَوْاْ فِي الأَرْضِ مُفْسِدِينَ) العثو هو تعمد الإفساد
    والقصد إليه فلا تفسدوا في الأرض متعمدين قاصدين (بَقِيَّةُ اللّهِ خَيْرٌ
    لَّكُمْ).. ما عند الله خير لكم.. (إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ).

    بعدها يخلي بينهم وبين الله الذي دعاهم إليه.. ينحي نفسه ويفهمهم أنه لا
    يملك لهم شيئا.. ليس موكلا عليهم ولا حفيظا عليهم ولا حارسا لهم.. إنما هو
    رسول يبلغهم رسالات ربه: (وَمَا أَنَاْ عَلَيْكُم بِحَفِيظٍ) بهذا الأسلوب
    يشعر شعيب قومه بأن الأمر جد، وخطير، وثقيل.. إذ بين لهم عاقبة إفسادهم
    وتركهم أمام العاقبة وحدهم.

    رد قوم شعيب:

    كان هو الذي يتكلم.. وكان قومه يستمعون.. توقف هو عن الكلام وتحدث قومه:
    (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن نَّتْرُكَ مَا
    يَعْبُدُ آبَاؤُنَا أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء
    إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) كان أهل مدين كفارا يقطعون
    السبيل، ويخيفون المارة، ويعبدون الأيكة.. وهي شجرة من الأيك حولها غيضة
    ملتفة بها.. وكانوا من أسوأ الناس معاملة، يبخسون المكيال والميزان
    ويطففون فيهما، ويأخذون بالزائد ويدفعون بالناقص.. انظر بعد هذا كله إلى
    حوارهم مع شعيب: (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ أَصَلاَتُكَ تَأْمُرُكَ أَن
    نَّتْرُكَ مَا يَعْبُدُ آبَاؤُنَا)... ؟

    بهذا التهكم الخفيف والسخرية المندهشة.. واستهوال الأمر.. لقد تجرأت صلاة
    شعيب وجنت وأمرته أن يأمرهم أن يتركوا ما كان يعبد آباؤهم.. ولقد كان
    آباؤهم يعبدون الأشجار والنباتات.. وصلاة شعيب تأمرهم أن يعبدوا الله
    وحده.. أي جرأة من شعيب..؟ أو فلنقل أي جرأة من صلاة شعيب..؟ بهذا المنطق
    الساخر الهازئ وجه قوم شعيب خطابهم إلى نبيهم.. ثم عادوا يتساءلون بدهشة
    ساخرة: (أَوْ أَن نَّفْعَلَ فِي أَمْوَالِنَا مَا نَشَاء) تخيل يا شعيب أن
    صلاتك تتدخل في إرادتنا، وطريقة تصرفنا في أموالنا.. ما هي علاقة الإيمان
    والصلاة بالمعاملات المادية؟

    بهذا التساؤل الذي ظنه قوم شعيب قمة في الذكاء.. طرحوا أمامه قضية
    الإيمان، وأنكروا أن تكون لها علاقة بسلوك الناس وتعاملهم واقتصادهم. هذه
    المحاولة للتفريق بين الحياة الاقتصادية والإسلام، وقد بعث به كل
    الأنبياء، وإن اختلفت أسماؤه.. هذه المحاولة قديمة من عمر قوم شعيب. لقد
    أنكروا أن يتدخل الدين في حياتهم اليومية، وسلوكهم واقتصادهم وطريقة
    إنفاقهم لأموالهم بحرية.. إن حرية إنفاق المال أو إهلاكه أو التصرف فيه
    شيء لا علاقة له بالدين.. هذه حرية الإنسان الشخصية.. وهذا ماله الخاص، ما
    الذي أقحم الدين على هذا وذاك؟.. هذا هو فهم قوم شعيب للإسلام الذي جاء به
    شعيب، وهو لا يختلف كثيرا أو قليلا عن فهم عديد من الأقوام في زماننا الذي
    نعيش فيه. ما للإسلام وسلوك الإنسان الشخصي وحياتهم الاقتصادية وأسلوب
    الإنتاج وطرق التوزيع وتصرف الناس في أموالهم كما يشاءون..؟ ما للإسلام
    وحياتنا اليومية..؟

    ثم يعودون إلى السخرية منه والاستهزاء بدعوته (إِنَّكَ لَأَنتَ الْحَلِيمُ الرَّشِيدُ) أي لو كنت حليما رشيدا لما قلت ما تقول.

    أدرك شعيب أن قومه يسخرون منه لاستبعادهم تدخل الدين في الحياة اليومية..
    ولذلك تلطف معهم تلطف صاحب الدعوة الواثق من الحق الذي معه، وتجاوز
    سخريتهم لا يباليها، ولا يتوقف عندها، ولا يناقشها.. تجاوز السخرية إلى
    الجد.. أفهمهم أنه على بينة من ربه.. إنه نبي يعلم وهو لا يريد أن يخالفهم
    إلى ما ينهاهم عنه، إنه لا ينهاهم عن شيء ليحقق لنفسه نفعا منه، إنه لا
    ينصحهم بالأمانة ليخلوا له السوق فيستفيد من التلاعب.. إنه لا يفعل شيئا
    من ذلك.. إنما هو نبي.. وها هو ذا يلخص لهم كل دعوات الأنبياء هذا التلخيص
    المعجز: (إِنْ أُرِيدُ إِلاَّ الإِصْلاَحَ مَا اسْتَطَعْتُ) إن ما يريده
    هو الإصلاح.. هذه هي دعوات الأنبياء في مضمونها الحقيقي وعمقها البعيد..
    إنهم مصلحون أساسا، مصلحون للعقول، والقلوب، والحياة العامة، والحياة
    الخاصة.

    بعد أن بين شعيب عليه السلام لقومه أساس دعوته، وما يجب عليهم الالتزام
    به، ورأى منهم الاستكبار، حاول إيقاض مشاعرهم بتذكيرهم بمصير من قبلهم من
    الأمم، وكيف دمرهم الله بأمر منه. فذكرهم قوم نوح، وقوم هود، وقوم صالح،
    وقوم لوط. وأراهم أن سبيل النجاة هو العودة لله تائبين مستغفرين، فالمولى
    غفور رحيم.

    تحدي وتهديد القوم لشعيب:

    لكن قوم شعيب أعرضوا عنه قائلين: (قَالُواْ يَا شُعَيْبُ مَا نَفْقَهُ
    كَثِيرًا مِّمَّا تَقُولُ وَإِنَّا لَنَرَاكَ فِينَا ضَعِيفًا) إنه ضعيف
    بمقياسهم. ضعيف لأن الفقراء والمساكيهم فقط اتبعوه، أما علية القوم
    فاستكبروا وأصروا على طغيانهم. إنه مقياس بشري خاطئ، فالقوة بيد الله،
    والله مع أنبياءه. ويستمر الكفرة في تهديهم قائلين: (وَلَوْلاَ رَهْطُكَ
    لَرَجَمْنَاكَ وَمَا أَنتَ عَلَيْنَا بِعَزِيزٍ) لولا أهلك وقومك ومن
    يتبعك لحفرنا لك حفرة وقتلناك ضربا بالحجارة.

    نرى أنه عندما أقام شعيب -عليه السلام- الحجة على قومه، غيروا أسلوبهم،
    فتحولوا من السخرية إلى التهديد. وأظهروا حقيقة كرههم له. لكن شعيب تلطف
    معهم.. تجاوز عن إساءتهم إليه وسألهم سؤالا كان هدفه إيقاظ عقولهم: (قَالَ
    يَا قَوْمِ أَرَهْطِي أَعَزُّ عَلَيْكُم مِّنَ اللّهِ) يا لسذاجة هؤلاء.
    إنهم يسيئون تقدير حقيقة القوى التي تتحكم في الوجود.. إن الله هو وحده
    العزيز.. والمفروض أن يدركوا ذلك.. المفروض ألا يقيم الإنسان وزنا في
    الوجود لغير الله.. ولا يخشى في الوجود غير الله.. ولا يعمل حسابا في
    الوجود لقوة غير الله .. إن الله هو القاهر فوق عباده.

    ويبدو أن قوم شعيب ضاقوا ذرعا بشعيب. فاجتمع رؤساء قومه. ودخلوا
    مرحلة جديدة من التهديد.. هددوه أولا بالقتل، وها هم أولاء يهددونه بالطرد
    من قريتهم.. خيروه بين التشريد، والعودة إلى ديانتهم وملتهم التي تعبد
    الأشجار والجمادات.. وأفهمهم شعيب أن مسألة عودته في ملتهم مسألة لا يمكن
    حتى التفكير بها فكيف بهم يسألونه تنفيذها. لقد نجاه الله من ملتهم، فكيف
    يعود إليها؟ أنه هو الذي يدعوهم إلى ملة التوحيد.. فكيف يدعونه إلى الشرك
    والكفر؟ ثم أين تكافؤ الفرص؟ أنه يدعوهم برفق ولين وحب.. وهم يهددونه
    بالقوة.

    واستمر الصراع بين قوم شعيب ونبيهم.. حمل الدعوة ضده الرؤساء والكبراء
    والحكام.. وبدا واضحا أن لا أمل فيهم.. لقد أعرضوا عن الله.. أداروا
    ظهورهم لله. فنفض شعيب يديه منهم. لقد هجروا الله، وكذبوا نبيه، واتهموه
    بأنه مسحور وكاذب.. فليعمل كل واحد.. ولينتظروا جميعا أمر الله.

    هلاك قوم شعيب:

    وانتقل الصراع إلى تحد من لون جديد. راحوا يطالبونه بأن يسقط عليهم كسفا
    من السماء إن كان من الصادقين.. راحوا يسألونه عن عذاب الله.. أين هو..؟
    وكيف هو..؟ ولماذا تأخر..؟ سخروا منه.. وانتظر شعيب أمر الله.

    أوحى الله إليه أن يخرج المؤمنين ويخرج معهم من القرية.. وخرج شعيب.. وجاء أمره تعالى:

    وَلَمَّا جَاء أَمْرُنَا نَجَّيْنَا شُعَيْبًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ
    مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مَّنَّا وَأَخَذَتِ الَّذِينَ ظَلَمُواْ الصَّيْحَةُ
    فَأَصْبَحُواْ فِي دِيَارِهِمْ جَاثِمِينَ (94) كَأَن لَّمْ يَغْنَوْاْ
    فِيهَا أَلاَ بُعْدًا لِّمَدْيَنَ كَمَا بَعِدَتْ ثَمُودُ (94) (هود)

    هي صيحة واحدة.. صوت جاءهم من غمامة أظلتهم.. ولعلهم فرحوا بما تصوروا
    أنها تحمله من المطر.. ثم فوجئوا أنهم أمام عذاب عظيم ليوم عظيم.. انتهى
    الأمر. أدركتهم صيحة جبارة جعلت كل واحد فيهم يجثم على وجهه في مكانه الذي
    كان فيه في داره.. صعقت الصيحة كل مخلوق حي.. لم يستطع أن يتحرك أو يجري
    أو يختبئ أو ينقذ نفسه.. جثم في مكانه مصروعا بصيحة
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:38 pm

    عيسى عليه السلام

    نبذة:

    مثل عيسى مثل آدم خلقه الله من تراب وقال له كن فيكون، هو عيسى بن مريم
    رسول الله وكلمته ألقاها إلى مريم، وهو الذي بشر بالنبي محمد، آتاه الله
    البينات وأيده بروح القدس وكان وجيها في الدنيا والآخرة ومن المقربين، كلم
    الناس في المهد وكهلا وكان يخلق من الطين كهيئة الطير فينفخ فيها فتكون
    طيرا، ويبرئ الأكمه والأبرص ويخرج الموتى كل بإذن الله، دعا المسيح قومه
    لعبادة الله الواحد الأحد ولكنهم أبوا واستكبروا وعارضوه، ولم يؤمن به سوى
    بسطاء قومه، رفعه الله إلى السماء وسيهبط حينما يشاء الله إلى الأرض ليكون
    شهيدا على الناس.


    سيرته:

    الحديث عن نبي الله عيسى عليه السلام، يستدعي الحديث عن أمه مريم، بل وعن
    ذرية آل عمران هذه الذرية التي اصطفاها الله تعالى واختارها، كما اختار
    آدم ونوحا وآل إبراهيم على العالمين.

    آل عمران أسرة كريمة مكونة من عمران والد مريم، وامرأة عمران أم مريم،
    ومريم، وعيسى عليه السلام؛ فعمران جد عيسى لأمه، وامرأة عمران جدته لأمه،
    وكان عمران صاحب صلاة بني إسرائيل في زمانه، وكانت زوجته امرأة عمران
    امرأة صالحة كذلك، وكانت لا تلد، فدعت الله تعالى أن يرزقها ولدا، ونذرت
    أن تجعله مفرغا للعبادة ولخدمة بيت المقدس، فاستجاب الله دعاءها، ولكن شاء
    الله أن تلد أنثى هي مريم، وجعل الله تعالى كفالتها ورعايتها إلى زكريا
    عليه السلام، وهو زوج خالتها، وإنما قدر الله ذلك لتقتبس منه علما نافعا،
    وعملا صالحا.

    كانت مريم مثالا للعبادة والتقوى، وأسبغ الله تعالى عليها فضله ونعمه مما
    لفت أنظار الآخرين، فكان زكريا عليه السلام كلما دخل عليها المحراب وجد
    عندها رزقا، فيسألها من أين لك هذا، فتجيب: (قَالَتْ هُوَ مِنْ عِندِ
    اللّهِ إنَّ اللّهَ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ).

    كل ذلك إنما كان تمهيدا للمعجزة العظمى؛ حيث ولد عيسى عليه السلام من هذه
    المرأة الطاهرة النقية، دون أن يكون له أب كسائر الخلق، واستمع إلى بداية
    القصة كما أوردها القرآن الكريم، قال تعالى:

    وَإِذْ قَالَتِ الْمَلاَئِكَةُ يَا مَرْيَمُ إِنَّ اللّهَ اصْطَفَاكِ
    وَطَهَّرَكِ وَاصْطَفَاكِ عَلَى نِسَاء الْعَالَمِينَ (42) (آل عمران)

    بهذه الكلمات البسيطة فهمت مريم أن الله يختارها، ويطهرها ويختارها
    ويجعلها على رأس نساء الوجود.. هذا الوجود، والوجود الذي لم يخلق بعد.. هي
    أعظم فتاة في الدنيا وبعد قيامة الأموات وخلق الآخرة.. وعادت الملائكة
    تتحدث:

    يَا مَرْيَمُ اقْنُتِي لِرَبِّكِ وَاسْجُدِي وَارْكَعِي مَعَ الرَّاكِعِينَ (43) (آل عمران)

    ولادة عيسى عليه السلام:

    كان الأمر الصادر بعد البشارة أن تزيد من خشوعها، وسجودها وركوعها لله..
    وملأ قلب مريم إحساس مفاجئ بأن شيئا عظيما يوشك أن يقع.. ويروي الله تعالى
    في القرآن الكريم قصة ولادة عيسى عليه السلام فيقول:

    وَاذكُر فِى الكِتَابِ مَريَمَ إِذِ انتَبَذَت مِن أَهلِهَا مَكَاناً
    شَرقِياً (16) فَاتخَذَت مِن دُونِهِم حِجَاباً فَأَرسَلنَا إِلَيهَا
    رُوحَنَا فَتَمَثلَ لَهَا بَشَراً سَوِياً (17) قَالَت إِني أَعُوذُ
    بِالرحمَـنِ مِنكَ إِن كُنتَ تَقِياً (18) قَالَ إِنمَا أَنَا رَسُولُ
    رَبكِ لأهَبَ لَكِ غُلاماً زَكِياً (19) قَالَت أنى يَكُونُ لِى غُلامٌ
    وَلَم يَمسَسنِى بَشَرٌ وَلَم أَكُ بَغِياً (20) قَالَ كَذلِكَ قَالَ
    رَبكَ هُوَ عَلَى هَينٌ وَلِنَجعَلَهُ ءايَةً للناسِ وَرَحمَةً منا
    وَكَانَ أَمراً مقضِياً (21) (مريم)

    جاء جبريل –عليه السلام- لمريم وهي في المحراب على صورة بشر في غاية
    الجمال. فخافت مريم وقالت: (إِنِّي أَعُوذُ بِالرَّحْمَن مِنكَ إِن كُنتَ
    تَقِيًّا) أرادت أن تحتمي في الله.. وسألته هل هو إنسان طيب يعرف الله
    ويتقيه.

    فجاء جوابه ليطمئنها بأنه يخاف الله ويتقيه: (قَالَ إِنَّمَا أَنَا رَسُولُ رَبِّكِ لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا زَكِيًّا)

    اطمئنت مريم للغريب، لكن سرعان ما تذكّرت ما قاله (لِأَهَبَ لَكِ غُلَامًا
    زَكِيًّا) استغربت مريم العذراء من ذلك.. فلم يمسسها بشر من قبل.. ولم
    تتزوج، ولم يخطبها أحد، كيف تنجب بغير زواج!! فقالت لرسول ربّها: (أَنَّى
    يَكُونُ لِي غُلَامٌ وَلَمْ يَمْسَسْنِي بَشَرٌ وَلَمْ أَكُ بَغِيًّا)

    قال الروح الأمين: (كَذَلِكِ قَالَ رَبُّكِ هُوَ عَلَيَّ هَيِّنٌ
    وَلِنَجْعَلَهُ آيَةً لِلنَّاسِ وَرَحْمَةً مِّنَّا وَكَانَ أَمْرًا
    مَّقْضِيًّا)

    استقبل عقل مريم كلمات الروح الأمين.. ألم يقل لها إن هذا هو أمر الله ..؟
    وكل شيء ينفذ إذا أمر الله.. ثم أي غرابة في أن تلد بغير أن يمسسها بشر..؟
    لقد خلق الله سبحانه وتعالى آدم من غير أب أو أم، لم يكن هناك ذكر وأنثى
    قبل خلق آدم. وخلقت حواء من آدم فهي قد خلقت من ذكر بغير أنثى.. ويخلق
    ابنها من غير أب.. يخلق من أنثى بغير ذكر.. والعادة أن يخلق الإنسان من
    ذكر وأنثى.. العادة أن يكون له أب وأم.. لكن المعجزة تقع عندما يريد الله
    تعالى أن تقع.. عاد جبريل عليه السلام يتحدث: (إِنَّ اللّهَ يُبَشِّرُكِ
    بِكَلِمَةٍ مِّنْهُ اسْمُهُ الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ وَجِيهًا
    فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ وَمِنَ الْمُقَرَّبِينَ (45) وَيُكَلِّمُ
    النَّاسَ فِي الْمَهْدِ وَكَهْلاً وَمِنَ الصَّالِحِينَ)

    زادت دهشة مريم.. قبل أن تحمله في بطنها تعرف اسمه.. وتعرف أنه سيكون
    وجيها عند الله وعند الناس، وتعرف أنه سيكلم الناس وهو طفل وهو كبير..
    وقبل أن يتحرك فم مريم بسؤال آخر.. نفخ جبريل عليه السلام في جيب مريم
    –الجيب هو شق الثوب الذي يكون في الصدر- فحملت فورا.

    ومرت الأيام.. كان حملها يختلف عن حمل النساء.. لم تمرض ولم تشعر بثقل ولا
    أحست أن شيئا زاد عليها ولا ارتفع بطنها كعادة النساء.. كان حملها به نعمة
    طيبة. وجاء الشهر التاسع.. وفي العلماء من يقول إن الفاء تفيد التعقيب
    السريع.. بمعنى أن مريم لم تحمل بعيسى تسعة أشهر، وإنما ولدته مباشرة
    كمعجزة..

    خرجت مريم ذات يوم إلى مكان بعيد.. إنها تحس أن شيئا سيقع اليوم.. لكنها
    لا تعرف حقيقة هذا الشيء.. قادتها قدماها إلى مكان يمتلئ بالشجر.. والنخل،
    مكان لا يقصده أحد لبعده.. مكان لا يعرفه غيرها.. لم يكن الناس يعرفون أن
    مريم حامل.. وإنها ستلد.. كان المحراب مغلقا عليها، والناس يعرفون أنها
    تتعبد فلا يقترب منها أحد..

    جلست مريم تستريح تحت جذع نخلة؛ لم تكن نخلة كاملة، إنما جذع فقط، لتظهر
    معجزات الله سبحانه وتعالى لمريم عند ولادة عيسى فيطمئن قلبها.. وراحت
    تفكر في نفسها.. كانت تشعر بألم.. وراح الألم يتزايد ويجيء في مراحل
    متقاربة.. وبدأت مريم تلد..

    فَأَجَاءهَا الْمَخَاضُ إِلَى جِذْعِ النَّخْلَةِ قَالَتْ يَا لَيْتَنِي مِتُّ قَبْلَ هَذَا وَكُنتُ نَسْيًا مَّنسِيًّا (23) (مريم)

    إن ألم الميلاد يحمل لنفس العذراء الطاهرة آلاما أخرى تتوقعها ولم تقع
    بعد.. كيف يستقبل الناس طفلها هذا..؟ وماذا يقولون عنها..؟ إنهم يعرفون
    أنها عذراء.. فكيف تلد العذراء..؟ هل يصدق الناس أنها ولدته بغير أن
    يمسسها بشر..؟ وتصورت نظرات الشك.. وكلمات الفضول.. وتعليقات الناس..
    وامتلأ قلبها بالحزن..

    وولدت في نفس اللحظة من قدر عليه أن يحمل في قلبه أحزان البشرية.. لم تكد
    مريم تنتهي من تمنيها الموت والنسيان، حتى نادها الطفل الذي ولد:

    فَنَادَاهَا مِن تَحْتِهَا أَلَّا تَحْزَنِي قَدْ جَعَلَ رَبُّكِ تَحْتَكِ
    سَرِيًّا (24) وَهُزِّي إِلَيْكِ بِجِذْعِ النَّخْلَةِ تُسَاقِطْ عَلَيْكِ
    رُطَبًا جَنِيًّا (25) فَكُلِي وَاشْرَبِي وَقَرِّي عَيْنًا فَإِمَّا
    تَرَيِنَّ مِنَ الْبَشَرِ أَحَدًا فَقُولِي إِنِّي نَذَرْتُ لِلرَّحْمَنِ
    صَوْمًا فَلَنْ أُكَلِّمَ الْيَوْمَ إِنسِيًّا (26) (مريم)

    نظرت مريم إلى المسيح.. سمعته يطلب منها أن تكف عن حزنها.. ويطلب منها أن
    تهز جذع النخلة لتسقط عليها بعض ثمارها الشهية.. فلتأكل، ولتشرب، ولتمتلئ
    بالسلام والفرح ولا تفكر في شيء.. فإذا رأت من البشر أحدا فلتقل لهم أنها
    نذرت للرحمن صوما فلن تكلم اليوم إنسانا.. ولتدع له الباقي..

    لم تكد تلمس جذعها حتى تساقط عليها رطب شهي.. فأكلت وشربت ولفت الطفل في
    ملابسها.. كان تفكير مريم العذراء كله يدور حول مركز واحد.. هو عيسى، وهي
    تتساءل بينها وبين نفسها: كيف يستقبله اليهود..؟ ماذا يقولون فيه..؟ هل
    يصدق أحد من كهنة اليهود الذين يعيشون على الغش والخديعة والسرقة..؟ هل
    يصدق أحدهم وهو بعيد عن الله أن الله هو الذي رزقها هذا الطفل؟ إن موعد
    خلوتها ينتهي، ولا بد أن تعود إلى قومها.. فماذا يقولون الناس؟
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:40 pm


    مواجهة القوم:

    كان الوقت عصرا حين عادت مريم.. وكان السوق الكبير الذي يقع في طريقها إلى
    المسجد يمتلئ بالناس الذي فرغوا من البيع والشراء وجلسوا يثرثرون. لم تكد
    مريم تتوسط السوق حتى لاحظ الناس أنها تحمل طفلا، وتضمه لصدرها وتمشي به
    في جلال وبطئ..

    تسائل أحد الفضوليين: أليست هذه مريم العذراء..؟ طفل من هذا الذي تحمله على صدرها..؟

    قال أحدهم: هو طفلها.. ترى أي قصة ستخرج بها علينا..؟

    وجاء كهنة اليهود يسألونها.. ابن من هذا يا مريم؟ لماذا لا تردين؟ هو ابنك قطعا.. كيف جاءك ولد وأنت عذراء؟

    يَا أُخْتَ هَارُونَ مَا كَانَ أَبُوكِ امْرَأَ سَوْءٍ وَمَا كَانَتْ أُمُّكِ بَغِيًّا (28) (مريم)

    الكلمة ترمي مريم بالبغاء.. هكذا مباشرة دون استماع أو تحقيق أو تثبت..
    ترميها بالبغاء وتعيرها بأنها من بيت طيب وليست أمها بغيا.. فكيف صارت هي
    كذلك؟ راحت الاتهامات تسقط عليها وهي مرفوعة الرأس.. تومض عيناها
    بالكبرياء والأمومة.. ويشع من وجهها نور يفيض بالثقة.. فلما زادت الأسئلة،
    وضاق الحال، وانحصر المجال، وامتنع المقال، اشتد توكلها على ذي الجلال
    وأشارت إليه..

    أشارت بيدها لعيسى.. واندهش الناس.. فهموا أنها صائمة عن الكلام وترجو
    منهم أن يسألوه هو كيف جاء.. تساءل الكهنة ورؤساء اليهود كيف يوجهون
    السؤال لطفل ولد منذ أيام.. هل يتكلم طفل في لفافته..؟!

    قالوا لمريم: (كَيْفَ نُكَلِّمُ مَن كَانَ فِي الْمَهْدِ صَبِيًّا).

    قال عيسى:

    قَالَ إِنِّي عَبْدُ اللَّهِ آتَانِيَ الْكِتَابَ وَجَعَلَنِي نَبِيًّا
    (30) وَجَعَلَنِي مُبَارَكًا أَيْنَ مَا كُنتُ وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ
    وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيًّا (31) وَبَرًّا بِوَالِدَتِي وَلَمْ
    يَجْعَلْنِي جَبَّارًا شَقِيًّا (32) وَالسَّلَامُ عَلَيَّ يَوْمَ
    وُلِدتُّ وَيَوْمَ أَمُوتُ وَيَوْمَ أُبْعَثُ حَيًّا (33) (مريم)

    لم يكد عيسى ينتهي من كلامه حتى كانت وجوه الكهنة والأحبار ممتقعة
    وشاحبة.. كانوا يشهدون معجزة تقع أمامهم مباشرة.. هذا طفل يتكلم في مهده..
    طفل جاء بغير أب.. طفل يقول أن الله قد آتاه الكتاب وجعله نبيا.. هذا يعني
    إن سلطتهم في طريقها إلى الانهيار.. سيصبح كل واحد فيهم بلا قيمة عندما
    يكبر هذا الطفل.. لن يستطيع أن يبيع الغفران للناس، أو يحكمهم عن طريق
    ادعائه أنه ظل السماء على الأرض، أو باعتباره الوحيد العارف في الشريعة..
    شعر كهنة اليهود بالمأساة الشخصية التي جاءتهم بميلاد هذا الطفل.. إن مجرد
    مجيء المسيح يعني إعادة الناس إلى عبادة الله وحده.. وهذا معناه إعدام
    الديانة اليهودية الحالية.. فالفرق بين تعاليم موسى وتصرفات اليهود كان
    يشبه الفرق بين نجوم السماء ووحل الطرقات.. وتكتم رهبان اليهود قصة ميلاد
    عيسى وكلامه في المهد.. واتهموا مريم العذراء ببهتان عظيم.. اتهموها
    بالبغاء.. رغم أنهم عاينوا بأنفسهم معجزة كلام ابنها في المهد.

    وتخبرنا بعض الروايات أن مريم هاجرت بعيسى إلى مصر، بينما تخبرنا روايات
    أخرى بأن هجرتها كانت من بيت لحم لبيت المقدس. إلا أن المعروف لدينا هو أن
    هذه الهجرة كانت قبل بعثته.

    معجزاته:

    كبر عيسى.. ونزل عليه الوحي، وأعطاه الله الإنجيل. وكان عمره آنذاك -كما
    يرى الكثير من العلماء- ثلاثون سنة. وأظهر الله على يديه المعجزات. يقول
    المولى عزّ وجل في كتابه عن معجزات عيسى عليه السلام:

    وَيُعَلمُهُ الكِتَابَ وَالحِكمَةَ وَالتورَاةَ وَالإِنجِيلَ (48)
    وَرَسُولاً إِلَى بَنِي إِسرائيلَ أني قَد جِئتُكُم بِآيَةٍ من ربكُم
    أَنِي أَخلُقُ لَكُم منَ الطينِ كَهَيئَةِ الطيرِ فَأَنفُخُ فِيهِ
    فَيَكُونُ طَيرًا بِإِذنِ اللهِ وَأُبرِىْ الأكمَهَ والأبرَصَ وَأُحي
    المَوتَى بِإِذنِ اللهِ وَأُنَبئُكُم بِمَا تَأكُلُونَ وَمَا تَدخِرُونَ
    فِى بُيُوتِكُم إِن فِي ذلِكَ لآيَةً لكُم إِن كُنتُم مؤمِنِينَ (49)
    وَمُصَدقًا لمَا بَينَ يَدَي مِنَ التورَاةِ وَلأحِل لَكُم بَعضَ الذِي
    حُرمَ عَلَيكُم وَجِئتُكُم بِآيَةٍ من ربكُم فَاتقُوا اللهَ وَأَطِيعُونِ
    (50) إِن اللهَ رَبي وَرَبكُم فَاعبُدُوهُ هَـذَا صِراطٌ مستَقِيمٌ (51)
    (آل عمران)

    فكان عيسى –عليه السلام- رسولا لبني إسرائيل فقط. ومعجزاته هي:

    علّمه الله التوراة.

    يصنع من الطين شكل الطير ثم ينفخ فيه فيصبح طيرا حيّا يطير أمام أعينهم.

    يعالج الأكمه (وهو من ولد أعمى)، فيمسح على عينيه أمامهم فيبصر.

    يعالج الأبرص (وهو المرض الذي يصيب الجلد فيجعل لونه أبيضا)، فيسمح على جسمه فيعود سليما.

    يخبرهم بما يخبئون في بيوتهم، وما أعدّت لهم زوجاتهم من طعام.

    وكان –عليه السلام- يحيي الموتى.

    إيمان الحواريون:

    جاء عيسى ليخفف عن بني إسرائيل بإباحة بعض الأمور التي حرمتها التوراة
    عليهم عقابا لهم. إلا أن بني إسرائيل –مع كل هذه الآيات- كفروا. قال تعالى:

    فَلَمَّا أَحَسَّ عِيسَى مِنْهُمُ الْكُفْرَ قَالَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى
    اللّهِ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللّهِ آمَنَّا بِاللّهِ
    وَاشْهَدْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ (52) رَبَّنَا آمَنَّا بِمَا أَنزَلَتْ
    وَاتَّبَعْنَا الرَّسُولَ فَاكْتُبْنَا مَعَ الشَّاهِدِينَ (53) (آل عمران)

    وقال تعالى:

    يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا كُونوا أَنصَارَ اللَّهِ كَمَا قَالَ
    عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ لِلْحَوَارِيِّينَ مَنْ أَنصَارِي إِلَى اللَّهِ
    قَالَ الْحَوَارِيُّونَ نَحْنُ أَنصَارُ اللَّهِ فَآَمَنَت طَّائِفَةٌ
    مِّن بَنِي إِسْرَائِيلَ وَكَفَرَت طَّائِفَةٌ فَأَيَّدْنَا الَّذِينَ
    آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ (14) (الصف)

    قيل أن عدد الحواريين كان سبعة عشر رجلا، لكن الروايات الأرجح أنهم كانوا
    اثني عشر رجلا. آمن الحواريون، لكن التردد لا يزال موجودا في نفوسهم. قال
    الله تعالى قصة هذا التردد:

    إِذْ قَالَ الْحَوَارِيُّونَ يَا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ هَلْ يَسْتَطِيعُ
    رَبُّكَ أَن يُنَزِّلَ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ السَّمَاء قَالَ
    اتَّقُواْ اللّهَ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ (112) قَالُواْ نُرِيدُ أَن
    نَّأْكُلَ مِنْهَا وَتَطْمَئِنَّ قُلُوبُنَا وَنَعْلَمَ أَن قَدْ
    صَدَقْتَنَا وَنَكُونَ عَلَيْهَا مِنَ الشَّاهِدِينَ (113) قَالَ عِيسَى
    ابْنُ مَرْيَمَ اللَّهُمَّ رَبَّنَا أَنزِلْ عَلَيْنَا مَآئِدَةً مِّنَ
    السَّمَاء تَكُونُ لَنَا عِيداً لِّأَوَّلِنَا وَآخِرِنَا وَآيَةً مِّنكَ
    وَارْزُقْنَا وَأَنتَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ (114) قَالَ اللّهُ إِنِّي
    مُنَزِّلُهَا عَلَيْكُمْ فَمَن يَكْفُرْ بَعْدُ مِنكُمْ فَإِنِّي
    أُعَذِّبُهُ عَذَابًا لاَّ أُعَذِّبُهُ أَحَدًا مِّنَ الْعَالَمِينَ (115)
    (المائدة)

    استجاب الله عز وجل، لكنه حذّرهم من الكفر بعد هذه الآية التي جاءت تلبية
    لطلبهم. نزلت المائدة، وأكل الحواريون منها، وظلوا على إيمانهم وتصديقهم
    لعيسى –عليه السلام- إلا رجل واحد كفر بعد رفع عيسى عليه السلام.

    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:41 pm

    رفع عيسى عليه السلام:

    لما بدأ الناس يتحدثون عن معجزات عيسى عليه السلام، خاف رهبان اليهود أن
    يتبع الناس الدين الجديد فيضيع سلطانهم. فذهبوا لمَلك تلك المناطق وكان
    تابعا للروم. وقالوا له أن عيسى يزعم أنه مَلك اليهود، وسيأخذ المُلك منك.
    فخاف المَلك وأمر بالبحث عن عيسى –عليه السلام- ليقتله.

    جاءت روايات كثيرة جدا عن رفع عيسى –عليه السلام- إلى السماء، معظمها من
    الإسرائيليات أو نقلا عن الإنجيل. وسنشير إلى أرجح رواية هنا.

    عندما بلغ عيسى عليه السلام أنهم يريدون قتله، خرج على أصحابه وسألهم من
    منهم مستعد أن يلقي الله عليه شبهه فيصلب بدلا منه ويكون معه في الجنة.
    فقام شاب، فحنّ عليه عيسى عليه السلام لأنه لا يزال شابا. فسألهم مرة
    ثانية، فقام نفس الشاب. فنزل عليه شبه عيسى عليه السلام، ورفع الله عيسى
    أمام أعين الحواريين إلى السماء. وجاء اليهود وأخذوا الشبه وقتلوه ثم
    صلبوه. ثم أمسك اليهود الحواريين فكفر واحد منهم. ثم أطلقوهم خشية أن يغضب
    الناس. فظل الحواريون يدعون بالسر. وظل النصارى على التوحيد أكثر من مئتين
    سنة. ثم آمن أحد ملوك الروم واسمه قسطنطين، وأدخل الشركيات في دين النصارى.

    يقول ابن عباس: افترق النصارى ثلاث فرق. فقالت طائفة: كان الله فينا ما
    شاء ثم صعد إلى السماء. وقالت طائفة: كان فينا ابن الله ما شاء ثم رفعه
    الله إليه. وقلت طائفة: كان فينا عبد الله ورسوله ما شاء ثم رفعه الله
    إليه. فتظاهرت الكافرتان على المسلمة فقتلوها فلم يزل الإسلام طامسا حتى
    بعث الله محمدا –صلى الله عليه وسلم- فذلك قول الله تعالى: (فَأَيَّدْنَا
    الَّذِينَ آَمَنُوا عَلَى عَدُوِّهِمْ فَأَصْبَحُوا ظَاهِرِينَ).

    وقال تعالى عن رفعه:

    وَقَولِهِم إِنا قَتَلنَا المَسِيحَ عِيسَى
    ابنَ مَريَمَ رَسُولَ اللهِ وَمَا قَتَلُوهُ وَمَا صَلَبُوهُ وَلَـكِن
    شُبهَ لَهُم وَإِن الذِينَ اختَلَفُوا فِيهِ لَفِي شَك منهُ مَا لَهُم
    بِهِ مِن عِلمٍ إِلا اتبَاعَ الظن وَمَا قَتَلُوهُ يَقِيناً (157) بَل
    رفَعَهُ اللهُ إِلَيهِ وَكَانَ اللهُ عَزِيزاً حَكِيماً (158) وَإِن من
    أَهلِ الكِتَابِ إِلا لَيُؤمِنَن بِهِ قَبلَ مَوتِهِ وَيَومَ القِيَامَةِ
    يَكُونُ عَلَيهِم شَهِيداً (159
    ) (النساء)

    لا يزال عيسى –عليه السلام- حيا. ويدل على ذلك أحاديث صحيحة كثيرة. والحديث الجامع لها في مسند الإمام أحمد:

    حدثنا عبد الله، حدثني أبي، ثنا يحيى، عن ابن أبي عروبة قال: ثنا قتادة،
    عن عبد الرحمن بن آدم، عن أبي هريرة،: (عن النبي صلى الله عليه وسلم قال:
    الأنبياء إخوة لعلات، دينهم واحد وأمهاتهم شتى، وأنا أولى الناس بعيسى ابن
    مريم لأنه لم يكن بيني وبينه نبي، وأنه نازل فإذا رأيتموه فاعرفوه، فإنه
    رجل مربوع إلى الحمرة والبياض، سبط كأن رأسه يقطر وإن لم يصبه بلل بين
    ممصرتين، فيكسر الصليب ويقتل الخنزير، ويضع الجزية، و يعطل الملل حتى يهلك
    الله في زمانه الملل كلها غير الإسلام، ويهلك الله في زمانه المسيح الدجال
    الكذاب، وتقع الأمنة في الأرض حتى ترتع الإبل مع الأسد جميعاً، والنمور مع
    البقر، والذئاب مع الغنم، ويلعب الصبيان بالحيات لا يضر بعضهم بعضاً،
    فيمكث ما شاء الله أن يمكث ثم يتوفى، فيصلي عليه المسلمون و يدفنونه.)

    (مربوع) ليس بالطويل وليس بالقصير، (إلى الحمرة والبياض) وجهه أبيض فيه
    احمرار، (سبط) شعره ناعم، (ممصرتين) عصاتين أو منارتين وفي الحديث الآخر
    ينزل عند المنارة البيضاء من مسجد دمشق.

    وفي الحديث الصحيح الآخر يحدد لنا رسولنا الكريم مدة مكوثه في الأرض فيقول: (فيمكث أربعين سنة ثم يتوفى، و يصلي عليه المسلمون).

    لا بد أن يذوق الإنسان الموت. عيسى لم يمت وإنما رفع إلى السماء، لذلك سيذوق الموت في نهاية الزمان.

    ويخبرنا المولى عز وجل بحوار لم يقع بعد، هو حواره مع عيسى عليه السلام يوم القيامة فيقول:

    وَإِذ قَالَ اللهُ يا عِيسَى ابنَ مَريَمَ أَءنتَ قُلتَ لِلناسِ
    اتخِذُونِي وَأُميَ إِلَـهَينِ مِن دُونِ اللهِ قَالَ سُبحَانَكَ مَا
    يَكُونُ لِي أَن أَقُولَ مَا لَيسَ لِي بِحَق إِن كُنتُ قُلتُهُ فَقَد
    عَلِمتَهُ تَعلَمُ مَا فِى نَفسِي وَلاَ أَعلَمُ مَا فِى نَفسِكَ إِنكَ
    أَنتَ عَلامُ الغُيُوبِ (116) مَا قُلتُ لَهُم إِلا مَا أَمَرتَنِي بِهِ
    أَنِ اعبُدُوا اللهَ رَبي وَرَبكُم وَكُنتُ عَلَيهِم شَهِيداً ما دُمتُ
    فِيهِم فَلَما تَوَفيتَنِي كُنتَ أَنتَ الرقِيبَ عَلَيهِم وَأَنتَ عَلَى
    كُل شَىء شَهِيدٌ (117) إِن تُعَذبهُم فَإِنهُم عِبَادُكَ وَإِن تَغفِر
    لَهُم فَإِنكَ أَنتَ العَزِيزُ الحَكِيمُ (118) (المائدة)
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:42 pm

    هود عليه السلام


    نبذة:

    أرسل إلى قوم عاد الذين كانوا بالأحقاف، وكانوا أقوياء الجسم والبنيان
    وآتاهم الله الكثير من رزقه ولكنهم لم يشكروا الله على ما آتاهم وعبدوا
    الأصنام فأرسل لهم الله هودا نبيا مبشرا، كان حكيما ولكنهم كذبوه وآذوه
    فجاء عقاب الله وأهلكهم بريح صرصر عاتية استمرت سبع ليال وثمانية أيام.



    سيرته:

    عبادة الناس للأصنام:


    بعد أن ابتلعت الأرض مياه الطوفان الذي أغرق من كفر بنوح عليه السلام، قام
    من آمن معه ونجى بعمارة الأرض. فكان كل من على الأرض في ذلك الوقت من
    المؤمنين. لم يكن بينهم كافر واحد. ومرت سنوات وسنوات. مات الآباء
    والأبناء وجاء أبناء الأبناء. نسى الناس وصية نوح، وعادت عبادة الأصنام.
    انحرف الناس عن عبادة الله وحده، وتم الأمر بنفس الخدعة القديمة.

    قال أحفاد قوم نوح: لا نريد أن ننسى آبائنا الذين نجاهم الله من الطوفان.
    وصنعوا للناجين تماثيل ليذكروهم بها، وتطور هذا التعظيم جيلا بعد جيل،
    فإذا الأمر ينقلب إلى العبادة، وإذا بالتماثيل تتحول بمكر من الشيطان إلى
    آلهة مع الله. وعادت الأرض تشكو من الظلام مرة ثانية. وأرسل الله سيدنا
    هودا إلى قومه.

    إرسال هود عليه السلام:

    كان "هود" من قبيلة اسمها "عاد" وكانت هذه القبيلة تسكن مكانا يسمى
    الأحقاف.. وهو صحراء تمتلئ بالرمال، وتطل على البحر. أما مساكنهم فكانت
    خياما كبيرة لها أعمدة شديدة الضخامة والارتفاع، وكان قوم عاد أعظم أهل
    زمانهم في قوة الأجسام، والطول والشدة.. كانوا عمالقة وأقوياء، فكانوا
    يتفاخرون بقوتهم. فلم يكن في زمانهم أحد في قوتهم. ورغم ضخامة أجسامهم،
    كانت لهم عقول مظلمة. كانوا يعبدون الأصنام، ويدافعون عنها، ويحاربون من
    أجلها، ويتهمون نبيهم ويسخرون منه. وكان المفروض، ما داموا قد اعترفوا
    أنهم أشد الناس قوة، أن يروا أن الله الذي خلقهم هو أشد منهم قوة.

    قال لهم هود نفس الكلمة التي يقولها كل رسول. لا تتغير ولا تنقص ولا تتردد
    ولا تخاف ولا تتراجع. كلمة واحدة هي الشجاعة كلها، وهي الحق وحده (يَا
    قَوْمِ اعْبُدُواْ اللّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَـهٍ غَيْرُهُ أَفَلاَ
    تَتَّقُونَ).

    وسأله قومه: هل تريد أن تكون سيدا علينا بدعوتك؟ وأي أجر تريده؟

    إن هذه الظنون السئية تتكرر على ألسنة الكافرين عندما يدعوهم نبيهم
    للإيمان بالله وحده. فعقولهم الصغيرة لا تتجاوز الحياة الدنيوية. ولا
    يفكروا إلا بالمجد والسلطة والرياسة.

    أفهمهم هود أن أجره على الله، إنه لا يريد منهم شيئا غير أن يغسلوا عقولهم
    في نور الحقيقة. حدثهم عن نعمة الله عليهم، كيف جعلهم خلفاء لقوم نوح، كيف
    أعطاهم بسطة في الجسم، وشدة في البأس، كيف أسكنهم الأرض التي تمنح الخير
    والزرع. كيف أرسل عليهم المطر الذي يحيى به الأرض. وتلفت قوم هود حولهم
    فوجدوا أنهم أقوى من على الأرض، وأصابتهم الكبرياء وزادوا في العناد.

    قالوا لهود: كيف تتهم آلهتنا التي وجدنا آباءنا يعبدونها؟
    قال هود: كان آباؤكم مخطئين.
    قال قوم هود: هل تقول يا هود إننا بعد أن نموت ونصبح ترابا يتطاير في الهواء، سنعود إلى الحياة؟
    قال هود: ستعودون يوم القيامة، ويسأل الله كل واحد فيكم عما فعل.

    انفجرت الضحكات بعد هذه الجملة الأخيرة. ما أغرب ادعاء هود. هكذا تهامس
    الكافرون من قومه. إن الإنسان يموت، فإذا مات تحلل جسده، فإذا تحلل جسده
    تحول إلى تراب، ثم يهب الهواء ويتطاير التراب. كيف يعود هذا كله إلى
    أصله؟! ثم ما معنى وجود يوم للقيامة؟ لماذا يقوم الأموات من موتهم؟

    استقبل هود كل هذه الأسئلة بصبر كريم.. ثم بدأ يحدث قومه عن يوم القيامة..
    أفهمهم أن إيمان الناس بالآخرة ضرورة تتصل بعدل الله، مثلما هي ضرورة تتصل
    بحياة الناس. قال لهم ما يقوله كل نبي عن يوم القيامة. إن حكمة الخالق
    المدبر لا تكتمل بمجرد بدء الخلق، ثم انتهاء حياة المخلوقين في هذه الأرض.
    إن هذه الحياة اختبار، يتم الحساب بعدها. فليست تصرفات الناس في الدنيا
    واحدة، هناك من يظلم، وهناك من يقتل، وهناك من يعتدي.. وكثيرا ما نرى
    الظالمين يذهبون بغير عقاب، كثيرا ما نرى المعتدين يتمتعون في الحياة
    بالاحترام والسلطة. أين تذهب شكاة المظلومين؟ وأين يذهب ألم المضطهدين؟ هل
    يدفن معهم في التراب بعد الموت؟

    إن العدالة تقتضي وجود يوم للقيامة. إن الخير لا ينتصر دائما في الحياة.
    أحيانا ينظم الشر جيوشه ويقتل حملة الخير. هل تذهب هذه الجريمة بغير عقاب؟

    إن ظلما عظيما يتأكد لو افترضنا أن يوم القيامة لن يجئ. ولقد حرم الله
    تعالى الظلم على نفسه وجعله محرما بين عباده. ومن تمام العدل وجود يوم
    للقيامة والحساب والجزاء. ذلك أن يوم القيامة هو اليوم الذي تعاد فيه جميع
    القضايا مرة أخرى أمام الخالق، ويعاد نظرها مرة أخرى. ويحكم فيها رب
    العالمين سبحانه. هذه هي الضرورة الأولى ليوم القيامة، وهي تتصل بعدالة
    الله ذاته.

    وثمة ضرورة أخرى ليوم القيامة، وهي تتصل بسلوك الإنسان نفسه. إن الاعتقاد
    بيوم الدين، والإيمان ببعث الأجساد، والوقوف للحساب، ثم تلقي الثواب
    والعقاب، ودخول الجنة أو النار، هذا شيء من شأنه أن يعلق أنظار البشر
    وقلوبهم بعالم أخر بعد عالم الأرض، فلا تستبد بهم ضرورات الحياة، ولا
    يستعبدهم الطمع، ولا تتملكهم الأنانية، ولا يقلقهم أنهم لم يحققوا جزاء
    سعيهم في عمرهم القصير المحدود، وبذلك يسمو الإنسان على الطين الذي خلق
    منه إلى الروح الذي نفخه ربه فيه. ولعل مفترق الطريق بين الخضوع لتصورات
    الأرض وقيمها وموازينها، والتعلق بقيم الله العليا، والانطلاق اللائق
    بالإنسان، يكمن في الإيمان بيوم القيامة.

    حدثهم هود بهذا كله فاستمعوا إليه وكذبوه. قالوا له هيهات هيهات..
    واستغربوا أن يبعث الله من في القبور، استغربوا أن يعيد الله خلق الإنسان
    بعد تحوله إلى التراب، رغم أنه خلقه من قبل من التراب. وطبقا للمقاييس
    البشرية، كان ينبغي أن يحس المكذبون للبعث أن إعادة خلق الإنسان من التراب
    والعظام أسهل من خلقه الأول. لقد بدأ الله الخلق فأي صعوبة في إعادته؟! إن
    الصعوبة -طبقا للمقياس البشري- تكمن في الخلق. وليس المقياس البشري غير
    مقياسٍ بشري ينطبق على الناس، أما الله، فليست هناك أمور صعبة أو سهلة
    بالنسبة إليه سبحانه، تجري الأمور بالنسبة إليه سبحانه بمجرد الأمر.

    موقف الملأ من دعوة هود:

    يروي المولى عزل وجل موقف الملأ (وهم الرؤساء) من دعوة هود عليه السلام.
    سنرى هؤلاء الملأ في كل قصص الأنبياء. سنرى رؤساء القوم وأغنيائهم
    ومترفيهم يقفون ضد الأنبياء. يصفهم الله تعالى بقوله: (وَأَتْرَفْنَاهُمْ
    فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا) من مواقع الثراء والغنى والترف، يولد الحرص
    على استمرار المصالح الخاصة. ومن مواقع الثراء والغنى والترف والرياسة،
    يولد الكبرياء. ويلتفت الرؤساء في القوم إلى أنفسهم ويتساءلون: أليس هذا
    النبي بشرا مثلنا، يأكل مما نأكل، ويشرب مما نشرب؟ بل لعله بفقره يأكل أقل
    مما نأكل، ويشرب في أكواب صدئة، ونحن نشرب في أكواب الذهب والفضة.. كيف
    يدعي أنه على الحق ونحن على الباطل؟ هذا بشر .. كيف نطيع بشرا مثلنا؟ ثم..
    لماذا اختار الله بشرا من بيننا ليوحى إليه؟

    قال رؤساء قوم هود: أليس غريبا أن يختار الله من بيننا بشرا ويوحي إليه؟!
    تسائل هو: ما هو الغريب في ذلك؟ إن الله الرحيم بكم قد أرسلني إليكم
    لأحذركم. إن سفينة نوح، وقصة نوح ليست ببعيدة عنكم، لا تنسوا ما حدث، لقد
    هلك الذين كفروا بالله، وسيهلك الذين يكفرون بالله دائما، مهما يكونوا
    أقوياء.
    قال رؤساء قوم هود: من الذي سيهلكنا يا هود؟
    قال هود: الله .
    قال الكافرون من قوم هود: ستنجينا آلهتنا.

    وأفهمهم هود أن هذه الآلهة التي يعبدونها لتقربهم من الله، هي نفسها التي
    تبعدهم عن الله. أفهمهم أن الله هو وحده الذي ينجي الناس، وأن أي قوة أخرى
    في الأرض لا تستطيع أن تضر أو تنفع.

    واستمر الصراع بين هود وقومه. وكلما استمر الصراع ومرت الأيام، زاد قوم
    هود استكبارا وعنادا وطغيانا وتكذيبا لنبيهم. وبدءوا يتهمون "هودا" عليه
    السلام بأنه سفيه مجنون.

    قالوا له يوما: لقد فهمنا الآن سر جنونك. إنك تسب آلهتنا وقد غضبت آلهتنا عليك، وبسبب غضبها صرت مجنونا.

    انظروا للسذاجة التي وصل إليها تفكيرهم. إنهم يظنون أن هذه الحجارة لها
    قوى على من صنعها. لها تأثير على الإنسان مع أنا لا تسمع ولا ترى ولا
    تنطق. لم يتوقف هود عند هذيانهم، ولم يغضبه أن يظنوا به الجنون والهذيان،
    ولكنه توقف عند قولهم: (وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ
    وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ).

    بعد هذا التحدي لم يبق لهود إلا التحدي. لم يبق له إلا التوجه إلى الله
    وحده. لم يبق أمامه إلا إنذار أخير ينطوي على وعيد للمكذبين وتهديدا لهم..
    وتحدث هود:

    إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوَءٍ قَالَ إِنِّي
    أُشْهِدُ اللّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54)
    مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55) إِنِّي
    تَوَكَّلْتُ عَلَى اللّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَآبَّةٍ إِلاَّ
    هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56)
    فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ
    وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا
    إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) (هود)

    إن الإنسان ليشعر بالدهشة لهذه الجرأة في الحق. رجل واحد يواجه قوما غلاظا
    شدادا وحمقى. يتصورون أن أصنام الحجارة تستطيع الإيذاء. إنسان بمفرده يقف
    ضد جبارين فيسفه عقيدتهم، ويتبرأ منهم ومن آلهتهم، ويتحداهم أن يكيدوا له
    بغير إبطاء أو إهمال، فهو على استعداد لتلقي كيدهم، وهو على استعداد
    لحربهم فقد توكل على الله. والله هو القوي بحق، وهو الآخذ بناصية كل دابة
    في الأرض. سواء الدواب من الناس أو دواب الوحوش أو الحيوان. لا شيء يعجز
    الله.

    بهذا الإيمان بالله، والثقة بوعده، والاطمئنان إلى نصره.. يخاطب هود الذين
    كفروا من قومه. وهو يفعل ذلك رغم وحدته وضعفه، لأنه يقف مع الأمن الحقيقي
    ويبلغ عن الله. وهو في حديثه يفهم قومه أنه أدى الأمانة، وبلغ الرسالة.
    فإن كفروا فسوف يستخلف الله قوما غيرهم، سوف يستبدل بهم قوما آخرين. وهذا
    معناه أن عليهم أن ينتظروا العذاب.
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:43 pm

    هلاك عاد:

    وهكذا أعلن هود لهم براءته منهم ومن آلهتهم. وتوكل على الله الذي خلقه،
    وأدرك أن العذاب واقع بمن كفر من قومه. هذا قانون من قوانين الحياة. يعذب
    الله الذين كفروا، مهما كانوا أقوياء أو أغنياء أو جبابرة أو عمالقة.

    انتظر هود وانتظر قومه وعد الله. وبدأ الجفاف في الأرض. لم تعد السماء
    تمطر. وهرع قوم هود إليه. ما هذا الجفاف يا هود؟ قال هود: إن الله غاضب
    عليكم، ولو آمنتم فسوف يرضى الله عنكم ويرسل المطر فيزيدكم قوة إلى قوتكم.
    وسخر قوم هود منه وزادوا في العناد والسخرية والكفر. وزاد الجفاف، واصفرت
    الأشجار الخضراء ومات الزرع. وجاء يوم فإذا سحاب عظيم يملأ السماء. وفرح
    قوم هود وخرجوا من بيوتهم يقولون: (هَذَا عَارِضٌ مُّمْطِرُنَا).

    تغير الجو فجأة. من الجفاف الشديد والحر إلى البرد الشديد القارس. بدأت
    الرياح تهب. ارتعش كل شيء، ارتعشت الأشجار والنباتات والرجال والنساء
    والخيام. واستمرت الريح. ليلة بعد ليلة، ويوما بعد يوم. كل ساعة كانت
    برودتها تزداد. وبدأ قوم هود يفرون، أسرعوا إلى الخيام واختبئوا داخلها،
    اشتد هبوب الرياح واقتلعت الخيام، واختبئوا تحت الأغطية، فاشتد هبوب
    الرياح وتطايرت الأغطية. كانت الرياح تمزق الملابس وتمزق الجلد وتنفذ من
    فتحات الجسم وتدمره. لا تكاد الريح تمس شيئا إلا قتلته ودمرته، وجعلته
    كالرميم.

    استمرت الرياح مسلطة عليهم سبع ليال وثمانية أيام لم تر الدنيا مثلها قط.
    ثم توقفت الريح بإذن ربها. لم يعد باقيا ممن كفر من قوم هود إلا ما يبقى
    من النخل الميت. مجرد غلاف خارجي لا تكاد تضع يدك عليه حتى يتطاير ذرات في
    الهواء.

    نجا هود ومن آمن معه.. وهلك الجبابرة.. وهذه نهاية عادلة لمن يتحدى الله ويستكبر عن عبادته
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 33
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : سلسلة حياة الانبيا 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    سلسلة حياة الانبيا Empty رد: سلسلة حياة الانبيا

    مُساهمة من طرف Mr.mody الثلاثاء نوفمبر 25, 2008 2:46 pm

    إسماعيل عليه السلام


    نبذة:


    هو ابن إبراهيم البكر وولد السيدة هاجر، سار إبراهيم بهاجر - بأمر من الله
    - حتى وضعها وابنها في موضع مكة وتركهما ومعهما قليل من الماء والتمر ولما
    نفد الزاد جعلت السيدة هاجر تطوف هنا وهناك حتى هداها الله إلى ماء زمزم
    ووفد عليها كثير من الناس حتى جاء أمر الله لسيدنا إبراهيم ببناء الكعبة
    ورفع قواعد البيت، فجعل إسماعيل يأتي بالحجر وإبراهيم يبني حتى أتما
    البناء ثم جاء أمر الله بذبح إسماعيل حيث رأى إبراهيم في منامه أنه يذبح
    ابنه فعرض عليه ذلك فقال "يا أبت افعل ما تؤمر ستجدني إن شاء الله من
    الصابرين" ففداه الله بذبح عظيم، كان إسماعيل فارسا فهو أول من استأنس
    الخيل وكان صبورا حليما، يقال إنه أول من تحدث بالعربية البينة وكان صادق
    الوعد، وكان يأمر أهله بالصلاة والزكاة، وكان ينادي بعبادة الله ووحدانيته.



    سيرته:

    الاختبار الأول:

    ذكر الله في كتابه الكريم، ثلاث مشاهد من حياة إسماعيل عليه السلام. كل
    مشهد عبارة عن محنة واختبار لكل من إبراهيم وإسماعيل عليهما السلام. أول
    هذه المشاهد هو أمر الله سبحانه وتعالى لإبراهيم بترك إسماعيل وأمه في واد
    مقفر، لا ماء فيه ولا طعام. فما كان من إبراهيم عليه السلام إلا الاستجابة
    لهذا الأمر الرباني. وهذا بخلاف ما ورد في الإسرائيليات من أن إبراهيم حمل
    ابنه وزوجته لوادي مكة لأن سارة -زوجة إبراهيم الأولى- اضطرته لذلك من شدة
    غيرتها من هاجر. فالمتأمل لسيرة إبراهيم عليه السلام، سيجد أنه لم يكن
    ليتلقّى أوامره من أحد غير الله.

    أنزل زوجته وابنه وتركهما هناك، ترك معهما جرابا فيه بعض الطعام، وقليلا من الماء. ثم استدار وتركهما وسار.

    أسرعت خلفه زوجته وهي تقول له: يا إبراهيم أين تذهب وتتركنا بهذا الوادي الذي ليس فيه شيء؟

    لم يرد عليها سيدنا إبراهيم وظل يسير.. عادت تقول له ما قالته وهو صامت..
    أخيرا فهمت أنه لا يتصرف هكذا من نفسه.. أدركت أن الله أمره بذلك فسألته:
    هل الله أمرك بهذا؟

    فقال إبراهيم عليه السلام: نعم.

    قالت زوجته المؤمنة العظيمة: لن نضيع ما دام الله معنا وهو الذي أمرك بهذا.

    وسار إبراهيم حتى إذا أخفاه جبل عنهما وقف ورفع يديه الكريمتين إلى السماء وراح يدعو الله:

    رَّبَّنَا إِنِّي أَسْكَنتُ مِن ذُرِّيَّتِي بِوَادٍ غَيْرِ ذِي زَرْعٍ
    عِندَ بَيْتِكَ الْمُحَرَّمِ رَبَّنَا لِيُقِيمُواْ الصَّلاَةَ فَاجْعَلْ
    أَفْئِدَةً مِّنَ النَّاسِ تَهْوِي إِلَيْهِمْ وَارْزُقْهُم مِّنَ
    الثَّمَرَاتِ لَعَلَّهُمْ يَشْكُرُونَ (37) (إبراهيم)

    لم يكن بيت الله قد أعيد بناؤه بعد، لم تكن الكعبة قد بنيت، وكانت هناك
    حكمة عليا في أمر الله سبحانه لإبراهيم، فقد كان إسماعيل -الطفل الذي
    تُرِكَ مع أمه في هذا المكان- ووالده من سيكونان المسؤولان بناء الكعبة
    فيما بعد.. وكانت حكمة الله تقضي أن يسكن أحد في هذا الوادي، لميتد إليه
    العمران.

    بعد أن ترك إبراهيم زوجته وابنه الرضيع في الصحراء بأيام نفد الماء وانتهى الطعام، وجف لبن الأم.. وأحست هاجر وإسماعيل بالعطش.

    بدأ إسماعيل يبكي من العطش.. فتركته أمه وانطلقت تبحث عن ماء.. راحت تمشي
    مسرعة حتى وصلت إلى جبل اسمه "الصفا".. فصعدت إليه وراحت تبحث به عن بئر
    أو إنسان أو قافلة.. لم يكن هناك شيء. ونزلت مسرعة من الصفا حتى إذا وصلت
    إلى الوادي راحت تسعى سعي الإنسان المجهد حتى جاوزت الوادي ووصلت إلى جبل
    "المروة"، فصعدت إليه ونظرت لترى أحدا لكنها لم تر أحدا. وعادت الأم إلى
    طفلها فوجدته يبكي وقد اشتد عطشه.. وأسرعت إلى الصفا فوقفت عليه، وهرولت
    إلى المروة فنظرت من فوقه.. وراحت تذهب وتجيء سبع مرات بين الجبلين
    الصغيرين.. سبع مرات وهي تذهب وتعود - ولهذا يذهب الحجاج سبع مرات ويعودون
    بين الصفا والمروة إحياء لذكريات أمهم الأولى ونبيهم العظيم إسماعيل. عادت
    هاجر بعد المرة السابعة وهي مجهدة متعبة تلهث.. وجلست بجوار ابنها الذي
    كان صوته قد بح من البكاء والعطش.

    وفي هذه اللحظة اليائسة أدركتها رحمة الله، وضرب إسماعيل بقدمه الأرض وهو
    يبكي فانفجرت تحت قدمه بئر زمزم.. وفار الماء من البئر.. أنقذت حياتا
    الطفل والأم.. راحت الأم تغرف بيدها وهي تشكر الله.. وشربت وسقت طفلها
    وبدأت الحياة تدب في المنطقة.. صدق ظنها حين قالت: لن نضيع ما دام الله
    معنا.

    وبدأت بعض القوافل تستقر في المنطقة.. وجذب الماء الذي انفجر من بئر زمزم عديدا من الناس.. وبدأ العمران يبسط أجنحته على المكان.

    كانت هذه هي المحنة الاولى.. أما المحنة الثانية فهي الذبح.


    الاختبار الثاني:

    كبر إسماعيل.. وتعلق به قلب إبراهيم.. جاءه العقب على كبر فأحبه.. وابتلى
    الله تعالى إبراهيم بلاء عظيما بسبب هذا الحب. فقد رأى إبراهيم عليه
    السلام في المنام أنه يذبح ابنه الوحيد إسماعيل. وإبراهيم يعمل أن رؤيا
    الأنبياء وحي.

    انظر كيف يختبر الله عباده. تأمل أي نوع من أنواع الاختبار. نحن أمام نبي
    قلبه أرحم قلب في الأرض. اتسع قلبه لحب الله وحب من خلق. جاءه ابن على
    كبر.. وقد طعن هو في السن ولا أمل هناك في أن ينجب. ثم ها هو ذا يستسلم
    للنوم فيرى في المنام أنه يذبح ابنه وبكره ووحيده الذي ليس له غيره.

    أي نوع من الصراع نشب في نفسه. يخطئ من يظن أن صراعا لم ينشأ قط. لا يكون
    بلاء مبينا هذا الموقف الذي يخلو من الصراع. نشب الصراع في نفس إبراهيم..
    صراع أثارته عاطفة الأبوة الحانية. لكن إبراهيم لم يسأل عن السبب وراء ذبح
    ابنه. فليس إبراهيم من يسأل ربه عن أوامره.

    فكر إبراهيم في ولده.. ماذا يقول عنه إذا أرقده على الأرض ليذبحه.. الأفضل
    أن يقول لولده ليكون ذلك أطيب لقلبه وأهون عليه من أن يأخذه قهرا ويذبحه
    قهرا. هذا أفضل.. انتهى الأمر وذهب إلى ولده (قَالَ يَا بُنَيَّ إِنِّي
    أَرَى فِي الْمَنَامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانظُرْ مَاذَا تَرَى). انظر إلى
    تلطفه في إبلاغ ولده، وترك الأمر لينظر فيه الابن بالطاعة.. إن الأمر مقضي
    في نظر إبراهيم لأنه وحي من ربه.. فماذا يرى الابن الكريم في ذلك؟ أجاب
    إسماعيل: هذا أمر يا أبي فبادر بتنفيذه (يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ
    سَتَجِدُنِي إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). تأمل رد الابن.. إنسان
    يعرف أنه سيذبح فيمتثل للأمر الإلهي ويقدم المشيئة ويطمئن والده أنه سيجده
    (إِن شَاء اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ). هو الصبر على أي حال وعلى كل
    حال.. وربما استعذب الابن أن يموت ذبحا بأمر من الله.. ها هو ذا إبراهيم
    يكتشف أن ابنه ينافسه في حب الله. لا نعرف أي مشاعر جاشت في نفس إبراهيم
    بعد استسلام ابنه الصابر.

    ينقلنا الحق نقلة خاطفة فإذا إسماعيل راقد على الأرض، وجهه في الأرض رحمة
    به كيلا يرى نفسه وهو يذبح. وإذا إبراهيم يرفع يده بالسكين.. وإذا أمر
    الله مطاع. (فَلَمَّا أَسْلَمَا) استخدم القرآن هذا التعبير.. (فَلَمَّا
    أَسْلَمَا) هذا هو الإسلام الحقيقي.. تعطي كل شيء، فلا يتبقى منك شيء.

    عندئذ فقط.. وفي اللحظة التي كان السكين فيها يتهيأ لإمضاء أمره.. نادى
    الله إبراهيم.. انتهى اختباره، وفدى الله إسماعيل بذبح عظيم - وصار اليوم
    عيدا لقوم لم يولدوا بعد، هم المسلمون. صارت هذه اللحظات عيدا للمسلمين.
    عيدا يذكرهم بمعنى الإسلام الحقيقي الذي كان عليه إبراهيم وإسماعيل.

    خبر زوجة إسماعيل:

    عاش إسماعيل في شبه الجزيرة العربية ما شاء الله له أن يعيش.. روض الخيل
    واستأنسها واستخدمها، وساعدت مياه زمزم على سكنى المنطقة وتعميرها. استقرت
    بها بعض القوافل.. وسكنتها القبائل.. وكبر إسماعيل وتزوج، وزاره إبراهيم
    فلم يجده في بيته ووجد امرأته.. سألها عن عيشهم وحالهم، فشكت إليه من
    الضيق والشدة.

    قال لها إبراهيم: إذا جاء زوجك مريه أن يغير عتبة بابه.. فلما جاء
    إسماعيل، ووصفت له زوجته الرجل.. قال: هذا أبي وهو يأمرني بفراقك.. الحقي
    بأهلك.

    وتزوج إسماعيل امرأة ثانية.. زارها إبراهيم، يسألها عن حالها، فحدثته أنهم في نعمة وخير.. وطاب صدر إبراهيم بهذه الزوجة لابنه.

      الوقت/التاريخ الآن هو الأحد مايو 12, 2024 1:36 pm