منتديات بلدنا

هل تريد التفاعل مع هذه المساهمة؟ كل ما عليك هو إنشاء حساب جديد ببضع خطوات أو تسجيل الدخول للمتابعة.
منتديات بلدنا

منتديات بلدنا لتحميل احدث الافلام الاجنبية والعربية والاغانى والكليبات


    قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد)

    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 34
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد) 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد) Empty قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد)

    مُساهمة من طرف Mr.mody الجمعة نوفمبر 28, 2008 6:21 am


    قافلــــــــــة الجمـــــــــــــــــــــال‏!‏
    بقلم‏:‏ أحمد رجب

    *********************************

    مازلت أذكر ياسيدي ذلك اليوم الذي دق فيه جرس التليفون في بيتي لأجد صوتا
    يقول‏:‏ باسفيك سرفيس؟ وحسب تعليمات زوجتي فاطمة أجبت المتكلم
    بالإنجليزية‏:‏ جود أفتر نون‏..‏ باسفيك سرفيس في خدمتك‏,‏ وحسب تعليماتها
    ايضا حركت قرص التليفون محدثا تكتكة وكأنني سكرتير أوصل المتحدث برئيس
    العمل‏,‏ والتقطت فاطمة السماعة ورطنت باللكنة الأمريكية ثم ما لبثت أن
    قالت‏:‏ طبعا ياسيدي نحن نتكلم العربية باسفيك سرفيس في خدمتك‏.‏
    كان ذلك هو اليوم الاول لنشاط باسفيك سرفيس‏,‏ ومنذ ذلك اليوم وبيتي اسمه
    باسفيك سرفيس‏,‏ وبهذا الباسفيك سرفيس حققت فاطمة أمنيتها في إنشاء مكتب
    يؤدي للعلماء خدمات غير تقليدية‏,‏ وقد تعلقت بهذه الامنية ونحن في رحلة
    بأمريكا‏,‏ إذ قرأت عن إعلان زواج نشر بإحدي الصحف وجاء فيه شاب وسيم
    مليونير يرغب في الزواج من فتاة يكون لها نفس اوصاف بطلة قصة الخريف لا
    يأتي غدا‏.‏
    في خلال ساعات نفدت كل نسخ القصة من السوق وحقق مكتب باسفيك سرفيس صاحب
    الاعلان ربحا كبيرا له وللمؤلف‏,‏ فالافكار الجديدة ـ كما تقول فاطمة‏:‏
    هي أقرب طريق الي النجاح‏,‏ ومن هنا نقلت اسم المكتب الامريكي باسفيك
    سرفيس الي مشروعها الجديد‏,‏ وتم نشر الإعلان في الصحف عن بداية نشاط
    باسفيك سرفيس‏.‏
    ورغم أن فاطمة فسرت سبب تسمية المكتب باسفيك بأن الاسم يعطي عظمة وفخامة
    وثقة فإنني وجدت هذا التفسير ضعيفا ومتهافتا فاعترضت بشدة علي هذاالاسم
    السخيف‏,‏ ولكن فاطمة لم تعلم بذلك‏,‏ إذ جاهرت باعتراضي أمام صديق مخلص
    لا ينقل الكلام‏,‏ كذلك أخفيت عن فاطمة استيائي من رفع سماعة التليفون
    والرد علي العملاء بالانجليزية‏,‏ ولا أذكر ماذا قالت فاطمة تفسيرا
    لذلك‏,‏ ولكني أيدتها تماما في وجوب الرد علي التليفون بالانجليزية‏.‏
    وميدان الاعمال ليس جديدا علي فاطمة‏,‏ فقد بدأت حياتها العملية مصممة
    أزياء‏,‏ ثم خبيرة ديكور‏,‏ ثم تنظيم رحلات سياحية‏,‏ ولما رأت ان ماليتي
    قد ارهقت بسبب سدادي للديون التي تراكمت عليها قالت‏:‏ إنها قررت ان تعتمد
    علي نفسها وتتجر في الكلاب المدللة‏,‏ووتحول بدروم الفيلا الي مستشفي
    لتوليد وتربية الكلاب‏.‏
    ورغم الدخل الضئيل لهذه التجارة الجديدة‏,‏ فإن فاطمة كانت راضية وسعيدة
    جدا‏,‏ وربما لان حمل الكلاب الصغيرة وتدليلها وإرضاعها أحيانا بالبيبرون
    كان يشبع إحساسها المتعطش إلي الأمومة وكنت اقضي معها في البدروم وقتا
    طويلا لرعاية الأولاد‏,‏ وهي قد رأت أنني قد استفدت من صحبة الكلاب خصالا
    طيبة‏,‏ فأصبحت ذكيا‏,‏ ووفيا أكثر‏,‏ واسرع اليها لاهثا عندما تنادي
    اسمي‏.‏
    كان افضل عملاء فاطمة هي مدام صابونجي التي تقتني اربعة وثلاثين كلبا‏.‏
    وقد ابدت هذه السيدة رغبتها في اقتناء كلب تشاوتشاو من السلالات
    الصينية‏,‏ وهو الكلب الوحيد بين فصائل الكلاب الذي ينفرد بسواد اللسان‏,‏
    وعرضت مدام صابونجي الفي جنيه ثمنا لهذا الكلب الأمر الذي حفز فاطمة الي
    ان تعجل باتصالاتها للحصول علي هذا الكلب‏.‏ وعرفت ان هناك سمسار كلاب
    اسمه الدكتور محروس‏,‏ وأعطوها رقم تليفون مقهي يتردد عليه وتبين انه حلاق
    كلاب سابق‏,‏ وبعد اسبوع صدق وعد الرجل وجاء بالتشاوتشاو وقبض مائتي جنيه
    وكسبت فاطمة الفا وثمانمائة جنيه‏!‏
    لقد طارت مدام صابونجي فرحا‏,‏ فقد كان الكلب جميلا حقا له طوق شعر كثيف
    حول الرقبة‏,‏ والشعر نفسه ذو ألوان متغيرة مع الضوء‏.‏ وتشاوتشاو
    أصيل‏..‏ غير ان فرحة مدام صابونجي لم تدم طويلا‏,‏ فقد بدأ الكلب يشيب‏.‏
    هل تشيب الكلاب ؟ اسرعت به المدام الي الطبيب‏,‏ فاكتشف ان الكلب من نوع
    اللولو الابيض وليس تشاوتشاو‏,‏ تم بإتقان قص شعره وصبغه بالالوان
    المتغيرة كما تم طلاء لسانه بحبر بلوبلاك ؟
    كانت الصدمة قاسية فلزمت فاطمة الفراش‏.‏ كانت تبكي وتعتريها نوبات عصبية
    تتهمني فيها ـ كما يحدث في اعقاب فشل كل مشروع ـ بأنني السبب‏,‏ وأن طول
    عمري أريد أن أثبت انها سيدة أعمال فاشلة‏:‏ وفي كل مرة كنت احتضن فاطمة
    واهديء من روعها وكانت تهدأ بذلك‏,‏ فهي تعرف ان كل اتهاماتها ظالمة‏,‏
    وهي تعرف ايضا ان حبي لها قد فاق كل تصور‏.‏ وهل أتجاهل تضحيتها من أجلي ؟
    هل أنسي بداية حياتنا وكيف اثبتت كل الفحوص انني السبب في حرمانها من
    الأمومة ؟
    عندما كانت فاطمة تهدأ تماما كنت اسمع صوتها الدامع يهمس في أذني‏:‏ أعذرني يا فاضل‏..‏ أنا لا أعرف ماذا أريد‏.‏
    لكني كنت أعرف ماذا تريد فاطمة‏:‏ أن تكون أما‏,‏ غير أن الأوان قد فات‏.‏
    تعالي ننس كل همومنا يافاطمة‏.‏ سافرنا في رحلة حول العالم‏,‏ وفي امريكا
    استهوتها فكرة مكتب الخدمات وولد مشروعها الجديد باسفيك سرفيس‏.‏
    لقد بدأ باسفيك سرفيس يعمل في أداء الخدمات العادية‏,‏ لكن فاطمة استولي
    علي اهتمامها عميل رأت فيه مجالا مناسبا لتحقيق أفكارها الجديدة‏,‏ فهو
    فنان تشكيلي قال‏:‏ إنه صاحب مدرسة جديدة في التصوير‏,‏ وأن الكل يعتبره
    مجنونا‏,‏ وهو لا يجد سبيلا الي عرض إنتاجه الجيد والخروج الي دائرة
    الأضواء‏.‏
    ـ قالت‏:‏ إن اسمك أحمد برهان ؟
    ـ ومتخرج في كلية الفنون منذ عامين
    ـ هل تعرف الدكتور عبود ؟
    ـ كان يدرس لي‏.‏ إنه حمار كبير
    ـ كيف تقول عن استاذ لك إنه حمار
    ـ في رأيي أن كل من يعيش علي الافكار الجاهزة التي ابتكرها السابقون دون
    ان يبتدع شيئا جديدا هو في نظري حمار‏..‏ هل الدكتور عبود قريبك ؟
    ترددت فاطمة ثم قالت‏:‏ أجل
    قال‏:‏ حمار
    أكد الدكتور عبود لفاطمة أن أحمد برهان فنان عبقري ولكنه لا يحسن تقديم
    نفسه بسبب غروره الذي يصل الي حد الوقاحة ولهذا يعتبرونه مجنونا‏,‏ ولكن
    كل لوحة لهذا الولد فيها دائما الجديد‏.‏
    واتصلت فاطمة بأحمد برهان وحددت له موعدا ليحضر لوحاته‏.‏ في تلك الليلة
    قالت لي‏:‏ هل تعرف يافاضل إن أروع لحظات العمر عند المرأة هي لحظة
    ميلاد‏,‏ عندما تنبثق منها بين آلام المخاض حياة جديدة تطل علي الوجود‏.‏
    لا يكفي ان تكون المرأة جميلة بل ينبغي ان تكون نافعة ايضا‏.‏
    وتنهدت فاطمة تنهيدة احترق لها قلبي وهي تستطرد‏:‏ من بطن المرأة خرج
    عباقرة الدنيا الذين صنعوا الحضارة‏,‏ وأنا لم أنجب‏,‏ لكن لو استطعت ان
    اساعد هذا الفنان فكأني أعطيت الدنيا عبقريا‏,‏ غير ان هذا ليس سهلا إنه
    يحتاج إلي معاناة‏.‏ آلام مخاض‏.‏ هل تقف بجواري يافاضل ؟
    احتضنت فاطمة في صمت‏.‏
    عندما حضر الفنان أحمد برهان متأخرا عن موعده اكثر من ساعة كانت فاطمة
    مشغولة مع إحدي العميلات‏,‏ فتوليت مهمة استقباله‏.‏ شاب في منتصف
    العشرينيات‏.‏ طويل القامة‏.‏ نحيل‏.‏ علي وجهه تعبير اشمئزازي فطري‏,‏
    وفي نظرته الكثير من التعالي خصوصا عندما ينظر نحوي‏.‏ وضع لوحاته بعناية
    ثم قال‏:‏ أبلغ المدام أنني هنا‏.‏
    ـ المدام سوف تأتي حالا‏.‏
    ـ هل أنت السكرتير أم الخادم ؟
    ابتسمت وأنا أتغاضي عن رد السؤال‏,‏ ويبدو أنه عرف من تلقاء نفسه إن كنت
    الخادم أم السكرتير‏,‏ إذ قال لي‏:‏ هات لي فنجان قهوة سادة‏.‏
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 34
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد) 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد) Empty رد: قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد)

    مُساهمة من طرف Mr.mody الجمعة نوفمبر 28, 2008 6:23 am

    ـ القهوة ستأتي حالا‏.‏
    ضغطت الجرس وظللت محتفظا بابتسامتي‏,‏ فإن الاحتكاك اليومي بالأصدقاء
    والأقارب والزملاء قد أكسبني خبرة في التعامل مع المضطربين عقليا‏.‏
    جاءت فاطمة وخرجنا إلي الشرفة الخارجية المطلة علي الحديقة لنري اللوحات
    في ضوء الشمس‏,‏ وضع أحمد برهان اللوحة الأولي علي منضدة ملاصقة للحائط‏,‏
    ودعانا إلي أن نتراجع خلفا لكي نتذوقها‏.‏
    ماذا نتذوق؟؟ لقد كانت اللوحة كلها مطلية بلون أسود يميل إلي الزرقة‏.‏
    ونظرت إلي فاطمة مشفقا عليها من الصدمة‏,‏ ولكنها كانت منصرفة إلي اللوحة
    باهتمام وأحمد برهان يشرح قائلا‏:‏ هذه اللوحة تمثل قافلة جمال في
    الصحراء‏,‏ ونحن لانستطيع أن نري الجمال طبعا لأن الليلة كانت حالكة
    الظلام‏,‏ غير أننا يمكننا أن نري الجمال بشيء من تركيز الإدراك والنظر‏.‏
    قلت له‏:‏ ولكني لا أري جمالا‏.‏
    قال في نبرة يشع منها الضيق‏:‏ ركز وسوف تراها
    لاحظت حيرة علي وجه فاطمة‏.‏ هل هي بوادر خيبة أمل تتجمع فوق وجهها؟
    قلت محاولا أن أخفف عنها‏:‏ لو أشعلنا عود كبريت بجوار اللوحة ربما أضأنا الصحراء ورأينا قافلة الجمال‏.‏
    لم يضحك أحد‏.‏ وتجنبت أن أنظر إلي أحمد برهان‏.‏ ويبدو أنني قد تجاوزت حدودي‏,‏ إذ قالت فاطمة وهي لاتحول نظرها عن اللوحة‏:‏
    ـ ركز يافاضل‏.‏
    اقتربت كثيرا من اللوحة لكني لم أر شيئا بينما استمرت فاطمة تتفرس في
    اللوحة إلي أن سمعتها تصيح‏:‏ فانتاستيك‏!‏ إنني أري الكرافان‏..‏ هذه هي
    الجمال تسير في الظلام‏..‏ هل تراها يافاضل؟
    اقتربت بعيني من اللوحة حتي كاد وجهي يلتصق بها‏,‏ وخطر ببالي أن أقترح
    علي فاطمة إحضار نظارة القراءة من الداخل‏,‏ ولكني عدلت‏,‏ فماذا يضيرني
    أن أقول انني أري فعلا قافلة الجمال وفي آخرها تيس‏.‏
    ولكن أحمد برهان قال في قرف‏:‏ أنا لم أرسم تيسا‏.‏
    وقالت فاطمة‏:‏ ليس في اللوحة تيس‏.‏
    ندمت علي ماقلت‏,‏ ورحت أتفرس في اللوحة مرة أخري‏,‏ وفي رغبة مخلصة حاولت
    أن أعثر عبثا علي جمل واحد‏,‏ وأخيرا التفت نحو فاطمة وقلت‏:‏ فعلا‏..‏
    ليس في اللوحة تيس‏.‏
    جاء الدكتور عبود بينما كان أحمد برهان يضع اللوحة الثانية للعرض‏,‏ وكانت
    اللوحة كلها أيضا مطلية باللون الأصفر وفي أعلاها ثلاثة خطوط رمادية
    متوازية‏,‏ باهتة لاتكاد تبين‏.‏ غير أن الدكتور عبود اقترب من اللوحة
    الأولي السوداء ثم قال‏:‏ رائع‏!‏
    هل الرجل يجد أم يهزل؟؟ هل حقا يري قافلة جمال؟؟
    ولم أعد في حاجة لهذه الأسئلة بعد أن قال لأحمد برهان إن الألوان
    المستعملة في الجمال ذكية جدا‏.‏ وقال الدكتور عبود إنه يفخر بأن أحمد
    برهان تلميذه‏,‏ وإنه رائد وصاحب مدرسة جديدة هي المدرسة التركيزية‏,‏
    وأفاض في الحــديث عن أحمد برهان‏.‏
    أعدت فاطمة ميزانية باهظة للدعاية للمعرض واستئجار قاعة العرض بالفندق
    الكبير‏,‏ وإقامة حفل شاي‏,‏ وهي تأمل ـ مقابل هذه النفقات ـ أن تبيع نصف
    اللوحات لحسابها‏.‏ ورغم أني علي يقين من أن أملها في بيع اللوحات هو أمل
    إبليس في الجنة‏,‏ فإنني لم أتأخر عنها‏,‏ فقد أسرعت لأعرض قطعة أرض للبيع
    وأنا غير آسف علــــي مالي‏.‏ ففاطمة تستحق التضحية من أجلها‏.‏
    اتصلت سرا بجارنا الدكتور عاطف‏,‏ وهو رجل قانون جاف الطباع‏,‏ ولا يعرف
    المجاملة ولايقول إلا الحقيقة‏.‏ قلت له‏:‏ إنني أريده في أمر هام‏.‏
    تسللت إلي منزله باللوحة المطلية بالأسود وقلت له بعد أن وضعتها أمامه‏:‏ ماهذه؟
    قال كمن يخمن‏:‏ هذه سبورة؟؟
    قلت‏:‏ لايادكتور‏.‏ أنظر جيدا هذه قافلة جمال تسير في ليلة حالكة الظلام‏.‏
    هل تستطيع أن تري الجمال؟
    واقترب عاطف بنظره وأنا أقول له‏:‏ ركز من فضلك حتي تري كل شيء‏.‏
    تراجع عاطف وهو يقول‏:‏ لا أري شيئا‏.‏
    ـ بل لابد أن تري وتعترف أمامي أن هذه اللوحة فيها قافلة جمال حتي أستريح‏.‏
    ـ أعترف؟‏!‏ ماذا جري لك؟
    أثارت كلمة تعترف غضب الدكتور عاطف‏,‏ ولست أدري كيف تطور الأمر إلي
    مشادة‏,‏ ثم انتهي الموقف نهاية مؤسفة بأن أشار نحو باب الخروج قائلا‏:‏
    اتفضل‏.‏
    ‏***‏
    جاء السيد الوزير وافتتح معرض الفنان التركيزي أحمد برهان‏,‏ كان هناك حشد كبير من علية القوم وهواة الفن وسيدات النادي‏.‏
    لقد بيعت اللوحات جميعها‏.‏ ولوحات ليس فيها رسوم‏,‏ ولكنهـــــا مطليــــة بلون واحد الأصفر أو الأخضر أو الأسود‏.‏
    هل أنا مجنون أم كل هؤلاء مجانين‏.‏ لايمكن مثلا أن تكون السيدة التي
    اشترت اللوحة السوداء مجنونة لكي تدفع فيها خمسمائة جنيه‏,‏ فهي سيدة
    متزنة وترأس جمعية نسائية وتقتني لوحات رفيعة المستوي‏,‏ ولابد أنها رأت
    قافلة الجمال في اللوحة‏.‏
    لقد نجحت فاطمة وأنجبت عبقريا‏.‏ الآن هي تشعر أنها امرأة جميلة ونافعة أيضا‏.‏ الحمد لله‏.‏

    أقمنا حفلا في الفيلا بهذه المناسبة‏,‏ وفي منتصف الليل تسللت إلي منزل
    جاري الدكتور عاطف‏,‏ وعندما فتح لي الباب قلت له‏:‏ إن اللوحة فيها قافلة
    جمال‏,‏ فصفق الباب في وجهي وهو ينعتني بالسكران‏.‏ رجوته أن يفتح الباب
    لكي أناقشه‏,‏ وظللت أدق جرس الباب حتي جاءت شرطة النجدة وأمسكت بي‏.‏
    هل أنا مجنون عندما حاولت أن أؤكد له أن اللوحة فيها قافلة جمال تمشي؟ إن
    المجنون ياسيدي وكيل النيابة هو من يخرج عن إجماع المجتمع‏,‏ والمجتمع
    شاهد الجمال وهي تمشي في ظلام الصحراء‏..‏ فلماذا أصدرت قرارا بالكشف عن
    قواي العقلية‏.‏


    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 34
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد) 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد) Empty رد: قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد)

    مُساهمة من طرف Mr.mody الجمعة نوفمبر 28, 2008 6:24 am


    الأصــــــــــــــل والصـــــــــــــــــــورة

    بقلم : أحمد رجب


    ************************


    من سنين استقبلوني بترحاب في أحد المطارات العربية‏,‏ واندهشت بشدة لهذه
    الأهمية التي أحاطوني بها منذ اللحظة التي أمسك فيها الضابط بجواز سفري‏,‏
    ولم تطل دهشتي فقد صحبوني إلي غرفة بالمطار‏,‏ واتضح ـ دون أن أدري ـ ان
    اسمي كرابيت كركوريان وأنني عميل إسرائيلي اتقن التنكر وتغيير مظهري
    وجوازات سفري وآخر تغيير حدث لي هو انني غيرت لون شعري الكستنائي وأزلت
    شاربي‏!‏

    وصحيح أن إثبات شخصيتي استغرق بعض الوقت‏.‏ لكنه طال وكأنه دهر‏.‏ وتلمست
    العذر حقا لرجال الأمن في المطار عندما أبرزوا لي صورة كرابيت كركوريان ـ
    أوجرجوريان لا اذكر ـ فقد ذهلت وأنا أراه يكاد يكون توءما لي‏.‏ وسبحان
    الذي يخلق من الشبه اربعين‏!‏
    وبسبب هذا الحادث شعرت بانزعاج عندما نشرت إحدي المجلات العربية صورة ضمن
    كتاب آخرين وكتبت تحتها اسمي‏,‏ ولم تكن الصورة لي‏.‏ بل لرجل حاد الملامح
    قاسي العينين معقوف الانف وفي صفحة تالية وجدت صورتي منشورة مع تحقيق عن
    رجال المافيا وتحت صورتي كتبوا‏:‏
    جياكومو منجوزي رجل المافيا القوي‏.‏

    وعادت المجلة العربية تنشر تحقيقا عن الذين يقومون بتحرير باب البخت في
    الصحف فنشرت حديثي ومعه صورة رجل المافيا جياكومو منجوزي ومكتوب تحتها
    اسمي‏.‏

    وحاول مكتب القاهرة تصحيح هذا الخطأ فنشرت المجلة اعتذارا أوضحت فيه أن
    لبسا قد حدث وأن هذه هي صورة الأستاذ فلان الفلاني وكانت الصورة لجياكومو
    مونجوزي بينما كتبت تحت صورتي اسم جياكومي منجوزي‏.‏

    واتصلت بمركز المجلة في بيروت أستغيث من أن الإصرار علي نشر صورتي
    باعتباري جياكومو منجوزي سوف يسبب لي متاعب في المطارات وقد يعرضني
    للمطاردة بالمدافع الرشاشة‏.‏ فوعدني مدير التحرير بتدمير كل كليشيهات
    وأفلام جياكومو منجوزي‏.‏ فمزق ودمر كليشيهات صورتي أنا وأبقي صورة منجوزي
    مكتوبا تحتها اسمي‏!‏

    ‏*‏ ومقالب الصور لاتنتهي
    زمان كانت تصدر في القاهرة مجلة فكاهية اسمها البعكوكة‏,‏ وكان الشربيني
    افندي لايغفر لأي تلميذ يضبطه متلبسا بحيازة البعكوكة‏.‏ فما ان يقع هذا
    التلميذ بين يديه حتي ينهال عليه بالقول‏:‏ ياسوقي‏...‏ ياحثالة
    يافسل‏...‏ ياأرذل من خنيزع وياأحمق من هبنقة‏,‏ وماان ينتهي من هذا
    الموشح حتي يأمر التلميذ بأن يقلب ظهر يده ـ في عز البرد ـ ليتلقي عشرين
    مسطرة عقابا علي حيازة البعكوكة‏.‏

    ومن صور للشربيني افندي في رحلة مدرسية قصصنا صورة لوجهه وأرسلناها إلي
    مجلة البعكوكة وظهرت الصورة في صفحة مليئة بصور القراء وتحت الصورة
    الشربيني أفندي من أصدقاء البعكوكة وكانت مذبحة كبري للفصل ولا مذبحة
    المماليك‏.‏

    وفي الأربعينيات كان هناك ممثل اشبه تماما اسمه فرناندو لاماس فكنت اشتري
    عشرين صورة له من الحجم الصغير واستخدمها في بطاقات الكلية واشتراك
    المواصلات وما إلي ذلك وكانت العشرين صورة بقرش بينما الذهاب للمصور يكلف
    عشرة قروش‏..‏ فسعدت كثيرا بهذا الممثل الذي كان يتيح لي أن أصرف
    الميزانية المخصصة للتصوير الفوتوغرافي في الذهاب إلي السينما‏.‏ وظللت
    استخدم صوره لسنوات إلي أن دق باب البيت طارق يقول‏:‏ بوليس‏..‏
    ـ لماذا كفي الله الشر‏..‏
    ـ مطلوب للنيابة‏..‏

    ووقفت امام وكيل النيابة متهما بالتزوير في أوراق رسمية إذ قدمت طلبا إلي جهة حكومية مرفقا به صورتي‏.‏
    قال لي وكيل النيابة‏:‏ هل هذه صورتك؟
    ـ طبعا صورتي‏...‏

    قال وكيل النيابة‏:‏ مطبوع خلفها بالانجليزية فرناندو لاماس نجم مترو جولد وين ماير‏..‏ فهل تصر علي أقوالك؟
    وحكيت الحكاية لوكيل النيابة‏:‏

    وأصبح وكيل النيابة الذي حقق معي من أعز الأصدقاء وهو المستشار ناصر مرسي السفير السابق بالخارجية‏!‏
    الكرسي الكهربائي

    زارني شاب من أقربائي يرجوني أن أقنع عروسه بأن تتخلي عن التقاليد البالية
    في إقامة الفرح مع استعداده لوضع نفقات الفرح رصيدا باسمها في البنك‏.‏

    ثم سألني بالله عليك مامعني أن أمشي في زفة ومن حولي الراقصات وما معني أن
    أجلس في كوشة محاطة بالورود‏,‏ ومامعني هذه الكوشة نفسها‏.‏
    وسرحت بخواطري‏:‏ حقا ما معني هذه الكوشة؟ إنها ليست إلا قفصا للفرجة عليك
    ياولدي وكأنك في حديقة حيوان وهي قفص لاينقصه غير لافتة مكتوب عليها هذا
    العريس موطنه المكان الفلاني‏.‏ تم صيده يوم كذا‏.‏ ويتم ابتداء من الليلة
    استئناسه ليصبح أليفا‏.‏

    ولم أقل لقريبي العريس إن عنده حقا فيما يسعي إليه‏.‏ فالهدف من الفرح هو
    تحقيق ركن العلانية في الزواج ليعرف الكافة في كل مكان‏.‏ إن فلانا قد
    تزوج من فلانة‏.‏ ولو أننا استبعدنا الفرح فسوف يتحقق ركن العلانية أيضا
    ويعرف الناس أن فلانا قد تزوج فلانة عندما يسمعون الزعيق الذي يصدر عن
    الشقة بعد شهر العسل‏.‏
    لذلك يمكن الاستغناء عن الفرح بنشر صورة العروسين وكل منهما يسقي الآخر
    الشربات من كأسه وهذا يرمز إلي أن كلا منهما سيسقي الآخر من كأس
    الزواج‏..‏ هل هذا الشاب جاد في ثورته علي التقاليد البالية التي تبدد
    المال بلا داع علي الافراح والليالي الملاح‏..‏ حتي ولو كان كذلك‏..‏
    لماذا لايضحي ويسعد خطيبته بالفرح والجلوس في الكوشة ويسعد معه الآخر
    أيضا‏.‏

    إن التطلع إلي عروسين يجلسان في الكوشة أمر يسعد كل امرأة ويذكرها بليلة
    العمر‏,‏ ويسعد الأمهات والآباء وهم يتمثلون أبناءهم وبناتهم في تطلعاتهم
    الي العروسين‏,‏ كما ان بعض المدعوين من المجربين والحكماء يجدون متعة في
    التطلع بكثير من الحيرة والدهشة إلي رجل يتزوج طواعية‏.‏

    والأرجح ـ قلت لنفسي ـ إن المسألة ليست مسألة تقاليد يحاول العريس أن
    يقاومها فلعله يخشي الجلوس في كوشة الزفاف تجنبا للمشاعر والأفكار التي
    انتابت عرسانا من قبله فغافلوا العروس وهربوا من الكوشة وكتبت لهم حياة
    جديدة‏.‏
    ولعل هذا هو الهدف الرئيسي الذي كان ينشده مخترع الكوشة‏.‏ الذي يهرب منها
    لايصلح للزواج والذي يصمد فيها هو الزوج الصالح‏.‏ فالعرسان في الدنيا
    كلها يتعرضون بشكل أو بآخر لعمليات اختبار قاسية تمتحن خشونتهم ومدي
    تحملهم للمسئولية بأعصاب هادئة متزنة‏.‏ ففي شبه القارة الهندية مثلا
    مجتمعات تحرص علي شتم العريس بألفاظ مقذعة وهو يواجه هذا كله بالابتسام
    للتدليل علي أن أعصابه قوية ومؤهلة لأخطار الزواج وفي جزيرة بالي يخطف
    العريس عروسه بشكل رومانسي وينتهي به الأمر غالبا بنقل العريس إلي عنبر
    الكسور‏.‏ وفي مجتمعات افريقية يضربون العريس بالسهام غير السامة حتي
    يخرجوا الشيطان من جسمه ويصبح ابن حلال‏.‏ وفي مجتمعات أخري يطلقون علي
    العريس أسدا أو فهدا لاختبار قوة احتماله‏.‏ وكثيرا ما يحتفلون بهذا
    العريس بعد ذلك احتفالا مهيبا في مدافـــن الأسرة‏.‏
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 34
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد) 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد) Empty رد: قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد)

    مُساهمة من طرف Mr.mody الجمعة نوفمبر 28, 2008 6:24 am


    الحب علي الطريقة اليابانية‏..!‏

    بقلم‏:‏ أحمد رجب


    أحسن امرأة في العالم تعامل الرجل معاملة سي السيد هي المرأة اليابانية‏!‏
    فهي عاشقة رومانسية ومربية للأولاد وخادمة تمسح البلاط وست بيت ممتازة
    وسيدة مجتمع عظيمة‏:‏ وأهم من هذا كله أنها لا تعرف الساطور والأكياس
    البلاستيك‏!‏

    غير أن الحب علي الطريقة اليابانية صعب جدا‏,‏ والوصول إلي قلب الجميلة
    ميتشيكو ــ مثلا ــ مهمة عسيرة‏,‏ فاذا افترضنا انك قطعت المراحل
    المعروفة‏:‏ نظرة فابتسامة فسلام فكلام‏,‏ عز عليك الموعد واللقاء‏.‏ إذ
    لو سألت تلك الجميلة هل تحبينني ياميتشيكو‏,‏ فسوف تبرز أمامك المشكلة
    الأولي وهي أن كلمة الحب ومشتقاتها ــ غير موجودة في القاموس الياباني‏!‏

    ويقول تاكيشي موراماتسو ــ وهو من أشهر الكتاب اليابانيين ــ إن الذين
    يقومون بترجمة الآداب الغربية الي اللغة اليابانية يجدون صعوبة بالغة فيما
    يتعلق بالتعبيرات العاطفية مثل أنا احبك فلا يوجد نظيرها في اللغة
    اليابانية‏,‏ إذ يستخدم اليابانيون الأسلوب غير المباشر للتعبير عن
    عواطفهم‏,‏ وإذا كان بعض اليابانيين قد بدأوا في استخدام تعبير أنا
    أحبك‏,‏ فإن هذا التعبير غير مقبول حتي الان علي المستوي الشعبي‏!‏

    فإذا أنت أدركت الطريقة الصحيحة التي تعبر بها عن عواطفك للجميلة ميتشيكو
    ثم سألتها هل تبادلك الحب أم لا‏,‏ فهناك مطب آخر أمامك وهو ان اليابانيين
    ــ كما يقول موراماتسو ــ لا يستخدمون بوضوح كلمتي نعم ولا فهم يستعملون
    في حياتهم اليومية تعبيرات مختلفة فيقولون مثلا اهكذا؟ بدلا من كلمة لا ثم
    لديهم تعبيرات عديدة اخري تحل محل نعم دون أن يفهمها الاجنبي‏,‏ الامر
    الذي يجعل الاجانب ــ كما يقول الكاتب ــ يعتبرون اليابانيين كذابين
    ومراوغين‏,‏ بينما هم في الحقيقة يستخدمون تلك التعبيرات البديلة لانهم
    يخشون إيذاء مشاعر الاخرين بالتعبيرات القاطعة الحادة مثلا‏:‏ لا‏!‏

    فاذا قالت لك ميتشيكو‏:‏ اهكذا؟ ردا علي سؤالك هل هي تحبك أم لا‏.‏ فلا تنخدع بابتسامتها اذ من المحتمل ان تستدعي لك شرطة الاداب‏.‏

    ويقول الكاتب الياباني إن تعبير هذه المائدة مثلا له أكثر من عشرة تعبيرات
    مختلفة‏,‏ منها تعبير بالغ الرقة وتعبير لا يستخدمه إلا النساء ورابع
    تستخدمه المرأة مع الأصدقاء المقربين‏,‏ ويتحتم علي المتحدث اختيار
    التعبير المناسب وفقا للجنس والعلاقة مع المتحدث والجو الذي يسود
    الحديث‏,‏ فإذا أخطأ موظف مثلا مع مدير الشركة في اختيار التعبير المناسب
    فهو لا يستطيع أن يطمئن علي مستقبله وإذا قال رجل لميتشيكو الحسناء هذه
    المائدة بالتعبير الذي تستخدمه النساء فسوف ترقع ميتشيكو بالصوت الحياني
    من شدة الصدمة‏,‏ وربما رددت عبارات ياميلة بختك يا ميتشيكو يا‏.‏ فمن
    المستحيل ــ والحال كذلك ــ أن تحب أي يابانية دون أن تكون ضليعا في
    لغتها‏!‏

    كيف تحب حسناء يابانية دون أن تستعمل كلمة حب التي لا تعرفها هي؟ عليك ــ
    حسب التقاليد ــ أن تنظم لها قصيدة صغيرة تبعث بها إليها‏.‏ تقول فيها‏:‏
    القمر يتوسط السماء ودمعي يسيل وأنا أنظر إلي القمر‏,‏ هنا تستشف هي
    عواطفه التي تعبر عن تعلقه بها‏,‏ هذه القصيدة القصيرة جدا ترجمتها
    بالعربي‏:‏ أحب والحب كواني ومش قادر علي بعدك ثانية ولا عارف ايه طعم
    الدنيا‏.‏

    وإذا كانت ميتشيكو من النساء المتعاليات فهي لن ترد عليك الا بعد عدد كبير
    من القصائد كذلك يمكنك أن تعتمد علي القصائد القديمة الشهيرة‏,‏ فاذا كان
    بيت الشعر يحتوي علي عبارات غزل في شطره الثاني فعليك ان تبعث بالشطر
    الأول فقط‏,‏ وميتشيكو التي تحفظ القصيدة سوف تدرك ماذا تعني برسالتك
    الشعرية‏.‏ وهكذا تري أن الطريق إلي الجميلة ميتشيكو يلزمه أن يحوز العاشق
    رسالة دكتوراة في الادب الياباني‏..‏ وإلا أصبح قليل الأدب‏!‏






    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 34
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد) 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد) Empty رد: قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد)

    مُساهمة من طرف Mr.mody الجمعة نوفمبر 28, 2008 6:25 am


    كوز الغرام‏..‏

    بقلم احمد رجب


    ********************

    لاشك أن الإنسان حيوان غنائي ينزع إلي سماع الغناء ويميل أكثر الي
    ممارسته‏,‏ فالغناء نوع من النرجسية‏,‏ إذ كما يحب الإنسان رؤية صورته في
    المرآة يهوي أيضا سماع صوته مترنما‏,‏ ولهذا نلاحظ أن الغدد الغنائية عند
    الإنسان تزداد نشاطا في الحمام‏,‏ وفي الحمام وغير الحمام الكل يغني‏,‏
    البعض يغني في الخفاء‏,‏ أحيانا حفظا للوقار أو خجلا من ان صوته عورة
    ينبغي اخفاؤها‏,‏ لكن هناك فئة ضعفت عندهم مراكز الخجل فاصبحوا يغنون بلا
    حياء‏,‏ وهؤلاء هم بنوكاسيت من التتار الذين أشعلوا النار في الحضارة
    الموسيقية والغنائية‏.‏

    وهناك من يتهم الرقابة علي المصنفات الفنية‏,‏ ولست
    أدري ما حيلة الرقابة في أغنية تقول لبست له التوب البفته وعزمته علي اكله
    كفته‏,‏ فهذا كلام في رأي الرقابة لا يمس النظام العام أو الأداب‏,‏ لان
    لبس التوب البفته لا يعتبر خطيئة‏,‏ ولا أكل الكفته يعتبر رذيلة‏,‏ واذا
    ما غني مطرب‏:‏ اديني بنطة لحام كوز المحبة اتخرم والبنطة هي قطعة الحديد
    التي يتركها السباك تتوهج في اللهب ليلحم بها الثقوب والمعادن وبناء عليه
    فالبنطة ليست كلمة بذيئة‏,‏ والكوز ليس كلمة نابية‏,‏ وفي عصر الفن
    التتاري يرتقي خيال الشاعر التتاري إلي هذه الآفاق الجديدة فيشبه غرامه
    بالمحبوب بسائل في كوز‏,‏ ويشبه الجفوة مع الحبيب بثقب في هذا الكوز يتسرب
    منه الغرام فيطلب من سباك الغرام بنطة لحام لسد ثقب الكوز‏:‏ اديني بنطة
    لحام كوز المحبة اتخرم؟‏!‏


    وفي كل عصر توجد الأغاني الهابطة الي جوار الأغاني
    الرفيعة‏,‏ ففي الزمان الذي قال فيه أمير الشعراء في الليل لما خلي‏,‏
    وقال رامي من كتر شوقي سبقت عمري وقال بيرم النسمة أحسبها خطاك وقال مأمون
    الشناوي لو كنت أقدر أحب تاني أحبك انت‏..‏ عندما قال هؤلاء العمالقة هذه
    المعاني في رومانسياتهم الشهيرة كان هناك من يقول ولما تجيني امك تدور
    عليك ح حطك في عيني واتكحل عليك‏,‏ ومن يقول ياشبشب الهنا ياريتني كنت
    انا‏,‏ ومن يقول‏:‏ بعد العشا يحلا الهزار والفرفشة‏,‏ ومن يقول‏:‏ انسي
    اللي فات وتعال بات‏.‏

    لكن هذه الأغاني الهابطة لم تكن ذات تأثير وأغاني العمالقة بجوارها ترتفع
    بالذوق وتثري الوجدان غير أن زماننا خلا من أغاني العمالقة فانفرد التتار
    بالساحة وسادت أغاني كوز الغرام المخروم‏.‏

    ولا يمكن القول بأن علي الاذاعة ان ترتفع بالذوق
    العام‏.‏ الحقيقة أن الإذاعة‏-‏ في العالم كله‏-‏ انتهت كقوة مؤثرة في
    الذوق العام‏,‏ والسبب عصر الكاسيت‏,‏ إذ أصبح الإنسان العصري يمتلك إذاعة
    شخصية تذيع له ما يشاء في البيت والسيارة‏,‏ وبهذه الإذاعات الملاكي حقق
    مطرب الكوز شهرة مدوية دون ان يقف أمام ميكروفون الإذاعة ولا مرة واحدة‏.‏

    ولن أنسي تلك الليلة التي اضطررت فيها إلي ركوب ميكروباص أجرة‏,‏ وكان
    السائق يردد مع الصوت القبيح المنبعث من الكاسيت انا روميو حبيبك ياجوليا
    حبيني يابنت الفاصوليا‏.‏

    ولما أبديت دهشتي من كلمات الأغنية واستفسرت عن اسم
    الشركة التي أنتجتها واسم الجحش الذي يغنيها‏,‏ اعتبرني الركاب إنسانا
    شاذا لانني أبدي قرفا واضحا‏,‏ ومع ذلك توقف السائق وسحب أغنية جوليا بنت
    الفاصوليا من الكاسيت ووضع أغنية أخري فهمت منها أنني يجب أن أغادر
    الميكروباص فورا‏,‏ إذ انبعث من الكاسيت صوت غوغائي يقول‏:‏أيامنا لا ممكن
    ح تعود اتفضل من غير مطرود‏!
    Mr.mody
    Mr.mody
    أيام وبنعشها ..!


    ذكر
    عدد الرسائل : 2041
    العمر : 34
    المزاج : رايق
    احترام المنتدى : قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد) 111010
    تاريخ التسجيل : 03/10/2008

    قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد) Empty رد: قصص وكتابات الاستاذ احمد رجب ( متجدد)

    مُساهمة من طرف Mr.mody الجمعة نوفمبر 28, 2008 6:27 am

    الأصــــــــــــــل والصـــــــــــــــــــورة

    بقلم : أحمد رجب


    من سنين استقبلوني بترحاب في أحد المطارات العربية‏,‏ واندهشت بشدة لهذه
    الأهمية التي أحاطوني بها منذ اللحظة التي أمسك فيها الضابط بجواز سفري‏,‏
    ولم تطل دهشتي فقد صحبوني إلي غرفة بالمطار‏,‏ واتضح ـ دون أن أدري ـ ان
    اسمي كرابيت كركوريان وأنني عميل إسرائيلي اتقن التنكر وتغيير مظهري
    وجوازات سفري وآخر تغيير حدث لي هو انني غيرت لون شعري الكستنائي وأزلت
    شاربي‏!‏

    وصحيح أن إثبات شخصيتي استغرق بعض الوقت‏.‏ لكنه طال وكأنه دهر‏.‏ وتلمست
    العذر حقا لرجال الأمن في المطار عندما أبرزوا لي صورة كرابيت كركوريان ـ
    أوجرجوريان لا اذكر ـ فقد ذهلت وأنا أراه يكاد يكون توءما لي‏.‏ وسبحان
    الذي يخلق من الشبه اربعين‏!‏
    وبسبب هذا الحادث شعرت بانزعاج عندما نشرت إحدي المجلات العربية صورة ضمن
    كتاب آخرين وكتبت تحتها اسمي‏,‏ ولم تكن الصورة لي‏.‏ بل لرجل حاد الملامح
    قاسي العينين معقوف الانف وفي صفحة تالية وجدت صورتي منشورة مع تحقيق عن
    رجال المافيا وتحت صورتي كتبوا‏:‏
    جياكومو منجوزي رجل المافيا القوي‏.‏

    وعادت المجلة العربية تنشر تحقيقا عن الذين يقومون بتحرير باب البخت في
    الصحف فنشرت حديثي ومعه صورة رجل المافيا جياكومو منجوزي ومكتوب تحتها
    اسمي‏.‏

    وحاول مكتب القاهرة تصحيح هذا الخطأ فنشرت المجلة اعتذارا أوضحت فيه أن
    لبسا قد حدث وأن هذه هي صورة الأستاذ فلان الفلاني وكانت الصورة لجياكومو
    مونجوزي بينما كتبت تحت صورتي اسم جياكومي منجوزي‏.‏

    واتصلت بمركز المجلة في بيروت أستغيث من أن الإصرار علي نشر صورتي
    باعتباري جياكومو منجوزي سوف يسبب لي متاعب في المطارات وقد يعرضني
    للمطاردة بالمدافع الرشاشة‏.‏ فوعدني مدير التحرير بتدمير كل كليشيهات
    وأفلام جياكومو منجوزي‏.‏ فمزق ودمر كليشيهات صورتي أنا وأبقي صورة منجوزي
    مكتوبا تحتها اسمي‏!‏

    ‏*‏ ومقالب الصور لاتنتهي
    زمان كانت تصدر في القاهرة مجلة فكاهية اسمها البعكوكة‏,‏ وكان الشربيني
    افندي لايغفر لأي تلميذ يضبطه متلبسا بحيازة البعكوكة‏.‏ فما ان يقع هذا
    التلميذ بين يديه حتي ينهال عليه بالقول‏:‏ ياسوقي‏...‏ ياحثالة
    يافسل‏...‏ ياأرذل من خنيزع وياأحمق من هبنقة‏,‏ وماان ينتهي من هذا
    الموشح حتي يأمر التلميذ بأن يقلب ظهر يده ـ في عز البرد ـ ليتلقي عشرين
    مسطرة عقابا علي حيازة البعكوكة‏.‏

    ومن صور للشربيني افندي في رحلة مدرسية قصصنا صورة لوجهه وأرسلناها إلي
    مجلة البعكوكة وظهرت الصورة في صفحة مليئة بصور القراء وتحت الصورة
    الشربيني أفندي من أصدقاء البعكوكة وكانت مذبحة كبري للفصل ولا مذبحة
    المماليك‏.‏

    وفي الأربعينيات كان هناك ممثل اشبه تماما اسمه فرناندو لاماس فكنت اشتري
    عشرين صورة له من الحجم الصغير واستخدمها في بطاقات الكلية واشتراك
    المواصلات وما إلي ذلك وكانت العشرين صورة بقرش بينما الذهاب للمصور يكلف
    عشرة قروش‏..‏ فسعدت كثيرا بهذا الممثل الذي كان يتيح لي أن أصرف
    الميزانية المخصصة للتصوير الفوتوغرافي في الذهاب إلي السينما‏.‏ وظللت
    استخدم صوره لسنوات إلي أن دق باب البيت طارق يقول‏:‏ بوليس‏..‏
    ـ لماذا كفي الله الشر‏..‏
    ـ مطلوب للنيابة‏..‏

    ووقفت امام وكيل النيابة متهما بالتزوير في أوراق رسمية إذ قدمت طلبا إلي جهة حكومية مرفقا به صورتي‏.‏
    قال لي وكيل النيابة‏:‏ هل هذه صورتك؟
    ـ طبعا صورتي‏...‏

    قال وكيل النيابة‏:‏ مطبوع خلفها بالانجليزية فرناندو لاماس نجم مترو جولد وين ماير‏..‏ فهل تصر علي أقوالك؟
    وحكيت الحكاية لوكيل النيابة‏:‏

    وأصبح وكيل النيابة الذي حقق معي من أعز الأصدقاء وهو المستشار ناصر مرسي السفير السابق بالخارجية‏!‏

      الوقت/التاريخ الآن هو السبت نوفمبر 23, 2024 9:10 am