<table cellSpacing=0 cellPadding=0 width="100%" border=0 hspace="0" vspace="0"><tr><td align=right width="99%">حدثنا عبد الله بن مسلمة قال قرأت على مالك عن ابن شهاب أن عمر بن عبد العزيز أخر الصلاة يوما فدخل عليه عروة بن الزبير فأخبره أن المغيرة بن شعبة أخر الصلاة يوما وهو بالعراق فدخل عليه أبو مسعود الأنصاري فقال ما هذا يا مغيرة أليس قد علمت أن جبريل صلى الله عليه وسلم نزل فصلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم صلى فصلى رسول الله صلى الله عليه وسلم ثم قال بهذا أمرت فقال عمر لعروة اعلم ما تحدث أوأن جبريل هو أقام لرسول الله صلى الله عليه وسلم وقت الصلاة قال عروة كذلك كان بشير بن أبي مسعود يحدث عن أبيه قال عروة ولقد حدثتني عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها قبل أن تظهر </TD> <td align=right width="1%"></TD></TR></TABLE> |
فتح الباري بشرح صحيح البخاري
قوله ( حدثنا عبد الله بن مسلمة ) هو القعنبي , وهذا الحديث أول شيء في الموطأ , ورجاله كلهم مدنيون . قوله ( أخر الصلاة يوما ) وللمصنف في بدء الخلق من طريق الليث عن ابن شهاب بيان الصلاة المذكورة ولفظه " أخر العصر شيئا " قال ابن عبد البر : ظاهر سياقه أنه فعل ذلك يوما ما , لا أن ذلك كان عادة له وإن كان أهل بيته معروفين بذلك ا ه . وسيأتي بيان ذلك قريبا في " باب تضييع الصلاة عن وقتها " وكذا في نسخة الصغاني , وفي رواية عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب " أخر الصلاة مرة " يعني العصر , وللطبراني من طريق أبي بكر بن حزم أن عروة حدث عمر بن عبد العزيز - وهو يومئذ أمير المدينة في زمان الوليد بن عبد الملك - وكان ذلك زمان يؤخرون فيه الصلاة , يعني بني أمية . قال ابن عبد البر : المراد أنه أخرها حتى خرج الوقت المستحب , لا أنه أخرها حتى غربت الشمس ا ه . ويؤيده سياق رواية الليث المتقدمة . وأما ما رواه الطبراني من طريق يزيد بن أبي حبيب عن أسامة بن زيد الليثي عن ابن شهاب في هذا الحديث قال " دعا المؤذن لصلاة العصر فأمسى عمر بن عبد العزيز قبل أن يصليها " فمحمول على أنه قارب المساء لا أنه دخل فيه . وقد رجع عمر بن عبد العزيز عن ذلك , فروى الأوزاعي عن عاصم بن رجاء بن حيوة عن أبيه أن عمر بن عبد العزيز - يعني في خلافته - كان يصلي الظهر في الساعة الثامنة والعصر في الساعة العاشرة حين تدخل . قوله ( أو أن جبريل ) بفتح الهمزة وهي للاستفهام والواو هي العاطفة والعطف على شيء مقدر وبكسر همزة إن ويجوز الفتح . قوله ( وقوت الصلاة ) كذا للمستملي بصيغة الجمع , وللباقين " وقت الصلاة " بالإفراد وهو للجنس . قوله ( كذلك كان بشير ) هو بفتح الموحدة بعدها معجمة بوزن فعيل . وهو تابعي جليل ذكر في الصحابة لكونه ولد في عهد النبي صلى الله عليه وسلم ورآه . قال ابن عبد البر : هذا السياق منقطع عند جماعة من العلماء ; لأن ابن شهاب لم يقل حضرت مراجعة عروة لعمر , وعروة لم يقل حدثني بشير , لكن الاعتبار عند الجمهور بثبوت اللقاء والمجالسة لا بالصيغ ا ه . وقال الكرماني : اعلم أن الحديث بهذا الطريق ليس متصل الإسناد إذ لم يقل أبو مسعود : شاهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولا قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم . قلت : هذا لا يسمى منقطعا اصطلاحا وإنما هو مرسل صحابي ; لأنه لم يدرك القصة , فاحتمل أن يكون سمع ذلك من النبي صلى الله عليه وسلم أو بلغه عنه بتبليغ من شاهده أو سمعه كصحابي آخر . على أن رواية الليث عند المصنف تزيل الإشكال كله , ولفظه " فقال عروة : سمعت بشير بن أبي مسعود يقول : سمعت أبي يقول : سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول " فذكر الحديث . وكذا سياق ابن شهاب , وليس فيه التصريح بسماعه له من عروة , وابن شهاب قد جرب عليه التدليس , لكن وقع في رواية عبد الرزاق عن معمر عن ابن شهاب قال " كنا مع عمر بن عبد العزيز " ; فذكره . وفي رواية شعيب عن الزهري " سمعت عروة يحدث عمر بن عبد العزيز " الحديث . قال القرطبى : قول عروة إن جبريل نزل ليس فيه حجة واضحة على عمر بن عبد العزيز إذ لم يعين له الأوقات . قال : وغاية ما يتوهم عليه أنه نبهه وذكره بما كان يعرفه من تفاصيل الأوقات . قال : وفيه بعد , لإنكار عمر على عروة حيث قال له " اعلم ما تحدث يا عروة " قال : وظاهر هذا الإنكار أنه لم يكن عنده علم من إمامة جبريل . قلت : لا يلزم من كونه لم يكن عنده علم منها أن لا يكون عنده علم بتفاصيل الأوقات المذكورة من جهة العمل المستمر , لكن لم يكن يعرف أن أصله بتبيين جبريل بالفعل , فلهذا استثبت فيه وكأنه كان يرى أن لا مفاضلة بين أجزاء الوقت الواحد , وكذا يحمل عمل المغيرة وغيره من الصحابة , ولم أقف في شيء من الروايات على جواب المغيرة لأبي مسعود والظاهر أنه رجع إليه والله أعلم . وأما ما زاده عبد الرزاق في مصنفه عن معمر عن الزهري في هذه القصة قال : فلم يزل عمر يعلم الصلاة بعلامة حتى فارق الدنيا , ورواه أبو الشيخ في " كتاب المواقيت " له من طريق الوليد عن الأوزاعي عن الزهري قال " ما زال عمر بن عبد العزيز يتعلم مواقيت الصلاة حتى مات " . ومن طريق إسماعيل بن حكيم " أن عمر بن عبد العزيز جعل ساعات ينقضين مع غروب الشمس " زاد من طريق ابن إسحاق عن الزهري " فما أخرها حتى مات " فكله يدل على أن عمر لم يكن يحتاط في الأوقات كثير احتياط إلا بعد أن حدثه عروة بالحديث المذكور . ( تنبيه ) : ورد في هذه القصة من وجه آخر عن الزهري بيان أبي مسعود للأوقات وفي ذلك ما يرفع الإشكال , ويوضح توجيه احتجاج عروة به , فروى أبو داود وغيره وصححه ابن خزيمة وغيره من طريق ابن وهب , والطبراني من طريق يزيد بن أبي حبيب كلاهما عن أسامة بن زيد عن الزهري هذا الحديث بإسناده وزاد في آخره " قال أبو مسعود : فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي الظهر حين تزول الشمس " فذكر الحديث . وذكر أبو داود أن أسامة بن زيد تفرد بتفسير الأوقات فيه , وأن أصحاب الزهري لم يذكروا ذلك . قال : وكذا رواه هشام بن عروة وحبيب بن أبي مرزوق عن عروة لم يذكرا تفسيرا ا ه . ورواية هشام أخرجها سعيد بن منصور في سننه , ورواية حبيب أخرجها الحارث بن أبي أسامة في مسنده . وقد وجدت ما يعضد رواية أسامة ويزيد عليها أن البيان من فعل جبريل , وذلك فيما رواه الباغندي في " مسند عمر بن عبد العزيز " والبيهقي في " السنن الكبرى " من طريق يحيى بن سعيد الأنصاري عن أبي بكر بن حزم أنه بلغه عن أبي مسعود , فذكره منقطعا , لكن رواه الطبراني من وجه آخر عن أبي بكر عن عروة , فرجع الحديث إلى عروة , ووضح أن له أصلا , وأن في رواية مالك ومن تابعه اختصارا , وبذلك جزم ابن عبد البر , وليس في رواية مالك ومن تابعه ما ينفي الزيادة المذكورة فلا توصف والحالة هذه بالشذوذ . وفي الحديث من الفوائد : دخول العلماء على الأمراء , وإنكارهم عليهم ما يخالف السنة , واستثبات العالم فيما يستغربه السامع , والرجوع عند التنازع إلى السنة . وفيه فضيلة عمر بن عبد العزيز . وفيه فضيلة المبادرة بالصلاة في الوقت الفاضل . وقبول خبر الواحد الثبت . واستدل به ابن بطال وغيره على أن الحجة بالمتصل دون المنقطع ; لأن عروة أجاب عن استفهام عمر له لما أن أرسل الحديث بذكر من حدثه به فرجع إليه , فكأن عمر قال له : تأمل ما تقول , فلعله بلغك عن غير ثبت . فكأن عروة قال له : بل قد سمعته ممن قد سمع صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم والصاحب قد سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم . واستدل به عياض على جواز الاحتجاج بمرسل الثقة كصنيع عروة حين احتج على عمر قال : وإنما راجعه عمر لتثبته فيه لا لكونه لم يرض به مرسلا . كذا قال , وظاهر السياق يشهد لما قال ابن بطال . وقال ابن بطال أيضا : في هذا الحديث دليل على ضعف الحديث الوارد في أن جبريل أم بالنبي صلى الله عليه وسلم في يومين لوقتين مختلفين لكل صلاة , قال : ; لأنه لو كان صحيحا لم ينكر عروة على عمر صلاته في آخر الوقت محتجا بصلاة جبريل مع أن جبريل قد صلى في اليوم الثاني في آخر الوقت وقال " الوقت ما بين هذين " وأجيب باحتمال أن تكون صلاة عمر كانت خرجت عن وقت الاختيار وهو مصير ظل الشيء مثليه , لا عن وقت الجواز وهو مغيب الشمس , فيتجه إنكار عروة , ولا يلزم منه ضعف الحديث . أو يكون عروة أنكر مخالفة ما واظب عليه النبي صلى الله عليه وسلم وهو الصلاة في أول الوقت ورأى أن الصلاة بعد ذلك إنما هي لبيان الجواز , فلا يلزم منه ضعف الحديث أيضا . وقد روى سعيد بن منصور من طريق طلق بن حبيب مرسلا قال " إن الرجل ليصلي الصلاة وما فاتته , ولما فاته من وقتها خير له من أهله وماله " ورواه أيضا عن ابن عمر من قوله , ويؤيد ذلك احتجاج عروة بحديث عائشة في كونه صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس في حجرتها , وهي الصلاة التي وقع الإنكار بسببها وبذلك تظهر مناسبة ذكره لحديث عائشة بعد حديث أبي مسعود ; لأن حديث عائشة يشعر بمواظبته على صلاة العصر في أول الوقت , وحديث أبي مسعود يشعر بأن أصل بيان الأوقات كان بتعليم جبريل . قوله ( قال عروةحدثتني عائشة ) قال الكرماني : هو إما مقول ابن شهاب أو تعليق من البخاري . قلت : الاحتمال الثاني - على بعده - مغاير للواقع كما سيظهر في " باب وقت العصر " قريبا . فقد ذكره مسندا عن ابن شهاب عن عرو : ولقد ة عن عائشة فهو مقوله وليس بتعليق , وسنذكر الكلام على فوائده هناك إن شاء الله تعالى |